23 ديسمبر، 2024 1:43 م

العراق وسوريا وراء زيارة ترامب للسعودية

العراق وسوريا وراء زيارة ترامب للسعودية

ثلاثة قمم، سيجريها الرئيس الأمريكي ترامب في السعودية، في أول جولة خارجية له، منذ استلامه إدارة البيت الأبيض، قيل تبدأ الزيارة في “20 و 21″، وقيل في “23” من الشهر الجاري.
القمة الأولى ثنائية بين: ( ترامب و الملك سلمان)، الثانية بين( ترامب ودول مجلس التعاون الخليجي)، الثالثة بين:(ترامب و قادة بعض الدول العربية والاسلامية).
بعد زيارة السعودية، سيزور الرئيس ترامب إسرائيل، ومن ثمة الفاتيكان، للقاء الباب فرانسيس.
بعدها سيتوجه ترامب لحظور مؤتمر حلف شمال الأطلسي يوم 25، ويوم 26 من نفس الشهر، يحضر الرئيس الأمريكي اجتماع للدول الصناعية السبع الكبرى.
قبل جولة ترامب المرتقبة، هناك لقاء في البيت الأبيض، يجمع بين ترامب وولي عهد ابو ظبي، محمد بن زايد، في منتصف هذا الشهر، ومن ثمة بعد يومين لقاء آخر يجمع بين ترامب وأردوغان.
الملاحظ في الأمر، حراك سياسي كثيف يجريه قادة الدول الشرق أوسطية، ومن ضمن هذا الحراك، زيارة سيرغي لافروف، وزير خارجية روسيا، لأمريكا ولقائه بالرئيس الأمريكي، منذ بضعة أيام، بعد انقطاع دام 4 اعوام، ووصف “ترامب” اللقاء المغلق الذي منع الصحفيين من حضوره( بالجيد جداً جداً)، من جهة ثانية قال “سيرغي لافروف”عن اللقاء:(تأكد لي مرة اخرى ان رجال إدارة الرئيس ترامب”براغماتية” وليس رجال أيدلوجيا، كما كانت سياسة من قبله أوباما).
قلت في مقال سابق كتبته، بعد فوز ترامب بالانتخابات: ان سياسة الرئيس الأمريكي ستدور على محور الأقتصاد الأمريكي، “الجانب المادي الربحي”، وهو ما عبر عنه” لافروف” بالبراغماتي.
في الحقيقة ان أمريكا لا يمكن ان تتخلى عن الايدلوجيا مطلقا، كل ما في الأمر ان سياسة ادارة الرئيس ترامب جمعت بين الأثنين بين “الايدلوجيا والبراغماتية”، وان الأولى ستكون خاضعة للثانية، وقد صرح بذلك ترامب نفسه، فقال ما مضمونه: ان امريكا كانت تصرف أموالا طائلة لحماية دول الخليج، وكانوا يستغلوننا، وبدءاً من الآن سوف لا نقوم بأي عمل اتجاههم بدون مقابل.
من هذه السياسة الايدلوجية، القائمة على النفعية، سنفهم طبيعة الحراك السياسي في المنطقة، وطبيعة القضايا السياسية التي ستطرح في لقاء ترامب مع قادة دول المنطقة، وسنأتي عليها تباعاً :
أولاً – لقاء ترامب بولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد، والقضايا المطروحة:( اليمن، الارهاب، الاستثمار الاقتصادي)، من المؤكد ان ابن زايد، سيطلب زيادة الدعم العسكري والأمني من أمريكا، وتأييد موقفها ضد السعودية، وإقناع إدارة ترامب بمطالبها حول اليمن، التي تخالفها السعودية، فهناك صراع على النفوذ في اليمن بين البلدين، وخاصة بعد البروڤة السياسية التي قامت بها الأمارات في اعلان مجلس انتقالي في جنوب اليمن، الغاية منه الضغط على السعودية للقبول بشروطها، والدعم الأمريكي للأمارات، يكون مقابله استثمار للشركات الأمريكية، وعقد صفقات كبيرة لشراء اسلحة، وأكيد طاولة الحوار لا تخلوا من ايران، وحماية مصالح الامارات عن طريق الممر المائي، باب المندب.
ثانياً – لقاء ترامب بأردوغان، والقضية الرئيسية التي ستناقش، قضية تسليح أمريكا لأكراد سوريا، فأردوغان جن جنونه، مخافة اقامة دولة كردية على الشريط الحدودي، وكان اردوغان يفضل تسليح عرب السنة على الكرد، وامريكا واسرائيل ترفض ذلك.
امريكا تريد ان تقايض تركيا بعملية التسليح، فالمعروف عن تركيا انها تدعم الاخوان المسلمين، وهذا لا يرضي ترامب، فهناك مشروع استراتيجي امريكي في المنطقة، بعد الفراغ الذي سيحدث نتيجة القضاء على داعش، سنتحدث عنه بعد قليل.
ثالثاً – زيارة وزير خارجية روسيا، ولقائه بالرئيس الامريكي، وبسبب كون الاجتماع مغلق، ومنع الصحفيين منه، لم يتضح ما دار بينهما، سوى بعض التي ذكرناها اعلاه، اضافة الى ان ترامب طلب من الجانب الروسي احتواء النظام السوري والايراني، ولكن من المؤكد أنهما تناولا قضية المناطق الآمنة، والاتفاق على آلية عمل قبل بدء اجتماع استانة 6، غير ان المعارضة السورية تعول كثيرا على ان يكون لأمريكا دوراً هاما فيه، ولا اتصور ان امريكا ستتخلى عن حلفائها العرب من اجل روسيا وايران، فالمائدة مع العرب أدسم!!
رابعاً – زيارة ترامب الى السعودية، الزيارة التاريخية المرتقبة، كما وصفها الجبير، وقال عنها مسؤول امريكي: بأنها محورية جدا وهامة.
ستتضمن ثلاث لقاءات، واهم لقاء فيهن، هو لقاء الملك سلمان مع ترامب، واما اللقاء بدول الخليج، والأخير بقادة دول العرب والمسلمين، مجرد تحصيل حاصل.
ما الذي يريده الرئيس ترامب من الملك سلمان، أو بالأحرى ماذا تريد السعودية من أمريكا ؟ أزاء شراء صفقة سلاح امريكي تقدر ب”300” مليار دولار، على شكل دفعات، حسب ما سرب هذه المعلومة مصدر مسؤول بالبيت الأبيض، اضافة الى عشرات الشركات الامريكية للأستثمار في السعودية، وفق خطة ابن سلمان الاقتصادية للتحول الوطني، والتي تنتهي عام 2030 م، وبطبيعة الحال سيسيل لها لعاب ترامب كثيرا، ولا يمكن ان يفرط بها.
مطالب السعودية واضحة ومعلنة:
1- القضاء على الارهاب في المنطقة.
2- تغيير النظام السوري.
3- دعم الشرعية في اليمن، برئاسة عبد ربه منصور.
4- تأجيل او الغاء نقل السفارة الأمريكية للقدس، وتأييد مشروع حل الدولتين.
5-وهو الأهم، التخلص من النفوذ الايراني، ووكلاء ايران في المنطقة، او قل القضاء على التمدد الشيعي، هذا اذا لم يعتبروا ايران دولة داعمة للارهاب، والفصائل المسلحة التابعة لها منظمات ارهابية.
هذه النقاط الخمسة، ستكون حصيلة القمم الثلاثة في السعودية.
العراق وسوريا، دولتان عربيتان اسلاميتان، والدول العربية والاسلامية، سترعى قضيتهما، تحت الوصايا السعودية والدعم الأمريكي، وأي قرار سيتخذ بشأنهما، سيكون له المقبولية والشرعية في المجتمع الدولي، مما سيجعل كل من روسيا وايران أمام الأمر الواقع.
من المظنون سيقوم المجتمعون في السعودية، بتشكيل جيش عربي- اسلامي، بإسناد امريكي وبعض دول اوربا، تحت قيادة الجنرال الباكستاني المتقاعد”رحيل شريف”، قائد قوات التحالف الاسلامي العسكري لمكافحة الارهاب حالياً، للقضاء على الارهاب في سوريا والعراق. وهو جنرال مهني ومتخصص بالحروب البرية، ومحاربة الارهاب، ويحضى بثقة امريكا وابن سلمان.
لعل زيارة ترامب للفاتيكان يريد ان يضفي مسحة دينية على مشروعه الاستيراتيجي بعد الفراغ من داعش، لما يريد ان ينوي القيام به، من اعمال حربية، ويُذكر ان البابا أعلن عن تأييده لأقامة منطقة آمنة في شمال العراق، لحماية الأقليات الدينية، عند لقائه بسفيرة النوايا الحسنة، نادية مراد، المرأة الازيدية.
ما هو المطلوب منا كعراقيين عامة، وكشيعة خاصة؟
1- الإسراع في تحرير ما تبقى من المدن من قبضة داعش، وادامة المعركة بالسلاح والرجال.
2- توحيد الصف والخطاب الشيعي، المتمثل بالتحالف الوطني، والابتعاد عن الخطاب الطائفي الاستفزازي اللا مسؤول، ونبذ الخلافات جانباً.
3-دعم الحكومة العراقية، والالتزام بأوامرها، وخاصة قادة فصائل الحشد.
4-الالتزام والتمسك بأوامر المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف خاصة.
5- تجنب خلق الأزمات مع بقية الكتل السياسية الأخرى، والدعوة للإنسحام والتقارب.
كل ينظر ويترقب زيارة ترامب للمملكة السعودية، وما ينتج عنها، فلعل الأمر خطير، والمؤامرة كبيرة، فينبغي الحذر، والتحسب لكل أمر طارئ.