الخطيئة الاولى/ الشهوة او البذخ
نجد ان التاريخ العراقي فيه الكثير من المتغيرات والمعطيات التي تصيب المجرى السلطوي في الحكم وعلى الصعيدين التشريعي والقضائي بغير العقلانية والاستبدادية وحبه الى التسلط على الضعفاء، فنجده يتملك اذهاننا ونفوسنا بفكرة تجعل منا اصحاب قرارات وخطوات تتأخذ بصورة غير صحيحة تتطفو عليها النرجسية والشهوة الى حب السيطرة الفردية وليست العامة ، وأذا تيقنا في التأريخ نجد امثلة توضح العنف والسيطرة على الحكم منذ عقود ونستذكر منها عندما تولى الامام علي بن ابي طالب (ع) الخلافة ابتلي باثنين من محبه الشهوة الى السلطة فاعطهم ولاية البصرة والكوفة فحدث ما حدث من متغيرات بقواعد السلطة ، وكما نذكر الحكم الملكي وفشله في السلطة التى أعتمدت على اشباع الرغبات الشخصية وعدم الاكتراث للشعب وسبل حياتهم حتى سقوطه عام 1958 بالانقلاب وسيطرة على منافذ الدولة واعلان الحكم الجمهوري الذي اصبح ايضا غير مسيطر على غرائزه في حب الرئاسة والشهوة الى للمنفعة الشخصية .
إذن فالساسة العراقيين وغيرهم يتعبدون في محراب شهوة حب الرئاسة التي تفقد صاحبها صواب “الغاية تبرر الوسيلة” والميل إلي ممارسة الصفة السلطوية التي تفرش طريق الوصول إلي الرئاسة بالاتفاقيات المشبوهة وتحالفات التنازل ووعود التمثيل بجثمان الوطن والمواطن، وما بينهما تجد من لا يقاوم مخاطر وسوءات تلك الشهوة الفطرية فينقاد في الظاهر لأمر الغير ويطيع دون تفكير ويلبي دون طلب ويرفض استسهالا ويقبل دون تبرير ويهون ويخون ويكذب ويتلذذ بالكذب وكأنه يلبي خضوعا وطاعة أمر لـ”شذوذ السلطة الشهوانية” بداخله يتحول إلي إدمان يمهد نفسه للتوحش بعد الوصول إلي الرئاسة والسلطة.والشاهد أن الساسة لم يكن لديهم ما يجعلهم يقاومون حب الرئاسة ربما لشعور بالحرمان جراء الإجبار علي كبت تلك الشهوة منذ عام 1958م وتهيأت لهم الظروف لمضاجعة السلطة والتوحش بها بعد سرقة – بنية سياسية يحسبونها حسنة فبعد الاحتلال عام 2003 م فاصبح الاتجاه والاستحواذ في الانتخابات البرلمانية التي باتت واضحة ومسيطر يتملكها طريق الوصول إلي الكرسي الجمهوري الذي كان مجرد حلم يطفو في اذهانهم للوصول بأهدافهم الشخصية ، فلجأوا الى التكتل والاحزاب للاستحواذ ودسترة انظمتهم الشخصية الداخلية ووضع سياج الحماية وأعمال التمويه لإخفاء معالم إدمان تلك الشهوة الذي دفعهم الى ارتكاب اخطاء عديدة قادتهم للحرمان منها بأمر الشعب التي باتت معالمه معدومة لكثرة ضغوطات الحياة ، لذلك نجد تعاقب دورات الرئاسة معتمد على الحكم الحوزوي الذي سقط أمام شعب متدين يعرف مسلموه أن النبي قال فيمن يحب الرئاسة ويعشق حب الظهور: (إنكم ستحرصون علي الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة) ويؤمنون بإيثار الباقي علي الفاني وبحكمة المتصوفة أن شهوة حب الرئاسة آخر الشهوات خروجا من قلب الحكم ، ويستبشر مسيحيوه بالقول الحكيم )افرحوا لا لشهوة نلتموها. بل لشهوة أذللتموها) ويتأكد الجميع أنه من أجل تلك الشهوة يضحي الإنسان بماله وشرفه وراحة باله ، وفي الحرمان منها يقتل أهله ويسب بلده ويحرق علمه ويدمر وطنه ويرتكب كل مكروه ،ولايراعي في سبيلها قرابة او طول عشرة او صدق قول او وفاء وعد او صون امانة قد تصدق الحكومة بها للمجتمع العراقي لتعدد طوائفه. فأرى أن الحكومة وغيره اختاروا المتاجرة بالدم والنار ليعكسوا أسوأ ما بأنفسهم من فطرة تختلط بها شهوة حب الرئاسة الموجودة في قلب كل إنسان بدرجات متفاوتة ، إلا أنها لا تتعدى
أن تكون مجرد أحلام ، والكارثة التي تهددنا جميعا أن الباحثين عن ممارسة محرمات الشهوة في حب الرئاسة لن تتحقق لهم تلك السلطة وفق سيكولوجية (نيقولا مكيافيلي) سابقا ولا بالجماهير الخاضعة للسلطة فإذا كان الباحثون عن الرئاسة يخادعون برفع شعارات الرغبة في الاستقرار فإنه لن يكون دافعا للاستمرار في المستقبل ، ولن يجدوا في كسب الولاء نوعا من الخضوع ، ولن يصبح الهاجس الأمني خوفا وحذرا واستنفارا ، ولن يتم قبول التشويه والتشكيك كطريقة للتعبير عن الضيق بالوطنيين القلة المختبأ في طيأت الخوف والفتك بهم ، ولن يكون هناك تخوف من العناد والكبر أو حتى الميل للانتقام بدعوى الحفاظ علي هيبة السلطة ، ولن يستسلم الناس لمعايير ازدواجية شهوة حب الترأس بتصديرالوهم للجماهير والاحتفاظ لأتباع السلطة بغنائم حصانة العرض الدبلوماسي. ولا أظن أن المواطن العراقي لو خدع بعض الوقت سيتحول إلى مدمن للخضوع مثل ضحايا شهوة الرئاسة ، ولن يتعامل مع الأفعال السياسية الفاضحة كتعامله مع اساليب الحياة وتجاربها فقد حولت هذه التجارب الى رد الفعل كما قال العالم الشهير نيوتن في قانونه الثالث ( لكل فعل رد فعل يساويه بالمقدار ويعاكسه في الاتجاة ) أذا مواجهة شهوة حب الرئاسه ليست مستحيلة وانما يحتاج لها أرادة وتصميم وعزم بالقضاء عليها والاستمرار باتجاه المصلحة العامة والتي تعد السبيل الوحيد للعقد وتنظيم الحالة للمجتمع العراقي.