في سباق محموم وسريع، واستحضار لجميع اوراق اللعب وعوامل الضغط، وحذر شديد من أي مفاجأة قد تحدث، واشياء أخرى لا يعلمها الا الله والراسخون في السياسية، تنهمك امريكا والدول الغربية من جهة، وايران واجنحتها وروسيا من جهة اخرى، استعدادا للمفاوضات النووية نهاية حزيران المقبل، لتصل المنطقة اخيرا الى لحظة تاريخية، قد تعيد صياغة المنطقة سلما واستقرارا، وقد تنفجر في صراع محموم لا عودة عنه الا بنهاية احد الفريقين.
كل ما يحدث في العراق واليمن ولبنان والمنطقة الشرق اوسطية برمتها، ما هي الا اوراق ضغط في مفاوضات تعد هي الاخطر على السلم العالمي.
مذ وقت طويل يعد الطرفان العدة لهذه المواجهة الباردة الساخنة، ولعل الاحداث في سوريا والعراق كانت بواكيرا الاعدادات لهذه الحرب التي اطلق البعض عليها انها حرب عالمية ثالثة.
فاحداث اليمن بدأت مع انطلاق المفاوضات الاولية حول برنامج ايران النووي، وقبلها سيطرة تنظيم داعش على الموصل واجزاء كبيرة من العراق وسورية، سبق ذلك وتلاه اخفاق كبير لاي مسع يفضي الى اتفاق سياسي او مجتمعي سواء في العراق او سوريا، مما يؤكد ان الحرب الدائرة هي حرب بالنيابة تنتهي بانتهاء حرب الكبار.
وكلما اقترب موعد المفاوضات زادت حدة التحضيرات، وتكررت محاولات كل طرف من اجل مباغتة خصمه، وربما يكون سقوط الرمادي هو من الاحداث المباغتة الرامية الى الاستنزاف وبعثرة اوراق الخصوم.
ففي حالة لم تصل المفوضات الى آفق رحب ينهي هذا الصراع، فما هو السيناريو المحتمل في العراق.
من وجهة نظري ان اخطاء اللحظة الاخيرة قد تكلف كثيرا، وعلى ايران ان تكون دقيقة جدا في التعامل، فربما تجد نفسها في مواجهة داعش بشكل مباشر اذا لم تحسب بعض الحسابات خصوصا فيما يتعلق بتعامل الحشد الشعبي ومواقفه، فالنازحون من العرب السنّة من الرمادي الى بغداد، قد عانوا الامرين على جسر بزيبز مما اضطر حكومة العبادي الى البدأ بنقلهم الى اقليم كردستان بعد ان شعرت باحراج كبير امام الرأي العام وخصوصا المكون السني، وهذا قد يعطي اشارة خطيرة على خط الصراع.
فهل تفكر الولايات المتحدة الامريكية (في حال لم تنجح المفاوضات)، الى نقل العرب السنة الى منطقة شمال نينوى حيث التحضيرات العسكرية لتحرير الموصل من داعش..؟ فهذا يعني ان العرب السنّة قد يتخلون عن القتال في مناطقهم الجنوبية (الرمادي) بعد الظلم الذي لاقوه على يد الامن في بغداد ومسألة (النازحين)، وعدم انصافهم من قبل وسائل الاعلام الحكومية خصوصا في ساحات الصراع، مع علم الجميع ان (جبور) الضلوعية وهم من العرب السنّة هم الذين اوقفوا داعش ودافعوا عن بغداد قبل تأسيس الحشد الشعبي اصلا؟.
قد تبدأ معركة العرب السنة من تحرير الموصل لايجاد موطن لهم بدماء ابنائهم مستعينين بحلفائهم في الغرب وتركيا والخليج والبيشمركة، ودفع كرة النار (داعش) باتجاه الجنوب وايران ، وبهذا ستكون الموصل مأوى للعرب السنة النازحين لحين تحرير كافة مناطقهم، كما انه سيكون اخر عهد العراق بالوحدة ،لانه سيتمزق الى دويلات عدة.
ولاشك ان تفادي مثل هذا السيناريوا هو بتحرير الرمادي على وجه السرعة، وتوحيد صفوف العراقيين من جيش وحشد وعشائر، وتخلي بعض وسائل الاعلام عن طائفيتها في التعامل، وايجاد حلول للنازحين واطلاق مبادرة سياسية للسلم الاجتماعي.. واعتقد ان هناك مساع بهذا الاتجاه لكنها بحاجة الى جهد كبير ونوايا خالصة.