اويتكم منذ آلاف السنين ، وأبعدت عنكم الغربة ، وحاربت عنكم المتربصين ، اسقيتكم ماءا فراتا ، وحفرت لكم في احشائي ابارا ماؤها يسحر العيون ، منحتكم نعمة التمر والعنب والزيتون ، وقدمت لكم اطياب التين والسدير والتوت ، وفي زيت يضيئ وكافور وفوسفات وكبريت ، وعندي سليكات يتحسر عليها الصناعيون ، وزئبق احمر سرقه الامريكيون ، ولكم عندي متاحف خلقتها يد ابنائي تتمناها الشعوب سرقتموها بدم بارد وعرضتم محتواها بابسط الاثمان ، قدمت لكم الغالي والنفيس من نتاج افكار ابنائي على مر التاريخ ، علمتكم القراءة والكتابة ، واستبقت بكم الزمن لاقدم لكم الات الطبع والنقش ، والمحراث
والثور القوي ، وعلمت أجدادهم صناعة الناعور لرفع المياه ، صرت لكم بلد الزقورة لتتفاخروا بها امام الشعوب ، علمتكم الزراعة والصناعة وصرت ملتقى طرق التجارة، أصبحت لكثرة خيراتي محط أنظار الطامعين ، وهدف التتار والهولاكيين ، ومن بعدهم العثمانيين والبريطانيين ، وهؤلاء غرباء طامعين، لا لوم عليهم ، اللوم كل اللوم على ابنائي الذين ولدوا بين احشائي ، لماذا هم أعدائي .؟ الأجنبي لا يلام فهو متهافت على انتزاع خيراتي وهو أجنبي ، لماذا أنت يا عراقي تسرق ممتلكاتي .؟ ، لماذا تبيعني للاجنبي ،؟ لماذا تولي علي الغريب .؟ انا وطنك . هو عدوك ، انا مسقط رأسك ، هو يريد رأسك ، لماذا لم تعد تفهم ،انا لست سببا في الحكومات الجائرة ، انا لم اكن يوما جائرا بحقك ، انت من تقبل بتلك الحكومات، انت يا عراقي هاوي الزعامات. واذا لم تكن لك زعامة خلقتها واضفيت عليها صفة القدسية وعلو المقام ، انا لم اولي جائرا ، بل جار الجميع على أنفسهم وأنا أتابع هفواتهم ، الكل يريد الزعامة ، الكل يريد ان يكون قائدا ، الكل مستعد لان يبيع الوطن بابخس ثمن ، واليوم يبيعني الكثير ، فهذا موال لفلان وذاك عبد لعلان ، ولم تعد قيمة للأوطان ، وشكواي هذه عتب تسبقه مرارة ، من ابنائي وهم في اسوأ خسارة ، وخسارتي هذه عملوها بغباء وجدارة …