18 ديسمبر، 2024 5:55 م

العراق والناتو السعودي

العراق والناتو السعودي

تلقى رئيس الجمهورية، بالامس، دعوة من العاهل السعودي لحضور القمة العربية الاسلامية التي تضيّفها الرياض على شرف أول زيارة خارجية يقوم بها الرئيس الامريكي دونالد ترامب.
أراد النظام السعودي ان يحشد اكبر عدد من قادة وزعماء ورؤساء الدول الاسلامية والعربية بهدف استعراض نفوذه في العالمين العربي والاسلامي امام ترامب.
ولا يخفى ان النظام السعودي حاول، منذ انطلاق حربه على اليمن نهاية مارس / آذار 2015، وبشتى السبل تشكيل احلاف اسلامية او عربية لمنح حربه العبثية على الشعب اليمني شرعية ما، لكنه فشل. فالمشاركة العربية اقتصرت على دول الخليج فقط، باستثناء الكويت وسلطنة عمان. كما عجزت الرياض عن استقطاب دول عربية اخرى سوى السودان، ومشاركة محدودة للمغرب، بينما حافظت الاردن على موقفها المحايد.
وكان للموقف المصري دورمؤثر في نزع الشرعية العربية عن التحالف السعودي، كما ان مواقف الدول الاسلامية الاخرى كان لها التأثير ذاته.
على الصعيد الاسلامي، فإن النظام السعودي سار على خطى صدام والقذافي، عندما اغرى بعض الدول المسلمة في آسيا وافريقيا بالمساعدات والاستثمارات للانضمام الى حلفه ولو شكليا. ولم نعرف من التحالف الاسلامي سوى اسم قائده “الافتراضي” الجنرال الباكستاني رحيل شريف، وبعض الطيارين الباكستانيين والجنود المرتزقة الذين يقدمون خدماتهم مقابل بدل مالي.
واقتصر الحديث عن التحالف العربي ورديفه الاسلامي بقيادة الامير الشاب محمد بن سلمان، على وسائل الاعلام السعودية. ويذكر الجميع التوقيت الذي اختير لكي يعلن “الملك غير المتوج” تدشين التحالف الاسلامي عبر قناة العربية في ساعة متأخرة من يوم 16 ديسمبر 2015.
وطيلة الفترة الماضية، لم نكن نعرف عن التحالفات العسكرية التي تقودها السعودية، سوى وجه الجنرال احمد عسيري، وهو يقدم الايجازات والانجازات عبر إعلامه الموجه لجمهوره.
لكن مع وصول ترامب الى البيت الابيض، مطلع العام الجاري، بدأت خطاباته المتشددة حيال ايران، تعيد الدفء لعلاقة واشنطن بالسعودية. وفي ظل هذا المناخ الدولي، اصبح الامير الشاب وماكنته الدعائية، يتحدث عن “ناتو اسلامي”، ويهدد بشكل متواصل بنقل الحرب مع ايران الى داخل حدود الاخيرة.
ومع زيارة ترامب المرتقبة، تحاول الرياض بقيادة محمد بن سلمان استثمار هذه الفرصة لكسب الدول المترددة الى جانبها وبضمنها العراق.
وبالعودة الى شكل الدعوة السعودية التي تلقاها العراق. ففي الوقت الذي جاب فيه عادل الجبير العواصم العربية والاسلامية مقدما الدعوة لقادتها لغرض حضور قمة الرياض، تلقى الرئيس معصوم الدعوة عبر القائم بالاعمال السعودي الذي سلمها بدوره الى وزير خارجيتنا.
وبعيداً عن الهفوة البروتوكولية في تقديم الدعوة، فإن اجواء القمة المتوقعة، وتداعياتها اللاحقة على العراق والمنطقة، تدعو للتفكير بشكل معمّق في جدوى الاشتراك في مثل هكذا محفل سنكون فيه مجرد ديكور، لو لم تكن هذه المشاركة على وفق حسابات ورؤية واضحة ودقيقة.اذ من المتوقع جدا، ان تتحول القمة براعيها وضيفها الى منصة للتصعيد مع ايران وتلفيق الاتهامات لقوات الحشد، كما يرجح ايضا ان تشهد القمة ممارسة ضغوط على الجانب العراقي لزحزحته عن مواقفه المعروفة من سوريا وايران وضمه للمحور السعودي / الاميركي.
ومن هنا تكتسب المشاركة العراقية اهميتها، اذ انها ستمنح هذه القمة قوة وشرعية لا تتحقق لها من دون العراق، وهو ما يجب ان يلتفت اليه ممثلنا. كما يجب ألا تكون المشاركة مجانية لمجرد الحضور والتقاط الصور، اذ علينا استعارة دبلوماسية “السيسي” التي حفظت لمصر مكانتها وهيبتها في عز ضعفها وازمتها المالية.
نقلا عن المدى