ما بعد نكسة الموصل
شهد العراق في العام (2014) وبالضبط شهر حزيران سقوط مدينة الموصل بيد مجموعة من شذاذ الافاق الدواعش وبمساندة من اتباعهم في المدينة البعثيين والوهابيين ، هذا الحدث سيظل محفوراً في ذاكرة التاريخ ليحمل في طياته مرارة وحسرة في نفوس العراقيين جميعا قصمت ظهر البلاد والعباد ولا تزال ، وأي مرارة أشد من ذلك الخطب العظيم الذي عبث في أمن العراق وشعبه وتاريخه ولا زال يهدد وحدته وينذر بما لا يتوقع من المآسي والويلات .
(داعش) تلك الزمرة المنحرفة من خوارج العصر والتي لا تتجاوز فلولها العشرات من المرتزقة العرب والاجانب بين وليلة وضحاها تحولت الى اخطبوط وحوت كبير ابتلع وسط الصدمة والدهشة عاصمة الشمال العراقي وثاني اكبر مدن البلاد (الموصل الحدباء) ولم يستفق العراقيون من هول الصدمة حتى كانت تلك الجرثومة (الاسرائيلية – الوهابية ) تتمدد بشكل مرعب لتسقط في قبضتها أخوات الموصل وجاراتها على التوالي ( كركوك – ديالى – صلاح الدين – الانبار) في سابقة خطيرة زلزلت من هول صدمتها ابناء تلك المدن الذين لم يكن ولا في أضغاث احلامهم أن يتعرضوا لمثل هذه الغزوة البربرية التكفيرية من قبل اشباه الحيوانات .
ورغم مرور عام كامل على ذلك الاحتلال الداعشي التدميري وما جره من مصائب ومحن وبلاءات على العراق الا ان شيئاً لم يتغير على مستوى الموقف والمسؤولية من قبل الحاكمين بالرغم من حجم الياس والاحباط الكبير الذي تعانيه اكثر فئات المجتمع العراقي نتيجة التدهور الحاصل على جميع الاتجاهات ، ومع ذلك لا زال العراقيون يتمسكون بالأمل ويأملون بالفرج وربما يتهامسون فيما بينهم بأن ثمة امل يلوح في الأفق ، هذه الامنيات والهمسات التفاؤلية كانت عنواناً لخطاب المرجع اليعقوبي الاخير الذي جاء بمناسبة مرور عام على سقوط الموصل او ما يعرف بنكسة العاشر من حزيران او نكسة حزيران العراق .
وفي خطابه الموسوم ( بعد عام على سقوط الموصل : لا زال الأمل بإعادة انتاج عراق مزدهر موحد ) يعبر المرجع اليعقوبي عن تفاؤله ويبعث بعبقات ذلك التفاؤل نسمات شذى للعراقيين عسى ان تسهم بزرع بادرة أمل في نفوسهم التي تعرضت الى عواصف متعددة وليس عصفاً واحداً وكادت ان تتحطم معنويا نتيجة تلك العواصف المعقدة ورياحها العاتية المتمثلة بالأوضاع الامنية والاقتصادية والخدمية الشاذة والسيئة جدا .
وبعد مرور عام كامل على سقوط الموصل بيد (قوى التكفير والتحجّر والإرهاب) كان لا بد من استعراض لأهم النتائج التي ترتبت على ذلك الاحتلال الداعشي والتي حددها سماحة المرجع ونختصرها بالتالي :
1- سقوط مدن مهمة اخرى وأراضي شاسعة (كركوك وصلاح الدين والانبار وديالى).
2- التهجير القسري والنزوح الطوعي للملايين من الاطفال والنساء وكبار السن .
3- تعرض النساء الاحرار الى السبي من قبل خوارج العصر والاتجار بهن واستعبادهن كرقيق وجواري وقتل المئات منهن لرفضهن هذا المصير المذل.
4- تدمير الحضارة من خلال تدمير معالمها التاريخية كمسجد النبي يونس والحسينيات والكنائس الاخرى وسرقة المتحف وتدمير باقي محتوياته .
5- وتخريب مظاهر الحياة من خلال سن القوانين المجحفة الخارجة عن نواميس الانسانية والشريعة لكافة مفاصل ونواحي الحياة ابتداءً بالإنسان مرورا بالطبيعة ووصولا بالمؤسسات الحكومية والتعليمية والاسواق … الخ .
وقائمة المصائب والكوارث تطول ولا تنتهي وربما من صورها الابشع هو جرائم الابادة والاعدام الجماعي الذي تعرض له ابناء قواتنا الامنية في سبايكر وغيرها من جرائم العصر الكبرى ، بالإضافة الى غسيل عقول الاطفال والشباب وتجنيدهم طواعية وكرها لإشاعة القتل والدماء في صفوف المدنيين والعسكريين .
هذه على صعيد الاثار التي تركها الاحتلال التكفيري لمدن العراق واهم المخلفات التي ترسبت نتيجة سيطرة خوارج العصر(الدواعش) عليها .
اما على صعيد الدولة وإجراءاتها ومواقفها فإن سماحة المرجع اليعقوبي يبث من خلال هذا الخطاب شجون ومشاعر العراقيين تجاه الاخفاقات مؤسسات واجهزة الدولة والكتل السياسية الحاكمة والتي تمثلت بالعجز عن (بناء جيش محترف وشجاع) او عن (مشروع وطني وحدوي) ولم يتفق الفرقاء السياسيين في الظاهر والشركاء في الواقع الا على الاختلاف والتشرذم او المزيد من التقاطع والتحريض والمزايدات الطائفية الرخيصة من قبل هذا الطرف أو ذاك.
مسؤولية الانتكاسات المستمرة
ويشخص المرجع اليعقوبي السبب الرئيسي للحال السيء الذي تمر به البلاد الى التنازع والاختلاف الذي تسبب في سيطرة واستحواذ وتسلط من يصفهم بـ (صبية مغامرين جهلة مُغرر بهم تجمعوا من بقاع الارض) وتهاوي ريح العراق وقوته وقدرته امام تلك العصابات من المرتزقة ، ثم يبدي سماحة المرجع من خلال قوله (ولم تستطع لجان التحقيق الى الآن معرفة كیفیة سقوط الموصل وأسبابه والمسؤول عنه فضلا ًعن كشفه للرأي العام وللتأريخ) استغرابا يحمل في طياته استنكارا لعجز المسؤولين في الحكومة والبرلمان طوال عام كامل بكشف المستور فيما يخص كارثة ( سقوط الموصل) ويندد بفشل السلطتين التشريعية والتنفيذية عن إماطة اللثام لمعرفة كيفية سقوط الموصل والاسباب التي أدت لذلك والجهات التي تقف خلف السقوط الدراماتيكي للمدينة بيد الدواعش واسباب الانهيار السريع والمريع للقوات الامنية التي كانت ترابط في المدينة وهروب القادة العسكريين المفاجئ الى أربيل.
الا ان المرجع اليعقوبي يعود ويضع النقاط على الحروف من خلال رأيه بالأسباب الحقيقية لذلك التعتيم بتشخيصه الواضح والصريح (وكأن الصفقات السیاسیة تمنع من ذلك كله) ، ليكشف لنا ان العلة الاساسية لهذا الطمر لقضية سقوط الموصل وعدم كشف ملابساته وتفاصيله امام الراي العام والتاريخ سببه الرئيسي هو (الصفقات السياسية) التي اعتاد اللاعبون الكبار او زعماء الكتل السياسية المتنفذة على إتمامها في سبيل تحقيق مصالحهم في الاستئثار والاستبداد ولو على حساب كرامة البلاد وارواح العباد .
كيف تغيرت المعادلة من الهزيمة للنصر
وسط كل هذه الفوضى والدمار الذي انتجته ألة التدمير الداعشية والتخبط السياسي للمتصدين لإدارة ملف الدولة برزت خلال هذه السنة المريرة في تاريخ العراق بارقة الامل التي شكلت علاقة ايجابية فارقة وبلسماً بعث الامل في النفوس المحبطة بفعل الصدمات المتلاحقة وساعدت العراقيين في تجاوز أثار الكارثة لمواجهة الظروف القاسية بشجاعة وصبر عظيمين ، هذه البارقة الايجابية تمثلت بالوقفة التاريخية الوطنية العقائدية المشهودة لشباب العراقي الرسالي في الحشد الجماهيري الشعبي الذين انطلقوا بشجاعة وإخلاص وأيمان منقطع النظير للاستجابة للتعبئة العسكرية التي جاءت أثر دعوة المرجعية الرشيدة الشاهدة وذلك بعد يوم واحد من سقوط مدينة الموصل ، ولتثمر تلك النهضة والانتفاضة الشعبية المباركة عن حشود جماهيرية كان لانتفاضتها واستنفارها المميز تلبية للنداء العقائدي دوراً رئيسياً في انقاذ العراق وشعبه من الانهيار الكبير امام الهجمة البربرية السلفية العالمية التي تعرض لها العراق .
وضرب ابطال الحشد الجماهيري الشيعي أروع الصور وسطروا اعظم الملاحم والبطولات وبذلوا غاية التضحيات ليسجلوا درساً بليغاً ومشهوداً في طاعتهم لنداء العقيدة والوطن وليجسدوا انبل معاني التفاني والايثار والوحدة الوطنية من خلال ذودهم ودفاعهم عن كل شبر من أرض العراق وعن كل فئات شعبه دون أن يكون خلف ذلك الاندفاع والتحرك أسباباً ودوافع قومية او دينية او مذهبية ويشهد بذلك صولاتهم لنصرة اخوانهم في الشمال والمنطقة الغربية من المسيحيين والاكراد والأيزديين والسنة ، ولم يقصر ابطال حشد الشعبي الجماهيري في الذود بالأرواح من أجل استنقاذهم من براثن الفئة الضالة المنحرفة من الدواعش التكفيريين .
هذه الوقفة الجماهيرية الشعبية الجهادية للشباب الرساليين كانت المتنفس الوحيد لاستنهاض آمال العراقيين وبث وبعث الأمل والحماس في نفوسهم لمقاومة الظروف المأساوية التي يمرون بها منذ سقوط مدينة الموصل ، وهذا ما أشار اليه سماحة المرجع اليعقوبي في بيانه حيث يؤكد على تلك الوقفة وتأثيراتها الايجابية الشاخصة في نفوس كل العراقيين بقوله (ولم نشهد علامة مضيئة في هذه السنة إلاّ ظاهرة اندفاع الشباب الرسالیین المملوئین بالإيمان وحب الوطن والناس جمیعاً من دون تفريق بین انتماءاتهم وهي التعبئة التي دعونا الیها منذ الیوم الأول لحصول الكارثة).
اما الثمرة الرئيسية والنقطة الايجابية الكبرى لهذه الوقفة الملحمية للحشود الشبابية الرسالية المقاتلة فكانت إحباط المشروع الشيطاني الذي اعد للعراق والمتمثل بخطة التقسيم لأرضه الى أقاليم ثلاث وتخريب بناه الاجتماعية والاقتصادية .. الخ ويصف المرجع اليعقوبي هذا المنجز الكبير للعنفوان الكبير للشباب العراقي الرسالي متمثلا بالحشد الشعبي البطل بقوله (حیث كانت تضحيات هؤلاء وثباتهم وشجاعتهم السد المنیع الذي حال دون انهيار الدولة وتنفيذ أجندات التقسيم والتخريب) ، ولعل التحاق الكثير من المسيحيين وعشائر المنطقة الغربية في صفوف الحشد الشعبي لمقاتلة الدواعش التكفيرين في المعارك الاخيرة خير دليل على احباط مشروع تقسيم العراق في هذه المرحلة الحرجة والقلقة من تاريخه وهي صفعة لكل قوى الشر التي تكالبت من كل حدب وصوب لتدمير الانسان العراقي وتمزيق نسيجه الاجتماعي وتفتيت كيانه .
آلية الخروج من الازمة
اما عن الحلول الكفيلة بالخروج النهائي للعراق من دوامة العنف المشحون بالطائفية السياسية والمتأثر بالتجاذبات والصراعات الدولية والاقليمية فيلفت ويُذكر سماحة المرجع اليعقوبي كل المهتمين بالشأن العراقي والحريصين على وحدة وأمن البلاد بأن الحل العسكري لا بد أن يقترن بإصلاح سياسي يكفل حلولا للمشاكل العالقة بين جميع اطراف المعادلة السياسية ، خصوصا ان تحقيق الاصلاح في العملية السياسية هو خارطة الطريق الحقيقية والناجعة للأزمة في العراق التي وأن صبغت ملامح صراعها بالطائفية والقومية الا أن بواعثها الرئيسية التي لا تخفى على أحد هي ازمة الثقة المستمرة بين المكونات السياسية الرئيسية الثلاث في العملية السياسية ويبين سماحة المرجع تلك النظرة السديدة وذلك التلازم بين الحل العسكري والاصلاح السياسي بقوله (أن الحل العسكري لا يكفي وحده مالم يقترن بإصلاح سياسي يؤدي الى سلمٍ اجتماعيٍ ورفاهٍ اقتصاديٍ) .
والإصلاح السياسي يتطلب لتحققه نية صادقة ورغبة جادة وموقف شجاع من قبل السياسيين ( الشركاء- الفرقاء) لتجاوز صفحة الماضي وإرهاصاتها المتعددة التي تجلت على شكل تقاطعات ونزاعات وخطابات متشنجة وتخوينيه ، وما يهون مثل هذه التنازلات اليسيرة من قبل السياسيين هو مقدار النتائج المتوخية والمترتبة على مثل هذا الحوار الوطني والموقف المسؤول الذي سوف يؤدي بالأخير الى الخروج بحل دائمي ونهائي للمشكلة السياسية المعقدة بالإضافة ان التلازم بين الحوار والاصلاح والاتفاق ينتج عنه تحقق السلم الاجتماعي والرفاه الاقتصادي للعراقيين الذي تجرعوا الويلات بسبب الممارسات الاستئثارية والصبيانية من قبل الكثير من المتصدين واللاعبين الكبار في مجريات الاحداث في العراق.
مقومات نجاح الحوار الوطني
اما مقومات الحوار البناء والمثمر فيعتمد على ثلاث ركائز رئيسية لإنجاحه وهي (الكتل الحاكمة – الكتل المتذمرة – القيادات الدينية والسياسية المؤثرة لدى الطرفين) ، ويلخص المرجع اليعقوبي تلك الركائز الاساسية ومتطلبات الرئيسية لإنجاح الحوار بنظرته التي يفصح عنها بقوله (وهذا يتطلب تنازلات عن الاستئثار والاستبداد من البعض والى إنصاف وصبر من البعض الآخر ويتم ذلك من خلال تواصل صريح وشفاف وحكيم بين القيادات الدينية والسياسية والاجتماعية المؤثرة في مكونات الشعب العراقي) .
ولضمان نجاح الحوار بالإضافة الى ما تقدم من الرغبة الجادة والصادقة من قبل الاطراف السياسية لتلافي المصير المجهول للبلاد فان المرجع اليعقوبي يضع قواعد وأسس بناءة لحوار منتج ، ويضع سماحته في مقدمة تلك الاسس (الايمان بوحدة العراق أرضاً وشعباً) وذلك لمواجهة خطر مشاريع التقسيم التي يراهن عليها اعداء العراق ويسعون لتمريرها وتأجيجها وطرحها مع كل أزمة سياسية أو أمنية تشهدها الساحة العراقية مستغلين حالة الاحباط الجماهيري والتنافر والتقاطع بين المكونات السياسية والذي انتج ولا يزال تيه وتخبط دائم بسبب التصرفات والتصريحات الرعناء .
ولذلك يشدد المرجع اليعقوبي على أن وحدة العراق أرضاً وشعباً تتطلب (تساوي جميع الافراد في الحقوق والواجبات على أساس المواطنة والانتماء للعراق) وهذا المعيار الوطني كفيل بإزالة الكثير من الحساسيات المفرطة لدى المكونات المتذمرة والساخطة على سياسات الحكومات المتعاقبة وكفيل أيضاً بتفاعل المواطن العراقي خصوصا عندما يتلمس مثل هكذا تطبيق عملي صادق من قبل الاطراف المتحاورة.
اما النقطة الاخرى التي وضعتها المرجعية الرشيدة كقاعدة أساسية للحوار فهي الزام الجميع (احترام منجزات العملية السياسية) والتي يقف في مقدمتها دستور البلاد الذي صوت عليه الغالبية العظمى من ابناء الشعب العراقي بكافة شراحه الاجتماعية المختلفة وهذه الشرعية الجماهيرية منحته صفة أن يكون ( مرجعية سياسية) تكون فيصلاً لحل جميع الاشكالات العالقة وذلك استناداً الى مواد قوانينه ومبادئه .
كذلك من النقاط التي لا يجب ان تكون محل مساومة او تفريط في عملية الحوار الوطني هي العملية الانتخابية التي اختيرت أيضا من قبل الشعب لتكون (آلية ديمقراطية) لبناء العملية السياسية وشكل نظام الحكم في العراق لضمان عدم الوقوع مرة اخرى في براثن الدكتاتورية وتسلط الحزب الواحد ، وكذلك حرصت المرجعية الرشيدة على ضرورة النأي بمؤسسات الدولة بعيدا عن التجاذبات السياسية وانعكاساتها السلبية على ادارة ملف تلك المؤسسات من خلال عدم المساس والاخلال بنظامها العام وابعادها عن التجيير السياسي الانتخابي او التسلطي لهذا الطرف او ذاك .
كما ان من عوامل نجاح الحوار الوطني هو نبذ سياسة الابتزاز للآخر من خلال استخدام ورقة الارهاب واثارة المشاكل كوسيلة لجني المكاسب وتحقيق المصالح التي تخرج عن حدود الاستحقاق العادل التي قد يلجأ اليها الكثير من الفرقاء السياسيين والتي طالما كانت من ابرز ملامح الصراع في المشهد السياسي في العراق وجرت الويلات والكوارث على هذا الشعب وربما لا تعدوا حادثة سقوط مدينة الموصل الى أنموذج كبير لتجليات الابتزاز السياسي الاهوج والاحمق .
ويشير المرجع اليعقوبي الى هذه الظاهرة الخطيرة (الابتزاز السياسي) والذي تفننت به الكثير من الجهات السياسية في صراعها مع بعضها البعض وذلك في سياق كلامه لإيضاح طبيعة ما يحصل اليوم في البلاد من مشاهد انتجها هذه الظاهرة ولذلك يدعو سماحته الى رفضها ويبين الاسباب وراء ذلك بقوله (رفض الابتزاز السياسي واتخاذ الارهاب وسائر المشاكل وسيلة لتحصيل المزيد من المكاسب التي تتجاوز السقوف العادلة للاستحقاقات ورفض كل الوسائل غير الدستورية).
والنقطة الاخيرة في القواعد البناءة لنجاح الحوار السياسي الوطني على المدى البعيد بحسب وجهة نظر المرجعية الرشيدة هي (مراعاة ضوابط الوطنية والمهنية والنزاهة والكفاءة في اختيار قيادات البلاد المدنية والعسكرية والسعي لإصلاح بناء الدولة ومؤسساتها على اسس صحيحة ونحو ذلك من المبادئ ) وهذه النقطة ذات شقين متلازمين اولهما هو ضرورة الاتفاق على وضع المعايير الصحيحة من قبل الجميع في اختيار القيادات المدنية والعسكرية في العراق بعيدا عن المحاصصة السلبية وأثارها السيئة التي تجلت بالبلاءات والمعاناة التي يعيشها المواطن العراقي على جميع المستويات بسبب عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ، اما الشق الثاني فيتمثل بأن يكون الانطلاق لإصلاح مؤسسات الدولة مبينا على أسس وطنية ومهنية لتتظافر الجهود جميعها في استنقاذ البلاد من براثن التخلف والفساد والارهاب الذي يعصف بالعراق.
بارقة الامل
وفي ختام البيان يؤكد المرجع اليعقوبي أن بالرغم من الشعور بالإحباط واليأس الكبيرين من الطبقة السياسية الحاكمة الا ان أملها بان يتمكن الحريصون على وحدة العراق وسلامة ابنائه من إنقاذ ما يمكن انقاذه لإحباط المخططات الشيطانية التي اعدت للبلاد من قبل الاعداء وشارك في تنفيذها الساسة الجهلاء من الكتل الحاكمة (ومن يدعمها من خارج الحدود) المتخبطين في أتون مصالحهم الخاصة على حساب مصلحة العراق وشعبه ، ورغم صعوبة ذلك الا ان المرجعية الرشيدة تأبى الا ان تنثر نسائم الامل في نفوس العراقيين للخلاص من هذا الواقع المرير من خلال التوكل على الله تعالى لإخراج البلاد من هذه الدوامة الكبيرة ، ويختتم سماحته خطابه للامة العراقية بقوله (اننا نمتلك ما يكفي من الامل لإعادة انتاج عراق جديد يسوده الامن والاستقرار ويتوحد اهله على الخير والعطاء والمودة وتظهر عليه ملامح الازدهار والرفاهية) ويعلل سماحته ذلك التفاؤل بأن (صوت الحق يعلوا وللحق دولة وللباطل جولة) .