23 ديسمبر، 2024 4:14 م

العراق والخيار الامريكي الصعب

العراق والخيار الامريكي الصعب

بات واضحا فشل الإستراتيجية الأمريكية في العراق والمنطقة كلها ،بعد الإخفاق الامريكي في إقامة الديمقراطية على المقاس الامريكي في غزوها للعراق وتدميردولته وإقامة حكومات طائفية وقومية وعرقية ومذهبية على أنقاضه،وفشلها في تغيير نظام الأسد في سوريا او إبقاء جماعة الأخوان بقيادة مرسي في الحكم في مصر التي هللت لربيعها العربي الخادع وهكذا الأمر  في تونس واليمن وليبيا،إذن السيناريو الامريكي التي سمته الربيع العربي قد هزم في المنطقة ولم يتبق منه (بعد أن افتضح أمره )ولم يتبق منه إلا الفوضى الأمريكية الخلاقة التي عصفت بالمنطقة تدميرا وتخريبا وقتلا وتهجير او طائفية وعرقية ومذهبية وقومية انظروا الى ما يجري في العراق وسورية ومصر وليبيا فهل كان المخطط الامريكي هو هذا لتحقيق مشروعها في إقامة الشرق الأوسط الكبير أم أن هذا المشروع أجهضته المقاومة العراقية الباسلة وأفشلته في المنطقة ،هذه الأسئلة هي من يشغل الشارع العربي الآن ،ويضعه في حيرة من أمره ويتساءل المواطن العربي هل هذا هو الخيار الامريكي الوحيد أم أن هناك خيارات إستراتيجية أخرى بديلة عنه ،لذلك سنسلط الضوء على الخيار الأصعب البديل الآن ،وهو ما تعول عليه إدارة اوباما في المرحلة الراهنة ،فعندما نقرأ المشهد العراقي نراه مشهدا سياسيا دمويا فوضويا صنعته أمريكا بيدها وتحصد الآن نتائجه الكارثية عليها كأحد أسباب سقوط مشروعها الاستراتيجي الحتمي في المنطقة،أما في سوريا فالمشهد الامريكي هناك اعقد ولكنه أوضح ،فهي تدعم المعارضة إعلاميا وعسكريا خجولا لا تريد منه إسقاط النظام  وتعارض النظام دوليا بعد أن فشلت عسكريا من تغييره بالقوة كما حصل في العراق واحتلاله والسبب هو تخبط إدارة اوباما السياسي والعسكري في معالجة الأزمة السورية وعدم قدرتها على مواجهة التحالف الإيراني –الروسي- الصيني مع سوريا ضد المشروع الامريكي في المنطقة وعدم السماح لإدارة اوباما لتكرار ما جرى في العراق أن يجري في سوريا ،لذلك عمدت إدارة اوباما بغبائها المعهود إن تخلق أزمة أخرى لإشغال العالم عن فشلها في سورية والعراق ،لتأتي الأزمة الأوكرانية كبديل عن الفشل الامريكي في الشرق الأوسط ،لتحول الأنظار هذه المرة إلى جزيرة القرم التي شهدت أول حرب عالمية في التاريخ،فأوكرانيا تدعمها أوروبا وأمريكا ضد تطلعات روسيا في احتواء جمهورية القرم وإعادتها الى حضيرتها الأولى ،والتي تدفع إدارة اوباما بكل قوتها لتحشيد الرأي العالمي وأوروبا لإعلان الحرب العالمية الثالثة انطلاقا من جزيرة القرم التي تشهد توترا خطيرا وتوثبا روسيا لمواجهة سعير الحرب العالمية التي تدق طبولها في جميع مدن أوروبا  انطلاقا من أوكرانيا المصممة على استعادة جزيرة القرم بأي شكل حتى لو قامت حرب عالمية ثالثة والمرجحة الآن ،وهو الخير الأصعب لإدارة اوباما للهروب من شبح الأزمة السورية والعار الذي لحقها جراء عدم تغيير نظامها ،إن خلق بؤر توتر عالمي هو إستراتيجية أمريكية قديمة أثبتت فشلها الوقائع ،ولكنها تترك آثارها المدمرة على الشعوب ،إن الخيار الامريكي هو الصعود إلى هاوية الفشل في كل مكان من العالم  دون تحقيق نتائج بسبب قصر النظر الامريكي والحسابات الخاطئة وقراءة الموقف الدولي بالمقلوب ومن منطق وهم القوة أمام قوة الوهم وهو ما جرى تماما في العراق الذي سيظل خيارا أمريكا صعبا تحقيقه ،فحساب الحقل ليس كحساب البيدر ،وهكذا سقط إدارة المجرم بوش وبعده اوباما في وحل قوة الوهم الامريكي في العراق ،والذي أرادوه أن يكون (نموذجا للديمقراطية الأمريكية في المنطقة ) وهاهو نموذجا للخراب والدمار والفساد في العالم وهذا يبرهن فشل أمريكي ذريع لسياسة الاحتواء المزدوج للعراق ،إذن العراق هو بيت الداء الامريكي وخياره الصعب الذي غص بحلقه وما نراه الآن على الأرض من دعم أمريكي عسكري لحكومة نوري المالكي التي أعلنت الحرب على الشعب بحجة داعش في محافظات منتفضة (سنية ) هو بإيحاء أمريكي إيراني مؤكد ولذلك أرسلت وفدا عسكريا لجميع صنوف الجيش لمساعدة جيش نوري المالكي بحربه على ما يسميه المالكي داعش وإرسال الصواريخ والمدافع والطائرات بدون طيار إلى العراق إضافة إلى 14 مليون قذيفة مدفع هل هو لسواد عيون المالكي أم لإشعال الحرب الأهلية الطائفية بين الحكومة والشعب  ،أم للحفاظ على ماء الوجه الامريكي القبيح الذي تلطخ بالدماء العراقية عبر سني الاحتلال البغيض انه هذا كله ،ولذلك سيظل العراق الخيار الامريكي الأصعب بالنسبة لإدارات أمريكا.