18 ديسمبر، 2024 6:38 م

العراق وطن للإنتاج و الإبداع و ليس تكية لتوزيع الرواتب و البطانيات

العراق وطن للإنتاج و الإبداع و ليس تكية لتوزيع الرواتب و البطانيات

وجدت الأحزاب الحاكمة بأن أفضل طريقة مضمونة للحصول على الأصوات الإنتخابية للبقاء في السلطة هي تعيين موظفين يدينون لها بالولاء في المؤسسات الحكومية المهيمنين عليها، و لكون هذه الطريقة مضمونة جدا ً لجأت هذه الأحزاب على تعيين المزيد بحيث أصبحت هذه المؤسسات متخمة بالبطالة المقنعة و كما يشير إلى ذلك المطلعين على النظام الإداري للدولة، و المهم بالموضوع هو الأصوات الإنتخابية مقابل الرواتب الوظيفية و التقاعدية. أما الطريقة الأخرى التي إكتشفتها هذه الأحزاب لضمان الأصوات الإنتخابية فهي توزيع البطانيات على الناس البسطاء في زمن الحملات الإنتخابية. طبعا ً الرواتب الوظيفية و التقاعدية فهي من الميزانية العامة للدولة و هي تصرف بطريقة قانونية، أما أموال البطانيات فهي أيضا ً من الميزانية العامة للدولة و لكنها تخرج منها بطريقة و بأخرى. و بذلك أصبح الوطن عبارة عن تكية لتوزيع الرواتب و البطانيات، أما البقية الباقية من أموال الميزانية العامة للدولة فإنها تخرج منها بطريقة و بأخرى بدون رجعة من الباب الخلفي للتكية.
إن نظام التكية للدولة العراقية تأسس أبان العهد الملكي حين بدأت الدولة تتسلم حصتها عن إيرادات النفط من الشركالت النفطية الأجنبية التي تولت إستخراجه. و منذ ذلك الحين و الحكومات المتعاقبة على حكم العراق تصرف هذه الأموال وفق آراء و مزاجيات رجال السلطة بنظام التكية، و منذ ذلك التاريخ بدأ خراب العراق الإقتصادي و الإجتماعي.
لقد كان العراق قبل إكتشاف النفط دولة زراعية تنتج ما تحتاجه و كل شخص يعيش حسب جهوده، و منذ ذلك التاريخ خربت الزراعة و أصبحنا الآن نأخذ القروض من الدول التي نبيع لها نفطنا لنشتري ما نأكله من خارج العراق. و أيضا ً بسبب نظام التكية لم يعد كل شخص يعيش حسب جهوده بل حسب قربه من مصادر واردات تصدير النفط. و حتى نظام المدينة الذي كان قائما ً فبدل أن يتعزز و يتمدد ليشمل الريف فإن نظام الريف تعزز و تمدد ليشمل المدينة. و هذا قاد أن يكون وطننا خرابا ً يموت فيه الناس في صراعات داخلية ليس لها معنى و إقتصاد يعتمد على القروض الخارجية و نسيج إجتماعي مهلهل و أصبح لقمة سائغة للقوى الخارجية للسيطرة عليه و الإستحواذ على مقدراته.