23 ديسمبر، 2024 3:28 ص

العراق وحاجته للتفكر والتشاور في أجندات المحاور

العراق وحاجته للتفكر والتشاور في أجندات المحاور

العالم اليوم تتقاسمه المحاور , ولانعتقد من الحكمة أن يكون العراق سياسيا بعيدا عن التعامل بأيجابية من أجل سيادته ومستقبله عن تلك المحاور لاسيما تلك التي تبدي ميلا وأهتماما بمساعدته على مواجهة ألآرهاب والتخلص من العصابات ألآرهابية .

أن من يريد ألآبتعاد عن سياسة المحاور لابد له أن يكون حرا مستقلا كامل السيادة , يملك جيشا قويا وأمنا مستقرا محصنا وأقتصادا معافى , ومجتمعا متوحدا متضامنا , والعراق اليوم لايمتلك تلك المواصفات ودولته قانونيا منقوصة فهي لاتستطيع التكفل بأيصال الخدمات البريدية وألآتصالات , وأسرائيل أخذت حيزا من مجال تردداته  , ولا تمتلك القدرة المتكاملة للنقل الجوي والبحري والبري , وسماء العراق غير محمية , والعمل المصرفي محدود ومشلول , وهذه ألآبعاد هي التي تشكل قانونية الدولة .

فالعراق الذي هذا وضعه لايمكنه أن يكون بعيدا عن سياسة المحاور , فسياسة المحاور القائمة اليوم أما تكون معها أو ضدها ” أقصد مع بعضها وضد البعض ألآخر ” والعراق كسير الجناح لايمكنه أن يكون عدوا لطرف فالحكمة تقول أن على العراق أن ينشغل بشفاء جراحاته , ولا يتجاهر بعداء لمحور ما ” يستثنى من ذلك أسرائيل ” وحتى التجاهر بصداقة طرف من أطراف المحاور يجب أن تتم بهدوء وحكمة .

العراق يحتاج الى بناء جيش جديد بتنظيم جديد ودماء جديدة , وهذا يستغرق وقتا ليس بالقصير , والعراق يحتاج أعلاما جديدا بتنظيم جديد وفكر أنساني , وثقافة جديدة منفتحة على الجميع , وهذا المستوى يحتاج عقول مفكرة مشهود لها بالعطاء وألآنتاج الملموس والمعروف ثقافيا وشعبيا والعراق يحتاج الى برلمان بدماء جديدة معروفة بكفاءتها ووسطيتها الوطنية , والعراق يحتاج حكومة ليس بين أعضائها من يطعن بنزاهته أو كفائته أو أخلاصه , والعراق يحتاج مجالس محافظات مثابرة تعرف حاجة محافظتها مثلما تعرف حاجات العراق تسهر على شؤون المواطنين ولا تنشغل بخصوصيتها وأمتيازاتها .

والعراق يحتاج شعبا موحدا متضامنا لاتفرقه فتنة طائفية , ولاتعبث بأمنه نزعات فردية لمصالح فئوية , وحتى نضمن ذلك لابد أن يكون المسجد والمدرسة الدينية خالية من خطابات التحريض والتسقيط ونشر ثقافة العنف والفرقة .

والعراق يحتاج الجامعة والمدرسة التي تنشر ثقافة التسامح والمحبة وتهتم ببناء العقول والنفوس بناء ينتظم مع العالم والكون والحياة من أجل العمل للآعمار وألآستثمار في ألآرض بأعتبارها بيتنا وكوكبنا ألآزرق المخصص لنا من قبل خالق السماوات وألآرض اللتين جاءتا طائعتين لله , ونحن سكان وركاب هذا الكوكب الجميل الذي يدور ويسير بالسرعة المقدرة له في فلك مأمن ميسر غلافنا الجوي حزام أمن وأمان , وبحارنا ضمان لدورة البخار والسحاب , وهواؤنا بسكائكه وطرائقة ضمان لحركة وتوجيه الغيوم والسحاب , وبرارينا ضمان للزرع وألآنعام والحيوانات .

من هذا النظام المتكامل من حولنا علينا أن نتعلم التنظيم والتوازن والتفكير السليم , فليست الطائفية التي يختزنها البعض ويتقيئها مع كل هزة وهمزة ولمزة سوى أنتحار , وليست العنصرية التي يتخندق بها البعض سوى أنقطاع عن التواصل المجتمعي , وليست الحزبية والفئوية سوى محدودية أفق وسوء فهم لمفهوم التنظيم بأعتباره مفهوما كونيا قبل أن يكون مفهوما سياسيا , وأذا كانت السياسة هي فن ألآصلاح , وأذا كنا في العراق نحتاج ألآصلاح في كل مرافق حياتنا , فمن ألآصلاح السياسي أن نتقبل المعونة والمساعدة من الذين يقدمونها بأخلاص نوايا , ومن الذين يقدمونها لمصالح تخصهم ولكننا لانعدم مصلحتنا في ذلك , فنحن نحتاج السلاح ومصادره معروفة , ونحن نحتاج التدريب وأفضل التدريب ماكان من المتفوقين , ونحن نحتاج التنظيم , وللتنظيم خبراء وأختصاصيين , ونحن نحتاج المشورة , وعقولها موجودة عندنا ولكننا لم نعتني بها بل أقصيناها , فلنبتعد عن سياسة ألآقصاء وألآبعاد السياسي , حينئذ نحصل على وفرة من العقول المفكرة بشرط عدم النظرة اليها من خلال ألآسم فثقافة ألآسماء عندنا متخلفة ” قل أدعوا الله أو أدعوا الرحمن أيما تدعوا فله ألآسماء الحسنى ” ولاتنظروا لها من خلال الجغرافية , فثقافة الجغرافية صادرتها ثقافة التخلف والمنسوبيات التي ما أنزل الله بها من سلطان ” ماخلقك الله لبلد دون بلد خير البلاد ماحملك ” ” وألآرض وضعها للآنام “

أستعان ألآنبياء في زمانهم بكل من يتوسمون فيه القدرة على المساعدة بشروط ألآمن ألآجتماعي وألآمن ألآخلاقي وهي شروط مشتركة للمنظومة البشرية تتمخض عن نتائج حاسمة للخيارات ألآنسانية , فهذا نبينا محمد “ص” أستعان بملك الحبشة النصراني , مثلما مال المسلمون للروم لآنهم كانوا أهل كتاب ولم يميلوا في ذلك الزمان للآكاسرة الفرس لآنهم لم يكونوا أهل كتاب .

وأستعان نبي الله يوسف “ع” بفرعون مصر ليكمل مشروعه التغييري

أما عن المشورة ومصاحبة العقول الموهوبة وتقديمها فقد مارسها ألآنبياء عليهم السلام فهذا موسى “ع” يستعين بالعبد الصالح ” الخضر ” وهذا سليمان “ع” يستعين بمن عنده علم من الكتاب وهو أصف بن برخيا .

نحن في العراق في خضم تجربة حزبية يكثر فيها ألآدعاء والجفاء وتخلو من الوفاء أفتقدنا العطاء وتوقفنا عن البناء حتى غزتنا عصابات التكفير وألآرهاب , وطمع فينا أصحاب المكر والدهاء , ومن هو في مثل حالنا لايجوز له تصعير الخد وعدم معرفة من هو العدو والند , فمن يضع يده بيدنا ويعتبر عدونا عدوه لايجوز أن نضعه في صف من هو شامت فيها جذلان من الفرح لما أصابنا وذلك هو العدو ألآسرائيلي الذي أصبح صديقا لعدونا الوجودي ” ألآرهاب التكفيري ” الذي هو عدو للموصل مثلما هو عدو لآربيل والبصرة , وعدو للرمادي مثلما هو عدو لكربلاء .

أننا بعد معرفة ما أصاب جيشنا من تفكك وسوء تنظيم , وما أصاب شرطتنا وأمننا من فساد , علينا أن نكون واقعيين وندرك بعلم وحلم أننا بحاجة الى مساعدة ميدانية على ألآرض ولا نكتفي بما قدم من الجو وقد ظهر للعيان أنه غير كاف .

أن السياسة العراقية بحاجة الى واقعية وأعتدال , والواقعية وألآعتدال هي نتاج العقول المفكرة والمجربة , وحكومتنا وبرلماننا ينقصهم ذلك , لذلك علينا بفضاء المجتمع العراقي الذي يختزن كثيرا من العقول والكفاءات في الداخل والخارج , ومفتاح ذلك يمكن أن يتم من خلال مؤتمر علمي تنظيمي للدراسات ألآستراتيجية يدعى له من يقدم أحدى الدراسات التي تهتم بالتنظيم المجتمعي وتنميته وبالتنظيم ألآقتصادي وبالفكر السياسي وأفاقه الجيوسياسية وبألآمن ومصادره العقائدية وألآخلاقية , وأن لاتكون الدعوات من خلال ألآحزاب والكتل ولا من خلال الوزارات كوزارة الثقافة وحقوق ألآنسان أو وزارة الخارجية لما أصاب هذه الوزارات من فشل ومحدودية لاتتناسب وتطلعات العراق للفكر المبدع ألآستباقي , وعلى رئيس الحكومة أن يتصدى بعيدا عن مكاتبه غير المكتملة لتأسيس هيئة عراقية للدراسات ألآستراتيجية بالمواصفات التي ذكرنا حتى نبتعد عن محاور المجاملات والمداهنات وندخل في صميم مشروع الدراسات ألآستراتيجية.