22 ديسمبر، 2024 7:11 م

العراق والعرب .. مَن يعودُ الى مَن .؟

العراق والعرب .. مَن يعودُ الى مَن .؟

بينَ احايينٍ واخريات , وبفتراتٍ متباعدة ومتقاربة , تُثار في الإعلام مسألة عودة العراق الى محيطه او حاضنته العربية , والكثيرون سمعوا ولاحظوا ذلك داخل العراق وفي مختلف البقاع والأصقاع العربية , وخارجها كذلك .
وبقدر الإقرار الثابت بوجود العوائق والمعرقلات السياسية الحادّة ! والمتجذرة التي تحول دونَ الدّنوِ من عودة العراق الى هذه الحاضنة او الأحضان , وذلك بوجود احزاب الإسلام السياسي ” بكلّ مشاربها ومشتقاتها ” التي تتحكّم ببوصلة السلطة والسياسة الخارجية للعراق , لكنه ايضاً ينبغي التمعّن والتعمّق في النظر الى هذا المحيط العربي والذي يراد إظهاره ” في الإعلام ” وكأنّه المحيط القومي .!
قد تنبغي الإشارة العابرة او السريعة بأنّ بدايات تآمر ” المحيط العربي ” في العصر الحديث , كانت قد ابتدأت منذ اواسط خمسينيات القرن الماضي , وانحصرت تقريباً بين مصر وسورية والعراق , واستمرت الى مطلع ستينيات القرن العشرين , لكنه يتوجّب القول ايضاً أنّ ذلك التآمر كان ضدّ حكوماتٍ وليس ضدّ وطن وشعب .!
وبأختزال لمجريات احداثٍ اخرى اقلّ شأناً , فننتقل الى ما هو اشدّ واعنف من ذلك التآمر العربي , حين قطعت سورية عن العراق انبوب النفط العراقي الذي يمرّ في اراضيها وتسببت بضائقة اقتصادية للشعب العراقي سيما والعراق كان في حالة حرب والماكنة العسكرية تستهلك المليارات من صادرات النفط , ثمّ عززت سورية وليبيا القذافي موقفهما بإرسال الصواريخ والأسلحة الأخرى الى طهران للإيقاع بأكبر خسائرٍ مفترضة بالجيش او الشعب العراقي < والحديث هنا تجريديّ ولا علاقة له بنظام الحكم السابق > .
انفتحت ابواب التآمر العربي على مصاريعها بقوةٍ واندفاع حين انضمّت معظم وأهم الجيوش العربية الى قوات التحالف العالمي لضرب العراق في حرب عام 1991 , ولم يعط القادة العرب وخصوصاً الرئيس المصري حسني مبارك فرصةً اطول لتسوية انسحاب الجيش العراقي من الكويت , وتسوية المسألة سلمياً , ولم يكترثوا او يأخذوا بنظر الأعتبار تخفيض اسعار النفط الى الحد الأدنى , بغية التضييق ومحاولة خنق اقتصاد العراق ..
ولم يرتو السادة الملوك والأمراء والرؤساء العرب بتدمير كامل البنى التحتية للعراق ” خارج منطقة العمليات الحربية ! ” في تلك الحرب الأولى من نوعها نوعياً , ولم يكفهم إشباع رغباتهم التآمرية المهووسة من الحصار الأقتصادي الخانق والقاتل على العراقيين لثلاثة عشر عاماً , ففرشوا البساط الأحمر للمقاتلات الأمريكية والبريطانية والأسترالية في القواعد الجوية لسبعِ دولٍ عربية لضرب العراق وتسهيل احتلاله عسكرياً كما معروف .
ومن خلال هذه الحاضنة العربية المجرّدة من الأحضان فقد شاركت مقاتلات بعض دول الخليج في قصف ليبيا بجانب التحالف الأوربي ” وكأنّ ذلك مسوّغاً عربياً للتخلّص من شخص القذافي ” ….
اضطررنا هنا اضطراراً لم نرغب في اعادة عرضه ولو بأيجاز , لكنّ ضرورات كشف الغطاء عن خلفية المحيط العربي الذي استهدف العراق من كل زاوية قد دفعت لذلك . ودونما شماتة فيشهد الشارع العربي بما حلّ ببعض الدول العربية التي عادت العراق بكلّ ما اوتيت من قوة .! ومع المتغيرات السياسية التي صنعتها ايادٍ عربيةٍ اولاً , فهؤلاء الأشقّاء العرب هم الذين يعودون العراق وليس العكس , ومن خلال ما يصطلح عليه بِ ” الّتي والّلُتيّا ” فليس للعراق مشكلةً فيمن يبدأ العودة للآخر او للذات العربية , ولن تحول الألغام السياسية والمسامير الداخلية في العراق للحؤول دون اصطفاف العراق في مقدمة الصف العربي , مهما تأخرّ الوقت وعلى الرغم من الظرف الحالي .