23 ديسمبر، 2024 12:56 م

العراق وصناعة النفط والغاز في القرن العشرين

العراق وصناعة النفط والغاز في القرن العشرين

صدر كتاب بعنوان (العراق وصناعة النفط والغاز في القرن العشرين) لمؤلفه الأستاذ غانم العناز الخبير في ميدان النفط والغاز. الكتاب صدر باللغة الإنكليزية عن دار نشر جامعة نوتنكهام البريطانية. يقع الكتاب في 538 صفحة ويتضن 14 فصلا يعرض المؤلف فيه حصيلة خبرته طيلة ما يقارب خمسة عقود قضاها في ميدان إستخراج وانتاج وتصدير النفط والغاز في العراق و في دولة الإمارات العربية المتحدة و المملكة المتحدة.

يعتبر الكتاب فريدا بحق لكونه اول كتاب من نوعه يغطي تفاصيل كافة اوجه صناعة النفط والغاز العراقية خلال القرن العشرين وما بعده. حيث اعطيت اهمية خاصة للمواضيع التاريخية، التجارية، السياسية والفنية التي تشمل التنقيب، الاكتشاف، التطوير والانتاج لحقول النفط والغاز اضافة الى المصافي ومنشآت معالجة الغاز وتسويق المنتجات وتوزيعها.

فقد تم تغطية تفاصيل امتيازات التنقيب الاولى التي تم الحصول عليها لصالح مجموعة شركة نفط العراق المحدودة بواسطة الدعم والنفوذ الذي قدمته الحكومة البريطانية لها يوم كان العراق تحت الانتداب البريطاني. بالاضافة الى ادراج ومناقشة 84 من حقول النفط والغاز التي تم اكتشافها حتى الآن. كما ناقش المؤلف في كتابه خطوط انابيب تصدير النفط عبر سوريا، لبنان، فلسطين وتركية الى البحر الابيض المتوسط بالاضافة الى بحث كافة النزاعات المتوترة والمريرة في بعض الاحيان في الامور التجارية والسياسية سواء كان ذلك بين تلك الدول نفسها او بينها وبين شركات النفط العالمية من خلال شركتهم الفرعية شركة نفط العراق.

كما تضمن الكتاب عرضا للعلاقات المتذبذة بين العراق ومجموعة شركة نفط العراق. وبحث الكتاب ثروة العراق النفطية بعد العام 2003 . كما ويعرض المؤلف في كتابه نظرة شاملة وفريدة عن اوضاع العراق النفطية مما يجهل كتابه مرجعا مهما للمهتمين في شؤون النفط العراقية سواء أكانوا شركات دولية، خبراء النفط، مؤرخين، سياسيين، اكاديميين، باحثين او عامة الناس. كما تضمن الكتاب الكثير من الخرائط التاريخية والجداول الاحصائية والصور النادرة المتعلقة بصناعة النفط والغاز في العراق.

الفصل الأول من الكتاب قدم المؤلف فيه عرضا تاريخيا لصناعة النفط والغاز في العراق في القرن العشرين إضافة الى ما شهدته منطقة الشرق الأوسط من تنافس وسباق على إستخراج النفط من اعماق أراضيها. اما الفصل الثاني فقدم المؤلف فيه عرضا للجهود الذي بذلت من جانب بريطانيا وشركات النفط الغربية للمشاركة في التنقيب عن الثروات النفطية العراقية والتنازلات التي قدمها العراق للشركات العاملة في ميدان النفط. أما الفصل الثالث من الكتاب فعرض فيه المؤلف تاريخ العلاقات بين

الحكومة العراقية و(مجموعة شركة نفط العراق آي.بي.سي) خلال فترة الحكم الملكي في العراق. وخصص المؤلف الفصل الرابع من كتابه للحديث عن ثورة 1958 ونظام عبد الكريم قاسم وتحدث فيه عن تأزم العلاقات بين الحكومة العراقية و(مجموعة شركة نفط العراق آي.بي.سي) بعد نجاح الثورة بإسقاط النظام الملكي. أما الفصل الخامس من الكتاب فخصصه المؤلف للحديث عن ثورة 1968 ونظام حزب البعث بعد أن تبوأ حزب البعث السلطة بعد 17 تموز 1968. وتحدث المؤلف عن قرار تأميم النفط العراقي في العام ( 1973) والمباحثات التي جرت بين ممثلي الحكومة العراقية وممثلي شركات النفط الغربية التي كانت عاملة في العراق.

ثم تحدث المؤلف في الفصل السادس من كتابه عن وزارة النفط العراقية وقدم عرضا لتاريخ تأسيس الوزارة في العراق. وتحدث المؤلف في الفصل السابع من كتابه عن شركة النفط والوطنية العراقية وتأسيسها وكذلك إصدار قانون رقم 80 في 12 كانون اول 1961. اما الفصل الثامن من الكتاب فجاء بعنوان “حقول النفط والغاز في العراق” وعرض فيه المؤلف خرائط جيولوجية نادرة لمواقع حقول النفط والغاز في العراق .وتحدث المؤلف بالتفصيل عن الحقول المنتشرة في أراضي العراق من شماله حتى جنوبه ، ومن شرقه حتى غربه. واشار المؤلف الى شركة النفط والوطنية، شركة نفط العراق،وشركة نفط البصرة، وشركة نفط الموصل.وقدم المؤلف في كتابه المرجعي عرضا تاريخيا نادرا عن كافة الحقول النفطية في العراق واحتياطاتها النفطية وكميات إنتاجها ونوعيات النفوط التي تنتجها. اما الفصل التاسع من الكتاب فتحدث فيه المؤلف عن تاريخ ومراحل تطوير حقول النفط العراقية. وقدم المؤلف تفاصيل عن الجهود التي بذلت لتطوير إنتاج الحقول العراقية خلال خمسة عقود إضافة الى تفاصيل عن شبكات خطوط أنابيب نقل النفط من مناطق المنبع الى المصب. وتحدث المؤلف في الفصل العاشر من كتابه عن شبكات انابيب تصدير النفط الخام العراقي. وعرض المؤلف صورا وخرائط تاريخية نادرة مفيدة جدا للباحثين و للمختصين بميدان النفط والغاز في العراق. اما الفصل الحادي عشر من الكتاب فخصصه المؤلف للحديث عن صناعة الغاز الطبيعي في العراق. وتحدث المؤلف في الفصل الثاني عشر من الكتاب عن مصافي النفط العراقية وتاريخ انشائها وطاقات انتاجها.

اما الفصل الثالث عشر من الكتاب فتحدث فيه المؤلف عن إنتاج النفط العراقي السنوي خلال القرن العشرين. اما الفصل الرابع عشر من الكتاب فخصصه المؤلف للحديث عن المرافق السكنية والإجتماعية التي توفرت للعاملين في ميدان صناعة النفط والغاز في العراق. ويقول المؤلف” اقيمت في العراق مجمعات سكنية في حقول كركوك والبصرة وفي محطات ضخ النفط بالقرب من بيجي وحديثة والقائم. اما اشهرها واجملها على الاطلاق فمجمع شركة نفط الموصل في عين زالة الذي كان اشبه ما يكون بمصيف او حتى مشتى اقيم على تلال عين زالة المرتفعة ذات الطبيعة الجميلة والهواء العليل.”.

وعن تاريخ إكتشاف النفط في العراق يقول المؤلف في كتابه المرجعي” لقد تم اكتشاف النفط بكميات تجارية كبيرة في العراق لاول مرة في التاريخ في حقل كركوك العملاق من قبل شركة النفط التركية (شركة نفط العراق لاحقاً) عندما انفجرت البئر الاولى فيه في 14 تشرين الاول 1927 . واكد ذلك الاكتشاف تكهنات الدول العظمى فى ذلك الوقت كبريطانيا وفرنسا والمانيا وامريكا وغيرها عن تواجد

حقول النفط الغنية في العراق مما فتح شهية تلك الدول للتسابق للمساهمة في الحصول على امتيازات نفطية لشركاتها اسوة بشركة نفط العراق. تم على اثر ذلك في عام 1928 تشكيل شركة جديدة باسم شركة انماء النفط البريطانية المدعومة برؤوس اموال بريطانية للحصول على امتيازات نفطية في العراق والتي اصبحت تدعى فيما بعد بشركة نفط الموصل. ويضيف المؤلف: قام ممثل شركة انماء النفط البريطانية بتقديم عرضاً شفهياً الى الملك فيصل الاول في ايار 1928 تضمن فقرة جديدة غير موجودة في اتفاقية 1925 مع شركة النفط التركية لانشاء خط سكة حديدية من العراق الى البحر الابيض المتوسط الشيء الذي كانت الحكومة العراقية تسعى لتحقيقه. وفي كانون الاول 1928 قامت الشركة بتقديم عرضاً جديداً تضمن تقديم قرضاً للحكومة العراقية بمبلغ 2,100,000 باوند استرليني لمدة 30 سنة بفائدة قدرها 5.5 % ومنح الحكومة فرصة للمشاركة في اسهم الشركة بنسبة 25% حيث درس العرض من قبل مجلس الوزراء وتم رفضه لكونه مبني على مبدأ اعلان المناقصات ومشروط بنتائجها. كان لانتشار خبر انشاء شركة انماء النفط البريطانية وسعيها للحصول على اتفاقية لاكتشاف النفط في العراق وقع كبير في الاوساط الدولية مما دفع الحكومة الايطالية، بعد حرمانها من المشاركة في شركة نفط العراق، للمطالبة باشراكها في المساهمة في هذه الشركة فتم على اثر ذلك في آب 1929 منح شركة النفط الوطنية الايطالية (أجيب) 40% من اسهم تلك الشركة. كما شعر الالمان بالغبن ايضاً لعدم اعطائهم فرصة للمشاركة في الشركة، بعد ان خسروا حصتهم بشركة نفط العراق نتيجة خسارتهم الحرب العالمية الاولى، فتمت ترضيتهم في نيسان 1930 ليتم اعادة توزيع اسهم الشركة بنسبة 51% للمصالح البريطانية و 34% للمصالح الايطالية و 15% للالمان . وطالب الفرنسيون والسويسريون بعد ذلك باشراكهم في الغنيمة فتم لهم ذلك واعيد توزيع اسهم الشركة بشكل نهائي كالتالي، 51% للمصالح البريطانية و25% للمصالح الايطالية و12% للمصالح الالمانية و 12% للمصالح الفرنسية والسويسرية. واشار المؤلف في كتابه “كانت شركة النفط التركية قد وقعت مع الحكومة العراقية اتفاقية النفط الاولى في اذار 1925 الا ان الشركة لم تستطع الالتزام ببعض شروط تلك الاتفاقية بالرغم من منحها سنة اضافية مما نتج عنه الغاء تلك الاتفاقية في تشرين اول 1928 والدخول في مفاوضات جديدة. وقد كان من حسن حظ الحكومة العراقية تلقيها العرض المذكور اعلاه من شركة انماء النفط البريطانية مما ساعد المفاوض العراقي للحصول على شروط افضل في اتفاقية اذار 1931 النهائية بين الحكومة العراقية وشركة نفط العراق والتي تم فيها تحديد منطقة امتيازها بالاراضي الواقعة شرق نهر دجلة من شمال العراق بمساحة قدرها 32,000 ميل مربع لتصبح بموجب ذلك الاراضي الواقعة غرب دجلة متوفرة للاستثمار من قبل شركات اخرى”.