23 نوفمبر، 2024 1:43 ص
Search
Close this search box.

العراق وتصدير الطاقة ومشروع الاكتفاء الذاتي

العراق وتصدير الطاقة ومشروع الاكتفاء الذاتي

” الأمن – البناء – الطاقة ” شعار كتب على دعاية مرشح للانتخابات المقبلة ، وعود بجعل دجى بغداد أشبه بليالي دوسلدورف ، هذا ما دونته ألأنامل لحصد أصوات الناخبين ، كتبت على لوحات الدعاية وعلى عجالة للحاق بالعجلة السياسية التي تسير ولا تنتظر أحد ، بدء العد العكسي لاسترداد الحقوق إن تبقى منها شيئاً، أرقام وإحصائيات يفضح بها بعضهم البعض وملفات يخشى آخرون طرحها على الرأي العام خوفاً من خسارة القضية ، عقود تأسيس وتشييد وتجهيز تقدر بملايين الدولارات تم منحها بجرة قلم بغموض تام ودون تفاصيل تذكر و آخرون كانوا داعمين فمباركين ثم قابضين ، نعم إنها الحقيقة التي يُخشى الإفصاح عنها

النشرة الكهربائية ، نشرة إخبارية خاصة انفرد بها العراق وكان له السبق في إعدادها لأنه الوحيد الذي يحتاج إليها كالنشرات السياسية والاقتصادية والرياضية والجوية الخ …..

بعد ان تبنت إحدى المحطات التلفزيونية المستقلة قضية الطاقة الكهربائية ومعاناة المواطن معها بشكل يومي لاسيما مع حلول فصل الصيف من كل عام جابهت وزارة الكهرباء تلك المحطة ببرنامج تعده وتقدمه على المحطة الحكومية حيث تنشر فيه بيانات وزارة الكهرباء وساعات المنح والقطع المبرمج وفق إحصائيات غير دقيقة واصفة الطاقة التي يتم تجهيزها للمواطن بالمثالية الا ان الحقيقة بعيدا عن ذلك ، هذا ما لمسته من خلال إعلانها لمدينتي وعن عدد ساعات التجهيز والتي كانت بعيدة كل البعد عن الواقع منذ ذلك الحين فقدتُ الثقة بالبرنامج والوزارة التي تعده

من نافذة السيارة التي استقلها انظر إلى الدعايات التي ذكرتها سلفاً وما أكثرها اليوم فهي لا تعد ولا تحصى صادفت قطعة إعلانية سوداء يتيمة بين مئات القطع الملونة كتب عليها ” الترشيد بالطاقة دليل على مسؤوليتك الوطنية ” وهنا بدأت استدرك وابحث عن أجوبة لأسئلتي الكثيرة وبدأت استدرك ” أين هي الطاقة ليكون الترشيد ؟ “

أبراج الضغط العالي امتدت على طول الطريق وامتدت معها الأسلاك ألا أن البعض منها تدلى تتلاعب به الرياح بسبب تعرض تلك الأبراج لتفجير كما يقال ولان الطريق ضمن المدن الملتهبة امنياً ” وأي مدينة في العراق لم تلتهب بعد ؟ “

نعود لملف الطاقة والانتخابات من جديد .. نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة الحالي حسين الشهرستاني كان قد وعد الشعب العراقي عام 2011عبر وسائل الإعلام المحلية والدولية بان العراق سيصدر الطاقة الكهربائية إلى دول الجوار سنة 2013 مؤكدا وعده بتقديرات وتحليلات لا يدركها المواطن واستغرب منها ذوي الاختصاص ، مع حلول 2013 ومع حماس العراقيين لتصدير الطاقة ظهر المستشار ونفى تصديره مكذبا وسائل الإعلام اجمع وليؤكد عجز العراق على التوفير والاكتفاء أما التصدير فأضحى حلما لكل عراقي رغم امتلاكه كل أساسيات الإنتاج والتصدير لاحتوائه على موارد طبيعية من وقود الطاقة ومعادن تغنيه عن الطلب من الدول الأخرى وهذا ما دفع دولا الى التحالف والاعتداء والاحتلال بتهم كيدية أولها الطاقة النووية التي تعتبر هدف الدول الصناعي والكبرى وإلا فكيف لبلد يعجز عن توفير الطاقة الكهربائية لمواطنيه ان يمتلك طاقة نووية ويطورها في حين انه يعاني حصارا اقتصادية استمرت لعقدين ناهيك عن سحق البنى التحتية ومصانع الطاقة في الضربات الجوية الأمريكية التي تلت حرب الخليج عام 1991

تعددت ملفات الطاقة والمعاناة واحدة ، ففي وقت بدأت فيه دول العالم تطوير الطاقة وتحويلها واستثمارها كتحويل الطاقة الحركية و الطاقة الشمسية الى طاقة كهربائية والاستفادة منها في المتروات السريعة والإنارة العامة والمصانع وتجهيز المدن ، يحدث هذا في بلدان تفتقر وقود الطاقة وأساسيات الإنتاج على عكسنا تماما الا ان العطاء والنجاح والازدهار يبلغ ذروته ” هنيئا لهم ما يبدعون “

معلوماتي في الطاقة محدودة لكني أروم دراسة الموضوع وفهمه لما له من أهمية في حياتنا وحياة الأجيال القادمة لذلك يجب ان نعرف وان كان ليس من اختصاصنا لذلك يجب أن نسأل مختصون ماهي الطاقة وكيف يكون الترشيد ؟

يقول مختص بأن تقدم الدول يقاس بكمية توليد واستهلاك الطاقة الكهربائية لبلدانها وعلى حين غفلة شعر المهتمون بسياسات واقتصاد دولهم ضرورة وضع حد وضوابط لهذا الاستخدام وتفضيل الاستخدامات الأهم على المهم وشعر هؤلاء المهتمون ان الاستمرار والتصعيد في الاستخدامات غير الضرورية سوف يحرم الكثير من الذين هم بحاجة ماسة لهذه الطاقة وفي كافة المجالات ناهيك عن موضوع الكلف العالية لإنتاج هذه الطاقة وتوفير الوقود و تلوث البيئة ، أصبح ترشيد استهلاك الطاقة يحظى باهتمام دول العالم وذلك لارتباطه بتوفير الاستثمارات العالية في بناء محطات توليد الكهرباء ويعتبر الترشيد مطلب عالمي تتبناه جميع الدول لتوفير الاستثمارات بالاستخدام الأمثل لمواردها ومنها الطاقة الكهربائية وهذا النظام قائما في الدول المتقدمة التي تقدر أهمية الطاقة الكهربائية وتسعى جاهدة لتقديم الأفضل لمواطنيها وهنا لا اقصد العراق

ان تقليل استهلاك الطاقة الكهربائية سيكون له التأثير الواضح على تقليل تلوث البيئة ولتحسين ظروف البيئة محلياً وعالمياً

900 غم من ثاني اوكسيد الكاربون5.3 غم من ثاني اوكسيد الكبريت2.8 غم من اوكسيد النيتروجين من التسرب للغلاف الخارجي وهي معادلات وحسابات في غاية الأهمية يقدرها الخبراء المختصون في تلك الدول للخروج بنتيجة ايجابية للحصول على الطاقة دون ترك أي اثر سلبي لها على البيئة والإنسان

الاهتمام بالطاقات الجديدة والمتجددة ومنها طاقة الرياح والطاقة الشمسية سيكون له الدور الفاعل في ترشيد استهلاك الطاقة وتقليل التلوث البيئي حيث ان هذه الطاقات الجديدة أصبحت تشكل جزء من المنظومات الكهربائية لكثير من بلدان العالم إضافة الى استغلال الطاقة الشمسية في تسخين المياه والتدفئة ومن أمثلة ذلك الطواحين الموزعة على جوانب الطرق في استراليا والتي يراها الناظر ويتمتع بجمالية المنظر دون أن يدرك الأهمية والهدف الأساس وهو استثمار للطاقة الحركية عبر الرياح والحصول على الطاقة الكهربائية بصورة طبيعية دون وقود او جهد او تلويث للبيئة

إن ترشيد الاستهلاك يوفر طاقة باستثمارات قليلة جداً وبشكل سريع عن طريق السلوك الإيجابي للمواطن في توفير هذه الطاقات ولذلك فان المواطن النقطة الأولى في إنجاح عملية الترشيد ويتمثل ذلك بإيقاف الهدر في استهلاك الكهرباء والاستفادة من الطبيعة في الإضاءة والتهوية وهذا يعني إلى ضرورة الالتزام بمفاهيم العزل الحراري للأبنية.

ويؤكد المختص ان رغم وجود طاقات أساسية أخرى في غاية الأهمية ألا أن الطاقة الكهربائية تعد الأساس لتلك الطاقات وإلا فكيف لمؤسسات الطاقة تلك العمل بأجهزتها العملاقة دون طاقة كهربائية تشغلها ؟ وحينها أدركت سبب توقف العراق عن مسيرة التقدم والتطوير والعودة الى العصور الوسطى

ان خدمة الطاقة الكهربائية في العراق تقدر بـ25% تقريبا وهي النسبة التي غلبت في استبيان محدود أجريناه للخروج بنتيجة واقعية ، انعدام الطاقة الكهربائية ” مشكلة شعب ” هذا ما دفع الشركات الصينية والكورية إلى استثمار هذه المشكلة في إنتاج وتصدير المولدات الكهربائية الصغيرة ورغم رداءتها ألا أنها أصبحت البضاعة الأكثر مبيعا في العراق بعد أن أضحت من أساسيات البيت العراقي والوسيلة الوحيدة للهروب من حر الصيف الملتهب مع الأوضاع الأمنية حيث بلغت فيه درجة حرارة الجو 50 درجة ما يعنى حالات فقدان للوعي والغثيان وأمراض أخرى وهذا ما حدث في عدد من مدن العراق خصوصا في الأجزاء الجنوبية

المواطن العراقي يعي الترشيد جيدا وإلا فكيف لمصابيح الفلورنست الاقتصادية التي ملأت الأسواق اليوم أن يستمر بيعها واستخدامها بشكل هائل في المنازل والمؤسسات والشوارع وفقدان المصابيح المتوهجة القديمة والتي يصل مدة استهلاكها للطاقة الكهربائية إلى 80 واط تقريباً ، المواطن العراقي الذي يحلم بالحصول على الطاقة الكهربائية ليس من السهل أن يفرط بها إذ أن ترشيده للطاقة ذاتيا وهذا ما أشعره كمواطن عراقي

نحن بحاجة إلى العمل بضمير وتطبيق مشروع الاكتفاء الذاتي إذ أننا لا نطمح للتصدير كما سبق وأعلن سيادة النائب بل أننا نقتنع بما لدينا وحلمنا هو الحصول على طاقة نحتاجها كبقية الشعوب واستثمار خيرات البلد وموارده التي أصبحت مادة أولية لازدهار دول أخرى تنعدم فيها مقومات النجاح وليس هذا بدافع الأنانية ألا انه استحقاق شرعي وقانوني كفله الدستور العراقي بنصوص عدة ، لذلك فان الترشيد يتم من قبل المؤسسة العامة المختصة بهذا الشأن وتفعيل نشاطات مهمة وتنفيذ مشاريعها المكتوبة على الورق أولها مشاريع إنتاج الطاقة التي نحن بأمس الحاجة لها وعدم إلقاء اللوم على الوضع الأمني الذي مازال يعصف بالبلد منذ عشرة أعوام وعدم جعلها شماعة للإهمال والفساد والترشيد هنا ترشيد الضمير تجاه الوطن ليس ترشيداً للطاقة فحسب .

أحدث المقالات

أحدث المقالات