السياسة الخارجية الناجحة والارادة العاطفية للجمهور الشيعي ضدان لا يجتمعان ، فبدعوى حب المذهب يجب طرد سفراء جميع الدول الغير متفقة معنا فكرا ً ، وهل الاتفاق الفكري كان شرطا ً للعلاقات في يوما ً ما ؟
زيارة السفير السعودي الى العراق يجب النظر اليها من باب المكاسب ، وليس التخوف منها ، بدعوى انه رجل ذو نزعة عسكرية ، وضع العراق المتأزم يجعل جميع سفراء الدول من العسكر ، وهذا شيء عهدناه في جميع سفراء الدول العربية وغير العربية ، وجود سفارة سعودية في العراق يرفرف فوقها العلم السعودي هو اعتراف بحكم الاغلبية الشيعية ، وهو ما لم يكن قد حدث في السابق ، فمصلحة التشيع الانية ( المرحلية ) ان يتم الاعتراف بحكمهم في العراق وهو شيء لا يجب الاستهانة به ، فهو يعتبر رضوخ للأمر الواقع وعدم نجاح كل المحاولات الخليجية والتركية وما رافقها لأسقاط هذه النظام ، فزيارة السفير السعودي ووزير الخارجية القطري الى بغداد ، اعتراف بهزيمتهم من جهة واعتراف بحكم الاغلبية الشيعية من جهة اخرى ، ولو ظاهريا ً ، فمن يصف الحكومة بأنها انبطاحية لاستقبالها سفراء ووزراء هذه الدول في بغداد اثبت انه لا يفقه شيء من السياسة ، لأنه لو عمل مقارنة بسيطة مع السياسة الخارجية الأيرانية التي باتت مثلا ً يضرب في النجاح بعد كل ما حققته ، سيرى استثمارات اقتصادية في الامارات تصل الى 450 مليار دولار ، على الرغم من النزاع السرمدي على الجزر الثلاث ، وسيجد ايضا ً اكبر ملحقية ثقافية في العاصمة القطرية الدوحة هي ايرانية ، وسيجد التبادل الاقتصادي الكبير جدا ً مع تركيا على الرغم من التقاطع الحاصل في الرؤية ازاء القضية السورية ، فالاختلاف الفكري والديني والمذهب والسلوك والمواقف تجاه جميع القضايا لم يعد مبررا ً للانغلاق ، بل اصبح الانفتاح على الجميع شرطا ً للنجاح ، فالجميع يملكون البضائع ، ولكن من يريد بيع بضاعته هو من يفتح ابوابه لمن يرغب بالشراء ، واما من يغلق ابوابه فهنيئا ً له ببضاعته التي ستتعفن قبل ان يوصللها الى المحيط ،
اصحاب الفكر الشيعي هم اكثر من يجب ان يعملوا ويطالبوا بالانفتاح ، ليعوضوا فترات الانغلاق والظلم ، ليوصلوا صوتهم الى جميع الدول بعيدا ً عن التعصب لانه آفة تنخر في جسد كل من يتبنى فكرة الانغلاق ، ليوصلوا ان هناك فكرا ً اسلاميا ً اخر لا يتبنى التطرف ، ولا يذبح الأطفال تقربا ً الى الله ، فالانغلاق لا يعبر عن حب بل عن جهل ، والانفتاح لا يعتبر خيانة بقدر ما يعبر عن امكانيات وقدرات للتفاوض ونشر الرؤى ، والجلوس مع من يخاف ان يجلس معهم الجميع ، فنحن الكر كما قال ذلك السيد مهدي الحكيم (رحمه الله) ، نجلس مع الجميع ولا نتأثر بهم ، بل نؤثر فيهم .