23 ديسمبر، 2024 12:17 ص

العراق والقبضة الايرانية

العراق والقبضة الايرانية

مع مايجري من أحداث وتطورات ملفتة للنظر في إيران والمنطقة والعالم، والتي قد تحدد ملامح لمرحلة جديدة على مستوى العالم بحيث تکون الامور مختلفة عما هي عليه الآن، إذ من الممکن أن يکون تشهد تلك المرحلة تراجعا لبعض الادوار و إختفاء لأدوار أخرى، ولاسيما بعد أن باتت بعض الدول الاقليمية تتجاوز حدود دورها المحدود وتخطو بخطوات لايتناسب مع حجمها وإمکانياتها أبدا کما في الحالة الايرانية التي يبدو من الواضح إنها تعاني من سلسلة أزمات حادة داخليا وإقليميا ودوليا من جراء النهج غير العادي الذي إتبعته طوال العقود الاربعة المنصرمة والذي يبدو إنه إنعکس وينعکس عليها سلبا.
المأزق الايراني الذي هو بالاساس مرتبط بالمشروع الذي يتبناه النظام الايراني حيث يسعى الى بناء إمبراطورية دينية في المنطقة، إذ وبعد أن قطع هذا المشروع مرحلة ملفتة للنظر وأخضع 4 بلدان عربية لنفوذه ويحاول الانطلاق من هذه البلدان بإتجاه أخرى، فإنه قد ‌إصطدم بأکثر من عائق وصار صعبا جدا أن يواصل هذا المشروع تقدمه الذي حققه أبان عهد الرئيس الامريکي السابق أوباما، بل وإن نفوذه خلال عهد الرئيس ترامب في هذه البلدان الاربعة صار في خطر ومهددا أکثر من أي وقت، ولأن طهران تعلم بأنها تواجه مصاعب جمة وتدرك جدية التهديد الدولي لمشروعها، فإنها تسعى لإحکام قبضتها على العراق بإعتباره الاهم لأسباب مختلفة أهمها إضافة الى عامل القرب فإن للعراق موارد وإمکانيات الى جانب وجود أکثرية شيعية فيه.
النفوذ الايراني، أو بالاحرى مشروع خميني، الذي يحاول النظام الايراني تفعيله وتجسيده من خلال العراق خصوصا بعد أن صار يسعى وبصورة مکشوفة الى إستنساخ تجربة ولاية الفقيه فيه وتأسيس الاجهزة الخاصة التي تعتمد عليه وبشکل خاص الحرس الثوري والباسيج، حيث إن ميليشيات الحشد الشعبي التي تدين بالولاء للمرشد الاعلى الايراني، هي النسخة العراقية من الحرس الثوري فيما قد بدأت المساعي لتأسيس قوات الباسيج من البصرة وإن إختيار الحلبوسي کرئيس لمجلس النواب العراقي والذي وصفته أوساط سياسية وإعلامية عراقية بأنه إنتصار سياسي للنفوذ الايراني في العراق، يشير الى طهران ماضية قدما في مسعاها قبل قدوم شهر شهر تشرين الثاني/نوفمبر حيث سيتم تطبيق الدفعة الثانية من العقوبات الامريکية ضدها، وکأنها تعتبر العراق بمثابة سلاح إستراتيجي لها في مواجهة العقوبات والضغوط الامريکية ضدها.
الازمة الداخلية الطاحنة التي يواجهها النظام الايراني داخليا، هي الاخطر والاکثر تهديدا لوجوده ومستقبله، ذلك إن المسٶولين الامريکيين قد أکدوا لمرات عديدة من إنهم لايسعون لإسقاط النظام، کما إن قادة ومسٶولون إيرانيون قد أکدوا أيضا من إن بإمکانهم إيجاد حلول ومخارج لأزماتهم الخارجية ولکنهم لايمتلکون قدرة مماثلة ازاء الازمات الداخلية، وإن الاحتجاجات الحالية في إيران والتي هي إمتداد لإنتفاضة 28 کانون الاول/ديسمبر2017، والتي أکد المرشد الاعلى للنظام من إنها بقيادة منظمة مجاهدي خلق، هي إحتجاجات من الممکن أن تتطور في أية لحظة وتتبدل الى إنتفاضة کبرى”حذر ويحذر منها المسٶولون الايرانيون بإستمرار”، ولهذا فإنه يجب ملاحظة إن طهران قد ألقت بکل ثقلها في العراق من أجل حسم الامور لصالحها ولکن، العراق حاليا أشبه مايکون بمنطقة رمال متحرکة لايمکن أن تکون آمنة الى الحد الذي يتصوره الايرانيون!