23 ديسمبر، 2024 12:30 م

العراق والفصل السابع

العراق والفصل السابع

الفصل السابع هو واحد من سبعة عشرة فصلا تؤلف ميثاق الامم المتحدة ، ويتكون من ( 13 ) مادة وهي المواد من 39 – 51 ، ويتكون الميثاق باجمعه من ( 111 ) مادة ، ويخول هذا الفصل مجلس الامن الدولي إستخدام القوة ضد الدولة أو الدول التي تهدد السلم والامن الدولي ، وتتمتع القرارات التي تصدر إستنادا الى هذا الفصل بالصفة الالزامية. طبيعة الفرد الإجتماعية، تجعله يستأنس بالعيش مع بقية أفراد جنسه، وهناك روابط وعلاقات إجتماعية وثقافية وسياسية وإقتصادية تحكم بينه وبين بقية أفراد المجتمع. ولتنظيم هذه العلاقات والروابط لابد من وجود قواعد تنظمها؛ ليسود الوئام في المجتمع ويعيش الجميع بسعادة ورفاهية. وفي هذا يقول المفكر الفرنسي جان جاك روسو ( إن الناس بغريزتهم الإجتماعية يكونون الشعوب ثم الدول، بالإتفاق فيما بينهم على أن يكونوت جماعة، ويختارو لأنفسهم رئيسا أو حاكما، يستمد سلطته من هذه الجماعة التي يتنازل فيها أفرادها عن جزء من سلطاتهم الفردية غير المحدودة لتلك الجماعة أو من يمثلها، حتى يضمن لهم الحياة في وئام وسلام، ولكي تستمر تلك العلاقات، لابد أن تأخذ شكلا قانونيا مشروعا ويستمدوا منه سلطتهم؛ فهم إن تنازلوا عن شيء من حقوقهم، فلأنها تعود إليهم مرة ثانية، ولكن في شكل مشروع مقنن من قبل الدولة)
الإنسان بطبعه خطاء!!
كذلك فإن من طبيعة النفس البشرية تعرضها لإرتكاب الخطأ بحق جيرانه في أية لحظة، الأمر الذي يؤدي الى توتر العلاقة بينهما، وهو امر طبيعي لأن (( كل ابن آدم خطاؤن، وخير الخطائين التوابون))، وهو نفس الشيء الذي يطبق في علاقات الدول بينها وبين بعض، بمعنى أنه من الطبيعي أن تحدث مشكلات بين الدول المتجاورة لسبب من الأسباب ” إقتصادية كانت أو سياسية” قد تتطور الى نشوب حرب بينهما، قد ينتهي الأمر بعد مدة قليلة وقد تستمر لعدة سنوات؛ وهناك حالات يقتضي أن تتدخل فيها دول غير مشاركة في الحرب لفض النزاع.
لمحة تاريخية!!
كانت المجتمعات القديمة تقوم على أساس القوة لتصل الى غاياتها، ومع تزايد إهتمام المجتمع الدولي بحماية حقوق الإنسان؛ ونتيجة لما خلفته حربين كونيتين راح ضحيتهما الملايين من البشر، إتجه تفكير المجتمع الدولي لإيجاد جهاز يكون بمقدوره الحفاظ على السلم العالمي ” على أن يتم منح هذا الجهاز كافة الوسائل التي تمكنه من تحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها، والعمل بجدية وفعالية لصد أي خرق أو تهديد للسلم والأمن الدولي”، لذلك كان ميثاق الأمم المتحدة الصادر في 24 تشرين الأول عام 1945 والذي كان من أهم أهدافه ” الحفاظ على السلم والأمن الدولي”.
صلاحيات وسلطات واسعة لمجلس الأمن!!
وقد خول ميثاق الامم المتحدة هذا الجهاز، صلاحيات وسلطات واسعة للحفاظ على السلم والأمن الدولي وبما يتفق مع مقاصد ومباديء الأمم المتحدة، وهذه السلطات نص عليها الميثاق في الفصول “6 و 7 و 8 و 12″ منها سلطته التقديرية في فحص أي نزاع أو موقف من شأن إستمراره تعريض السلم والأمن الدولي للخطر” المادة 34 من الفصل السادس” والمجلس يتحقق من ذلك بواسطة لجان التحقيق التي يتم انشاءها لهذا الغرض، وبناءا على النتائج التي تتوصل إليها تلك اللجان يقوم المجلس بإتخاذ الإجراءات وفقا للسلطات التي يتمتع بها بموجب الميثاق، كما له أن يدعو أطراف النزاع الى تسوية الموقف بالطرق السلمية كالمفاوضة والوساطة والتحقيق والتوثيق والتحكيم والتسوية القضائية، أو عن طريق اللجوء الى الوكالات والتنظيمات الإقليمية وغيرها من الوسائل ” المادة 33 من الفصل السادس ” أما إذا فشلت الإجراءات السابقة في معالجة الموقف أو النزاع الذي من شأنه تعريض السلم والأمن الدولي للخطر، جاز لمجلس الأمن أن يقرر وجود تهديد للسلم أو الإخلال به، أو أن حالة من حالات العدوان قد وقعت ، لذلك فللمجلس أن يتخذ مايراه مناسبا من التدابير أو الإجراءات المنصوص عليها في مواد الفصل السابع من الميثاق ( المواد 39 و 40 و 41 و42 ) بغية الحفاظ على السلم والأمن الدوليين و إعادته الى نصابه، وأن هذا الفصل يعد من أهم وأخطر الفصول الواردة في الميثاق، إذ يتمتع مجلس الأمن بموجب هذا الفصل بسلطة تقديرية واسعة فيما إذا كان هناك تهديد للسلم أو إخلال به أو وقوع عمل من أعمال العدوان، وله ان يقوم بالإجراءات والتدابير التي لا تتطلب إستخدام القوات المسلحة في البداية، كوقف العلاقات الإقتصادية والدبلوماسية والمواصلات البحرية والبرية والجوية وغيرها إستنادا الى ( المادة 41 ) من الميثاق، كما في حالة روديسيا الجنوبية حيث قام مجلس الأمن الدولي بإتخاذ أنماط معينة من التدابير الإقتصادية ضد هذه الدولة وبموجب القرار 232 في عام1966. وكذلك العقوبات التي فرضها على جنوب افريقيا بموجب القرار 418 في عام 1977 ومنع تصدير السلاح إليها. وكذلك القرار 757 في عام 1992 بشأن قطع العلاقات الإقتصادية مع جمهورية يوغسلافيا الإتحادية. وكذلك القرار 748 في عام 1992 والذي ألزم بموجبه أعضاء الأمم المتحدة بقطع كافة إتصالاتها الجوية مع ليبيا وحظر إمدادها بالأسلحة وخفض مستوى تمثيلها الدبلوماسي والقنصلي مع ليبيا على أثر قضية لوكربي المعروفة ، وكذلك العقوبات التي فرضت على العراق بعد قيام الأخيرة باجتياح وغزو الكويت عام 1990 وهو موضوع دراستنا.

إحتلال الكويت!!
حدثت هذه الأزمة عندما قام النظام العراقي السابق باجتياح دولة الكويت في 2/8/1990 وإحتلالها بحجة ان الأخيرة تخوض حربا اقتصادية ضد العراق ، حيث تقوم باستخراج النفط بكمية اكثر من اللازم مما يؤدي الى تخفيض الاسعار ويخسر العراق المليارات الدولارات في السنة. في وقت كان في أشد الحاجة إليها، لأنه كان خرج للتو من حرب مع جارته الشرقية ” إيران” إستمرت لثمان سنوات، إستنزفت إقتصاده لدرجة خطيرة.
إجتماع مجلس الأمن!!
وعلى اثر هذا الاحتلال اجتمع مجلس الامن الدولي بعد ساعات قليلة من الاحتلال وذلك لدراسة الموقف واتخاذ ماتروه مناسبا ، فقد صدر القرار الاول وهو القرار 660 الذي ادان الغزو العراقي للكويت ودعى العراق الى الانسحاب الفوري والغير مشروط من الكويت ، ثم تلاه صدور عدة قرارات اخرى منها القرار 661 عام 1990 والذي بموجبه تم فرض الحصار الشامل على العراق ، وكذلك القرار 662 عام 1990 والذي قضى ببطلان ضم العراق للكويت ، اضافة الى القرارات 664 و 665 و 666 و 667 و 669 و 670 و 674 و 677 الصادرة في العام 1990 وحول العديد من القضايا المتعلقة بتنفيذ الحصار ومعاملة العراق للرعايا الكويتيين والاجانب المقيمين فيها ومقرات البعثات الدبلوماسية ، بالاضافة الى القرار 687 عام 1991 والذي حدد شروط وقف اطلاق النار والزم العراق بعدة امور منها استقطاع نسبة من اموال العراق كتعويضات للكويت والشركات والدول التي تضررت من الغزو ونزع اسلحة الدمار الشامل من العراق بالاضافة الى منعه من شراء واستخدام وحيازة أي من المواد الكيمياوية والبايلوجية او مواد يمكن استخدامها للاسلحة النووية وتشكيل لجنة نزع اسلحة الدمار الشامل من العراق ، والقرار 986 المعروف بإتفاق مبادلة النفط مقابل الغذاء ، إضافة الى القرار 688 والذي بموجبه تم توفير الحماية الدولية للشعب الكوردي بعد تعرضه للقوة العسكرية الغاشمة من قبل النظام الدكتاتوري السابق .
الفصل السابع!!
إن جميع هذه القرارات قد صدرت ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ولازالت سارية المفعول تجاه العراق وإن آثارها لايزال يعاني منها الشعب العراقي. وبقاء العراق تحت طائلة هذه القرارات والعقوبات المفروضة بموجبها، لامبرر له لحد الآن، كونه يعرقل النمو الإقتصادي والثقافي والإجتماعي والتكنولوجي وحتى العسكري ولا يستطيع ان يسترد عافيته وسيادته الكاملة إلا بعد التخلص من تبعات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وبشكل كامل، صحيح ان البعض من تلك القرارات ليست لها تأثير كبير كما في السابق أي قبل تحرير العراق ، الا انها لازالت نافذة من الناحية القانونية وبإمكان الأمم المتحدة أن تلجأ إليها كلما دعت الحاجة الى ذلك وطبقا للمصالح الدولية في المنطقة وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت لها الدور الاكبر في عملية تحرير الكويت، و إصدار هذه القرارات وكذلك تحرير العراق من النظام الدكتاتوري السابق الذي لم يعترف بالشرعية الدولية وجلب للعراق كل هذه المآسي .
المطالبة بالخروج من الفصل السابع!!
كان السيد عبد العزيز الحكيم “عزيز العراق قده” قد طالب مرارا وتكرارا الأمم المتحدة بإخراج العراق من طائلة البند السابع حيث قام برفع كتب عدة الى الأمم المتحدة تطالبهم بضرورة إخراج العراق من البند السابع. وتجسد أيضا بالزيارة التأريخية لسماحة السيد عبدالعزيز الحكيم الى الولايات المتحدة الأميركية عام 2005 والتي سميت بزيارة (الإستقلال والسيادة) ركز على المطالبة بأخراج العراق من الفصل السابع الذي ابتلينا به نتيجة سياسات النظام الصدامي المقبور بعد غزوه للكويت. اذن هي مهمة وطنية كبرى اسمها اخراج العراق من الفصل السابع للميثاق الاممي وهي مهمة الجميع دون استثناء.