23 ديسمبر، 2024 4:22 م

العراق ودوره في الوضع الجديد!

العراق ودوره في الوضع الجديد!

لقد مالت البوصلة الميدانية كثيرا باتجاه، كان الكثير من المحللين يحسبه اقل من ذلك! حيث ديرت البوصلة الى عناوين اكثر حدّة من تفكير الكثير منهم. فقد بدأ التغيّر في الوضع الاقليمي يتسارع الى درجة اكثر واكبر ممّا يجول في خاطر اصحاب التخطيط السياسي في واشنطن والرياض وتل ابيب!
 وكنّا في خضمّ هذا الحال نقول: لا محال من نصر تيّار المقاومة ضدّ المشروع الامريكيّ الصهيوني التكفيري (كلّ وفق تخطيطه، ألا من اتّفاق ستراتيجي يجمع كلّ هؤلاء في مشروع الشرق الجديد الذي وضعوا ملامحه منذ عام 2006 ولم يحقّقوا منه الا الخيبات والاحباط والاحقاد التي تملأ نفوسهم المريضة. والمتطلّع لما يكتبه الحاقدون والمحبطون من الخسائر الكبرى التي ترافقهم اينما حلّوا يرى ويقرا بوضوح ما اقصده. فالقاريء لمقالة محمد بن نواف سفير السعودية في لندن يقرأ شيئاً غريبا عن سياسة آل سعود الذائبة الى رأسها في العمالة للغرب وللولايات المتحدة الامريكية! حيث قام هذا بكتابة المقال المثير للشفقة! على حال ما وصلوا اليه بمشروعهم، حيث يقول في مقاله المنشور في )نيويورك تايمز″ الامريكية( :ان سياسة الدول الغربية تجاه سورية وايران تنطوي على مقامرة خطيرة وانّ بلاده مستعدة للتحرك لوحدها لضمان امن المنطقة!ولا يمكن ان نبقى صامتين وسوف لن نكون مكتوفي الايدي!!)
وقد أثار الامير السعودي مسألة وجود قوات ايرانية في سورية بقوله( لقد عزّز النظام السوري من خلال وجود قوات ايرانية في سورية! ويقول: ان هذا النمط من المساعدات الايرانية نمط مألوف يموّل ويدرّب الميليشيات في العراق وارهابيي حزب الله والمتشددين في اليمن والبحرين!!)(#).
والملاحظ لهذا التصريح الواضح، يكتشف سبب الاعمال الارهابية وتصاعدها في سورية والعراق ولبنان واليمن والبحرين كلّ بأسلوبه وفق الميدان! الا انّ هذه الاعمال الارهابية واضحة البصمات والمدد القادم من السعودية لتحطيم تلك البلدان. الا انّ الفرق في قضية العراق انّها تحمل جانبين احدهما سياسي يتصاعد مع التظاهرات والاعتصامات التي اريد لها ان تنتهي بتنازلات كبيرة قامت بها الحكومة العراقية على حساب القانون والدستور وبلا فائدة ترجى بسبب ما وراءها من غايات، كما هو معروف نتيجة واضحة للخسارات المتراكمة للحكومة على مستوى الداخل!
لقد تطورت الامور في العراق لاسباب عديدة حيث كنت اقول للعديد ممّن يكتب ويقول ان الامر الذي تسير به حكومة السيد المالكي في هلاك كبير ولا حلول ترجى من هذه الاعمال والافعال الصادرة منها. وذلك لانّ الامر يحتاج الى وقفة اقليمية وتحالفات وقضاء عادل وقوي بالاضافة الى بناء قوي للداخل العراقي يبتديء من الجانب السياسي الى العسكري الى الديمقراطية الحق والى امور اخرى لا يمكن ذكرها هنا لاسباب عديدة يفهمها ذو البصيرة!
انّ العلاقات العراقية العربية التي تراكمت فيها الاخطاء والتحولات وفق سياسة التضاغط الاقليمي والتخلخل الداخلي اوجدت نتائج كارثية على المستوى الامني والسياسي العراقي. انّ التغيير الكبير في السياسة السعودية كما يدّعي محمد بن نواف هي في الحقيقة كشف لسياسة سابقة وليست تغييرا فيها. الا انّ السياسة الحالية اصبحت في عهدة من لهم باع في المجالات الاستخبارية والمرتبطة بالوضع الدولي والاقليمي حتى وصل الامر الى التصريح بها على مستوى العلاقات الاسرائيلية السعودية التي لم تنقطع في يوم من الايام كما اشار لها نتنياهو في مجال حديثه حول التنسيق بين المساعدات الاستخبارية التي تقدمها اسرائيل لغرفة العمليات في الاردن التي تقود حملة تدمير سورية وبالتنسيق الواضح مع الاردن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(#)http://www.nytimes.com/2013/12/18/opinion/saudi-arabia-will-go-it-alone.html?_r=0 

التي امتدّ اليها السيد المالكي بسياسته الفاشلة لمساعدة متعددة الجوانب على النطاق الاقتصادي والامني والسياسي وحتى الاستخباري! وكنت استغرب لهذا التوجّه في العمل مع الاردن وماهية الغاية من هذا التوجّه الفاشل والذي يضرّ بالعراق ضرراً كارثياً لانّ الامر يتعلّق بارواح الناس على ايدي مجرمين قتلة قادمين من الاردن والسعودية وبالتنسيق الكبير من غرفة العمليات في الاردن التي تقود التدمير ليس في سورية بل في العراق ايضاً. رغم التنسيق الواضح الذي تبرزه السياسة الايرانية والتنسيق الاقليمي بينها وبين روسيا والصين وسورية وحزب الله الذي يخوض حربا فرضت عليه في سورية لحماية المقاومة. بينما ترى الفشل في سياسة هوجاء يقوم بها ارباب القرار السياسي في الحكومة العراقية التي لا تستند الى اي منهج.
هل دقّق السياسيون في العراق وبالذات من يسيرون في تطبيق خطط امنية على مستوى الداخل! ما المقصود بقول السفير السعودي (بأن السعودية مستعدة للتحرك بمفردها لضمان الامن في المنطقة، وبدون المساعدة الغربية!) ويقول بانّ السعودية مستعدة للتوجّه للحفاظ على امن المنطقة وتحمّل العبء الامني والاستراتيجي الكبير لوحدها!!).
لقد سمعنا اكثر من مرّة عددا من سياسيي الحكومة العراقية الى انّهم لا يسمحون لان تكون ارض العراق ساحة لتصفية الحسابات ما بين ايران والولايات المتحدة الامريكية! شيء جيد ما قيل لكن اين الفعل وماذا حصل بعد ذلك؟!! لقد حصل العراق على المزيد من الدمار والخروقات الامنية(كما يحبّ ان يسميها بعض السياسيين غير العارفين بهذا القول الذي يذكرونه على عواهنه!) اي خروقات ومن اين؟! ما الذي عملته الحكومة ووزارة الداخلية وعلى راسها الوكيل الاقدم المسؤول عن امن الناس؟! انا اجيب: لا شيء يذكر الا ما يسمّى بتغيير الخطط الامنية! التي تتغيّر كلّما اصيب المجتمع بالكوارث المستمرّة!
اذا كانت السعودية تصرّح بتدخلها في العراق بشكل سافر وبتحطيم البنية التحتية العراقية انتقاما من العراق ومن ايران(!!) كما تزعم، ما الذي تفعله الحكومة العراقية وسط هذا الصراع وهي بعدُ لم تستطع وضع حدّ لتنفيذ مطالب بسيطة للناس!
ان الكارثة التي تحلّ بالعراق في الجانب السياسي ستؤدي الى كوارث على مستوى المنطقة ان جاءت الانتخابات القادمة بنفس الوجوه الحاكمة الآن، ولا مجال للسكوت على ما يحصل في التآمر على العراق من قبل السعودية والولايات المتحدة بحجة التصدي للمشروع الايراني والغاية تفتيت العراق بمساعدة قبائل وعشائر من داخل العراق. وجب علينا دراسة ما حصل للعراق والمنطقة عام 1990 حينما استقطب اعتداء صدام على دولة الكويت القوات العسكرية الامريكية والغربية لاحتلال قواعد الارض في اماكن حساسة في المنطقة عموما وفي الخليج خصوصاً. واستقدام قوات الناتو الى المنطقة بمساعدة السعودية وبحجّة تحرير الكويت بنيت القواعد على حدودنا الجنوبية والشمالية والجنوبية الغربية وتحيط بنا قواعد عسكرية من اقوى واكبر القواعد العسكرية في العالم!
ان السياسة السعودية القادمة في العراق ستكون اكبر في التدمير بالتنسيق مع اسرائيل بشكل اوسع خاصة اذا ما تابعنا اللقاءات المستمرة ما بين تركي الفيصل ومسؤوليين اسرائيليين في موناكو وتصريحاته الخطيرة لصحيفة معاريف بالاضافة الى التنسيق الاعلامي بحضور بارز للرئيس الاسرائيلي في اجتماعات لقاء امني خليجي مغلق عبر الشاشة  وبمشاركة السعودية، والمعروف ان مثل هذا التنسيق لا يحصل بدون تنسيق استخباري عال في مجالات عديدة دلّت تلك التنسيقات على التصفيق الحار الذي حصل بعد انتهاء بيريز من حديثه المتلفز لهم! والذي تضمّن كما تسرّب من معلومات حديثا امنيا حول ضرورة التنسيق مع اسرائيل للوقوف امام المصالح الايرانية السورية المتضمّنة ساحات تواجد المقاومة للمشروع الامريكي الصهيوني الوهابي في المنطقة ومن ضمنها الساحة العراقية بالطبع! لذلك نلاحظ التصعيد على مستوى الميدان في تلك البقع في المنطقة. وقد اعلنت ادارة اوباما بعد ذلك تزويد تحالف عسكري خليجي (اسرائيلي بالطبع!!) بأسلحة حديثة متطورة من بينها بطاريات صواريخ باتريوت، واخرى بعيدة ومتوسطة المدى واسلحة لمكافحة الارهاب(!!). والارهاب هنا غير ذلك الذي نقصده نحن! فالارهاب الذي يعنيه العراق والعراقيون والذي يضرب هذا الشعب المظلوم ليس هو الذي يريد اوباما ضربه! انّما المقصود مصالح ايران وسورية وحزب الله ومن يقف معهم ضدّ التيّار الوهابي السعودي والاسرائيلي والرجعي المتحالف معهم. ومن ساحات المواجهة هذه بالطبع الساحة العراقية التي ستكون بلا شكّ ساحة ملتهبة ان لم ننتبه لذلك بسياسة لحكومة جديدة تفهم الذي يحصل في المنطقة بشكل جيد.
ملاحظة:
وأنا اجهّز المقال واذا بخبر اغتيال قائد الفرقة السابعة العسكرية العراقية و16 ضابطا في كمين في محافظة الانبار كجزء من الاستقراء للوضع القادم ايضاً!