9 أبريل، 2024 11:17 م
Search
Close this search box.

العراق والخريطة السياسية الجديدة للإنتخابات القادمة – 1

Facebook
Twitter
LinkedIn

من الواضح لكل ذي بصيرة أن الخريطة السياسية القادمة ستكون مختلفة تماماً عن حاضرتها, وستطل علينا وجوه جديدة وتغيب وجوه طالما ألفناها خلال عشر سنوات, وستعود إلى المواقع الأمامية وجوه إنضوت وغيبت قسراً بعدما وعت الدرس جيداً. ولكن الأكيد ايضاً أن هذا التغير سوف لن يكون حاسماً في صنع جبيرة صالحة للعملية السياسية العرجاء كونها (كسور مركبة) حسب الوصف الطبي للكسور لا يمكن إصلاحها إلا في تداخل جراحي كبير.
فكم هي درجة التغيير الحاصلة وأين تتجه بوصلة رئاسة الحكومة المقبلة في ضوء المعطيات المتوفرة على الأرض الآن .وفي ضوء الصراع الدولي والأقليمي على النفوذ في العراق, نستعرضه بالتفصيل من خلال تسليط الأضواء على الكتل (المكوناتيه) الكبيرة :-
1-التحالف الوطني (الشيعي): سيكون من أكثر الكتل التي ستعصف بها رياح التغيير, فستتقدم بعضها على حساب الأخرى ,وسيغادر حزب الدعوة الموقع الأمامي الأول لحساب المجلس الأعلى الأسلامي(كتلة المواطن) أولاً, والتيار الصدري ثانياً, ولن يحتاجوا في ذلك سوى لقشة صغيرة لقصم ظهر حزب الدعوة و(ائتلاف دولة القانون) الذي فشل فشلاً ذريعاً في قيادة وبناء دولة حديثة ,أو حتى التأسيس لهذا البناء وهدر كل الوقت الثمين من حقبة قيادته للدولة في تصفية الخصوم ,وتولية مفاصل الدولة للمقربين, وغير الأكفياء وأنصاف المثقفين, والذين يجمعهم قاسم مشترك واحد هو (الولاء ) لشخص المالكي, والذي بدأ حربه الشعواءعلى ائتلاف العراقية ,ثم التحالف الكردستاني, وانتهى بأقرب الشركاء في التحالف الوطني, حتى اذا ما أزف موعد الانتخابات ,بدأت معها معركة التسقيط الإعلامي, والتي اعتقد بأنها لن تكون حرباً مفتوحة يكون فيها الضرب تحت الحزام لتكافؤ الاطراف بما يملكه كل طرف منهم على الآخر من ملفات تشيب لها الولدان, وستبقى هجوماتهم سطحية. الهدف الأساسي منها إنتزاع ثقة جمهور الشيعة من بعضهم إلى البعض الآخر, ويبدو أن الراعي الإقليمي المؤثر على هذا التحالف, قد ترك لهم هامشاً معيناً من الخصومة ورسم لهم خطوط لاينبغي لأحد منهم تجاوزها,ولتسليط الضوء على الوسائل والتكتيكات التي ستعتمدها الكتل المنضوية تحت لواء التحالف الوطني (الشيعي) للوصول الى أهدافها الستراتيجية.
علينا أن نستعرض أهم هذه الكتل ونحدد بالتفصيل مانتوقعه منها على ضوء المعطيات الموجودة على الارض وطريقة تفكير قادتها ورموزها :-

أ-حزب الدعوة(جناح المالكي)
قد لا نذيع سرا اذا قلنا أن أكبر الخاسرين في الانتخابات القادمة سيكون حزب الدعوة (جناح المالكي),هذا الجناح الذي لم يعدم وسيلة إلا وجربها لإضعاف الشركاء وتدمير الخصوم.استفرد ببعضهم وحشد كل المؤتلفين معه عليهم, وألب البعض على البعض الآخر, ثم بعد أن كان له ما أراد جعلها حربا مفتوحة على الجميع ,وكان هدفه الوحيد الإستحواذ الكامل على جميع مفاصل السلطة والدولة, فأنهك الجميع وأضعفهم وأبعدهم عن أي قرار.ولكن الأمر إرتد عليه في النهاية منهكا مفككا تتصارع فيه التيارات ويتربص بعضهم لبعض, وستكشف الايام ما خبأته مصالح الصقور في جعل صراعهم طي الكتمان.
وأحسب ان المالكي قد أستبعد أمكانية العبور بكتلة كبيرة بزعامته الى شاطيء ولاية
ثالثة إلا في حالة حدوث أمر جلل تسوقه الأقدار, أو تصنعه أياد في ليل مظلم قد تضيف لولايته الحالية ردحا من الزمن لا يزيد عن سنة واحدة, وفي غياب مثل هكذا أمر فستكون ستراتيجيته ترميم وضعه الحالي ومحاولة الخروج بأقل الخسائر الممكنة ليتمكن من تحصين أمره بمنصب يكون له ساترا وسدا منيعا يتحصن به من مرالمسائلة عن المخالفات الكبيرة, حيث يتربص له الآخرون وهم كثر. من هذه المناصب قد يكون أقصى ما يطمح للوصول اليه نائبا لرئيس البرلمان القادم ,أو نائب رئيس وزراء أو وزيرا لوزارة سيادية تقيه شر عاديات الآيام .
أما فيما يخص الحلفاء الحاليين للمالكي  نستطيع أن نتنبأ انهم يعدون العدة لمرحلة أخرى ,لا يكون للمالكي فيها حضور فاعل.فليس من اليسير أن ينسى الجعفري للمالكي قطعه للماء والكهرباء عن بيته (وتلك رسالة) للي ذراعه وجعله يتقبل المكانة التي هو عليها, وعدم التطلع عاليا لطرح نفسه بديلا مناسبا عند كل أزمة تواجه المالكي, وماأكثر هذه الأزمات,عدا عن الطبيعة التكوينية لشخصية الجعفري التي تجعله يترفع على الشخصيات الثانوية في حزب الدعوة, وأحسبه يضع المالكي واحدا منها ,ويستكثر عليها المواقع الأمامية والشعور الدفين لديه بأن هذا الموقع قد سرق منه جهارا نهارا وهو( الداعية والفيلسوف الذي طوع الكلم وسخره وراحت الكلمات تنساب لينة على لسانه ,وتسرع الحروف متسابقة من نهايات يراعه ,في الوقت الذي عجزت كتابات التراث الأدبي والسياسي أن تستنبط وتستحدث مفردات وجمل تلبي حاجة العصرالحاضر لها كما فعل هو).
كما أن من العسير أيضا أن يكون علي الأديب قد رضي لنفسه أن يبقى ظلا لمجرد أنه ايراني الولاء والهوى, فلقد أضحى النفوذ الايراني الآن الأول على حساب النفوذ الأمريكي ,بعد إنسحاب الأخير من العراق, وما كان محضورا البارحة قد يكون مقبولآ اليوم بحكم الأمر الواقع,وجميع الدلائل تشير الى أن الأديب يعد العدة لموقع أمامي أول في حزب الدعوة مدعوما بثلاث معطيات جوهرية تصب لصالحه في قابل الايام :-
1-النكوص والتراجع الكبير لشعبية المالكي داخل حزب الدعوة وخارجها, فلم يعد المالكي قادرا على إقناع أحد بجدوى تقديم  الدعم له لما شاب تجربته من فشل ذريع في جميع الملفات الأمنية, و السياسية ,والأدارية ,والأقتصادية ,ووضع علامات إستفهام كبيرة عليه.
2-أزدياد سطوة وقوة النفوذ الأيراني(الأحادي الجانب)في العراق على حساب النفوذ
الامريكي المنكفئ على نفسه ,فلم يعد ملزما القبول بأشخاص (مرشحي تسوية)في المرحلة القادمة مثلما حصل في المرحلة التي سبقتها فاستطاع المالكي تقمصها.
3-النجاح الذي حققه عند توليه حقيبة وزارة التعليم العالي, والبحث العلمي في المناطق الشيعية, حيث طرح نفسه مدافعا قويا عنهم وكمن حقق مكاسب كبيرة, رغم  الأداء المهني السيء ,والشبهات الكبيرة التي يرمى بها من غير الشارع الشيعي, ولكن حتى هذه قد تحسب له في ظل التخندق الطائفي الحالي.
هذه المعطيات جميعها تدعم خيال الأديب, وتدغدغ خياله في التسلق مادامت ساحة(الدعوة) قد خلت من شخصيات قوية, لديها الكارزما السياسية القادرة على فرض حضورها وسطوتها.
أما فيما يخص شخصيات الدعوة الأخرى كالسنيد, والزهيري, والعسكري والعلاق, والساعدي, وحتى الخزاعي, ومعهم الشخصيات المؤتلفة في ائتلاف دولة القانون كالشهرستاني وغيره, فإن فشل المالكي كان قد ألقى بظلاله الثقيلة عليهم جميعا, ولا أظن أن حضورا فاعلا سيكون لهم في الجولة الجديدة من معركة السلطة والنفوذ.

(يتبع)
الجزءالقادم …
ب-المجلس الاسلامي الأعلى(كتلة المواطن)

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب