23 ديسمبر، 2024 6:12 ص

العراق والخيارات الثلاث ؟!!

العراق والخيارات الثلاث ؟!!

نسمع هذه الايام الكثير من دعوات التقسيم ، وفي نفس الوقت هناك دعوات موازية تدعو الى ضرورة التوحد ونبذ التفرقة ، خصوصاً امام التهديدات الخطيرة للإرهاب والمتمثل بتنظيم “داعش” الارهابي والي يحاول تنفيذ مخطط وأجندة تقسيم البلاد تقسيماً طائفياً لتدخل البلاد دوامة العنف الطائفي والتفرقة ، وبالتالي هدفاً سهل للتهديدات .
أن عموم المنطقة تشهد تغييرات سريعة ، وهي شبيهة ببركان دائم الثوران ، ويمكن تشخيص المتغيرات الحاصلة والتي أهمها :-
الاول : انهاء حالة التوافق التي كانت سائدة والمتمثلة باتفاقية (سايكس بيكو) الشهيرة والتي تم بموجبها توزيع الامة العربية المسلمة على الدول المستعمرة آنذاك ، وأيجاد صيغة جديدة تتسق وطبيعة التغييرات الحاصلة اليوم في المنطقة .
الثاني :الامر المهم هو كيفية وضع أسس الامن القومي الاسرائيلي في المنطقة ، أذ يعد أمن اسرائيل ذات اولوية ليس فقط في اجندة الدولة الغربية ، بل تعداه الى الدولة العربية والخليجية والتي لها علاقات متميزة وذات شبكة مصالح كبيرة مع الكيان الاسرائيلي ، الامر الذي يجعل أمن اسرائيل في مقدمة الاولويات لوضع أي اساس للنغيير في المنطقة .
المراد هو تقسيم الدول وجعلها دويلات متصارعة فيما بينها ، مع قدرات قليلة وضعيفة ، وإشغالها بصراعات لا تنتهي ، على حساب بناء امن إسرائيل وحماية مصالحها في المنطقة ، لهذا كان الهدف الاسرائيلي للمنطقة هي ثلاثة دول ( العراق ،سوريا، مصر) وهنا سنسلط الضوء على العراق كونه محور بحثنا ، ونضع بعض المعطيات لقراءة الخيارات الثلاث المتاحة امام العراق وشعبه والتي يمكن تلخيصها في ثلاثة خيارات :
الخيار الاول : أبقاء الوضع على ماهو عليه ويسمى ( الوضع الراكد) أي بقاء حالة التصارع والاقتتال الطائفي والقومي ، مما يولد أضعاف الدولة وانهيار اركانها ، وتغذى الصراعات الطائفية والعنصرية ، وبالتالي تقف الحكومة عاجزة عن ايقاف نزف الدم ، وإيجاد حلول وبالتالي اعلان فشلها وسقوطها .
السمة العرب من جهتهم راغبون ببقاء الوضع على ماهو عليه ، وهنا اقصد النخبة السياسية السنية ، ويعده البعض منهم بانه افضل الحالات ، لان هناك اتجاهات غير راغبة وغير منساقة مع حكم الشيعة ويحلمون بعودة الحكم اليهم ، بل البعض يسعى الى تغذية وإدامة أي صراع طائفي ، ووضع العراقيل أمام أي جهد للدولة في حلحلة المشاكل .
الاكراد من جهتهم غير معنيين كثيراً بالأمر ، وان كانوا ربما يرغبون ببقائه ، لانهم الاكثر استفادة من الوضع المتأزم خصوصاً فيما يتعلق بالوضع الامني وسقوط ثلاث محافظات بيد داعش ، واستغلال هذا الظرف لزيادة المكاسب وتحقيق حلم الدولة الكردية .
الشيعة من جهتهم وان كانوا مختلفين فيما بينهم إلا انهم غير منساقين مع هذا الوضع ، ولدى المرجعية الدينية العليا ، وبعض الكتل السياسية الرغبة الحقيقة في ايجاد الحلول ، والجلوس على طاولة المصارحة والمصالحة ، ومحاولة طي صفحة سوداء في تاريخ العراق ، من حكم فاسد وفاشل ، أخسر البلاد الارض والحرث ، وسقوط ثلث العراق بيد داعش ، واستباحة دماء الابرياء ، لهذا تسعى بعض القوى الشيعية ايجاد الحلول المناسبة والسعي الجاد من أجل انهاء حالة الفوضى ومحاربة الفساد وإقامة دولة مدنية تسود فيها العدالة على أقل تقدير .
الخيار الثاني : الا وهو ” الانفصال ” والذي يبدو واضح المعالم لدى الاكراد ، وهو أفضل الخيارات لهم ، أذ يسعون الى ذلك ومهما كانت النتائج ، والسعي الى اقامة العلاقات مع جميع الدول دون استثناء ، والسعي الى الاستقلال ، وهذا ما لم يتحقق لحد الان لأسباب الاختلاف الداخلي الكردي ، والموانع الاقليمية والدولية .
السنة العرب ، ربما مع هذا الخيار ، ولكن مع البقاء ضمن خارطة العراق دون السعي الى قطع جزء منه والذهاب الى دول اخرى مجاورة والارتماء في احضانها ، وهذا هو صوت المتشددون منهم ، وأما الصوت المعتدل في السنة مع زال مع خيار التعايش السلمي ، وإيجاد الارضية المناسبة في العيش الكريم والوصول الى المصالحة الوطنية والمجتمعية الشاملة .
الشيعة من جهتهم لا يسعون الى التقسيم والانفصال ، لأنهم لا يريدون ان يكونوا سببا في تمزيق البلاد وتقسيمها على أسس طائفية ، لهذا تسعى القوى الشيعية الى ابعاد خطر التقسيم ، وتقريب الخيار الثالث والذي هو …
الخيار الثالث : التعايش السلمي بين المكونات ، والجلوس الى طاولة الحوار والمصارحة بين عموم القوى الوطنية ، من أجل الوصول الى مشتركات والانتهاء بمسودة المصالحة الوطنية ، والتي تضع خاطرة الطريق لحل جميع المشاكل التي يمر بها البلاد .
إن عملية تقريب وجهات النظر ورأب الصدع بين الأطراف المتحاربة الذين مارسوا العنف ضد بعضهم البعض تحتاج إلى بذل جهود كبيرة من أجل العثور على إطار عام وأساسي متماسك لإعادة هيكلة وبناء المجتمع من جديد , فالحساسية المفرطة بين الجهات التي كانت في نزاعٍ دائم ومدى شعورهم بالألم والحقد والكراهية تجاه بعضهم وإعادة اللحمة فيما بينهم عبر بالتعايش السلمي ضمن الوطن الواحد عبر إعطاء الأولوية لمعايير الوحدة الوطنية على حساب المصالح السياسية والطائفية والعرقية الضيقة.