هنا وفي لحظة معايشة الواقع المرير تستجد امور تنبثق من قوى احزاب وتكتلات داخل قبة البرلمان وخارجه بنحو وضع استراتيجيات المسمات بالديمقراطية في المحافظات النائمة والساهمة والغائمة بعبير الخطابات الاعلامية لساسة وبرلمانين العراق ووعودهم واجندتهم التي يحرصون بعدم ضياعها وتمسكهم بها لتشكيل ( شراهة ديمقراطية وطنية ) ، قوله تعالى (( وكلوا واشربوا ولاتسرفوا انه لايحب المسرفين )) من سورة الاعراف اية (31) فالاسراف ليس فقط الاكل والشراب وانما يصل في كل شئ ، فنجد ميزانية الدولة لم تعد تكفي لكثرة ما يسمى بالنثريات والايفادات والفحوصات الطبية من غير رواتبهم أضحت سبب العجز المالية في الدولة ، وكما قال ابو حامد الغزالي ” النفس اذا لم تمنع بعض المباحات طمعت في المحظورات ” فالنهم شئ محظور ولكن يعد عند اصحاب القرارات مستباح للمنفعة الشخصية .
تتكون السلطة الرئاسية من الشبكة واسعة لمصالح متبادلة والتي تعد شراكة مصيرية لأكثر من استراتيجية او شعارات تستمد قوتها ( أحمني …. وأحميك ) يعني تبادل المنفعة بين السياسي وذلك المسؤول وبين البرلماني وذلك الوزير الى اخرها من المصالح شخصية ، ويعتقد بالمصالح تكون متوافقة اومتضاربة في كلتا الحالتين هي صفقة مربحة وخاصة ضد المكون الشعبي ، فترى غرق الاسواق بموائد منتهية الصالحية ، واتساع قطاع الخاص واموالهم ، وبعثرة العوائد الوطنية من القطاع الحكومي وما شابه ذلك بقيمة رخيصة لاتعود بعائد على المجتمع العراقي ، فنلاحظ مبدأ الشراهة الوطنية ارتبطت بمبادئ ذات طابع غير اخلاقي ، وذلك لاعتلاء المناصب واستخدام القوة على الضعفاء وتجريدهم من حمل السلاح المعرفي واضعاف شخصيتهم وعزيمتهم بدحر نفوسهم المختلة بتطبيق مبدأ الحصار الاقتصادي المدمر للحالة المعاشية للفرد او المجتمع ، واضافة ايضا صورة أختلال وضعف الموازنة وعجزها بحل عملية التقشف ، أذا هناك الكثير من التساؤلات ومنها ، هل هناك علاقة بين شراهة المشؤول والمواطن ؟ أم العكس صحيح؟ فلاجابة على ذلك هي علاقة مادية وليست معنوية بالنسبة للمسؤول ام المواطن فاجابته بطريقتين ام شخصية او عامة ، فالاولى هي خلل طبيعي يعود الى الطفولة وسببه العوز والحرمان المتعارف داخل الاسرة وما شابه ذلك ، اما الثانية متفق عليها منذ لحظة وصوله للوعي الثقافي والحضاري والفكري في عقله الظاهر او الباطن معتمد على اساس البناة واساتذة ومثقفين اساسهم الاول هو بناء دولة قوية مستندة بداعمة قانونية وفكرية على اساس الوعي النموذجي للعقل ، فنلاحظ دور علماء النفس بدراسة مبدا الشراهة بقولهم ( لاتغلو في عمل شئ ) .
فأرى ان الشراهة هي حماسة غير المتزنة التي تصبح نوعا من الهوس فالشراهة في اي شيء انما هو من قبيل الهوس او الجنون فيجب مراجعة انفسنا فيما نحن مقدمون عليه فلا يمكن ان نغالي في الشئ مهما تكون درجة اهميته ، لذا يجب علينا ان نتفائل ونحذو حذو علماء الفكر والاجتماع والاقتصاد لتقوية الداعمة الاساسية في بناء الدولة ، فهكذا يكون قرار علماء الحديث ان الشراهة في أي شيء منهي عنه وقد سبقه القرآن الكريم الى ما قرر وهكذا نعرف مدى العمق الذي ذهب اليه الدعاء في الآية 147 من سورة آل عمران، هذا الدعاء الذي يجب ان نردده دائما: (ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين).