أثبتت الأحداث الدموية الجارية في المنطقة عموما، وفي العراق بخاصة ،فشل السياسة الأمريكية وتخبط إداراتها ،ابتداء من غزو العراق وتدميره إلى غزو وتدمير أفغانستان ، إلى أكذوبة الربيع العربي والى أحداث سورية وإفشال ثورتها الشعبية ضد نظام بشار الأسد ،وهكذا في اليمن ولبنان وأوكرانيا ،وسنأخذ العراق مثلا لهذا التخبط والفشل الامريكي المخزي،فالمجرم اوباما غزا العراق بناء على أكذوبة امتلاك العراق للأسلحة النووية كحجة لتدمير وغزو العراق،لسببين رئيسيين هما النفط وامن إسرائيل،وتم تنفيذ الغزو الأمريكي الوحشي وتم تدمير كل شيء حي وغير حي في العراق،وما يزال الدم العراقي مسفوكا ومراقا في شوارع العراق،وهذه المرة على يد الميليشيات الصفوية وبرعاية أمريكية وإيرانية ، وأحداث امرلي مثال صارخ على ذلك(وزير عراقي يقود ميليشيات لتحرير ناحية وقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني يرقص طربا على أشلاء جثث عراقية في امرلي)،فهل تريدون أفصح وابلغ من هذا الدليل،لا كل شيء الآن تفعله إيران وأمريكا في العراق هو مكشوف ومعلن وتتباهى به إدارتيهما ،بفضل فتوى المرجعية في النجف وما يسمى الحشد الطائفي ،وعلى اثر هذه الفتوى أعلن نوري المالكي الحرب الأهلية الطائفية في العراق ،بدل أن يخمد نار الفتنة ويلبي مطالب الثوار،فانفتحت عليه وعلى امريكا وإيران أبواب جهنم والجحيم بظهور الدولة الإسلامية ،ودخولها الموصل ،وصلاح الدين وكركوك والتوجه إلى بغداد لإسقاطها ،لولا تحرك امريكا وإفشال عملية تحقيق تحرير بغداد من قبل ثوار العشائر والفصائل المسلحة ودولة العراق الإسلامية، كما صرح بذلك السيد أسامة النجيفي في مؤتمره الصحفي قبل أسبوع ،في وقت تعمل إدارة اوباما بكل قوتها ونفوذها لتشكيل حكومة عراقية بديلة عن نوري المالكي يرأسها حيدر العبادي القيادي في حزب الدعوة الإسلامية،وتحظى بتأييد إقليمي ودولي وعربي كبير،ورغم كل هذا الدعم الامريكي المباشر ،لم يستطع حيدر العبادي إكمال المهمة المستحيلة لحد الآن،فمن وراء هذا الفشل ولمصلحة من ،بالتأكيد إيران وراءه أولا لأسباب معروفة كي لا يضعف نفوذها العسكري والسياسي والديني في العراق،ويظل العراق ضعيفا تابعا لها ،وهذا من حقها كدولة احتلال للعراق،لها مصالح استيراتيجية وتاريخية فيه،ولكن هناك أصابع لم تعد خفية وراء إفشال مهمة العبادي وإحراق العراق من أقصاه إلى أقصاه بحرب طائفية كريهة،وهذا الجهات معلومة منها من كان وراء إصدار فتوى الحشد الطائفي للجهاد الكفائي،فهل امرلي فيها مزارات ومقدسات ،لكي تحشد لها حكومة المالكي وإيران ومعها امريكا كل هذا الحشد العسكري وتفك حصارها المزعوم،وهذا دليل على جبن جيش المالكي ،في مواجهة المسلحين على قلة عددهم أمام جيش المالكي وميليشياته المليونية،وثانيا ان نوري المالكي بخبثه وطائفيته ونرجسيته واستقتاله على الكرسي ،وشهوته للانتقام من مكون يظنه سكينة في خاصرته،هو من وراء إفشال مهمة العبادي ويعده أيضا إفشالا لإدارة اوباما،التي أزاحته بالقوة والتهديد من السلطة (تصريحات جون كيري وبايدن وديمبسي وغيرهم)،إضافة إلى نزوع كتلتي الحكيم والصدر على إبعاد المالكي والاستحواذ على المناصب السيادية التي حرمهم منها المالكي في الفترة السابقة،ولا ننسى أن اليد الطولى لإيران وتعاطفها مع المالكي ،جعل من تدخلاتها في تشكيل الحكومة كمن يضع العصي في عجلة تشكيل الحكومة ،واقصد بذلك إصرارها والضغط على العبادي على عدم تنفيذ مطالب مشروعة للمحافظات المنتفضة الثائرة ضد حكومة المالكي،لكل هذه الأسباب جعل من النفوذ الامريكي في رسم السياسة بالعراق أمرا مستحيلا وفاشلا أيضا ،واليوم انتهت مدة العبادي لتشكيل حكومته المرتقبة دون ان نرى ضوءا في نهايتها نفقها ويبدو انه سيطول ظهور نقطة الضوء ولنقل إنها لن تظهر أبدا ،وربما هي لعبة أخرى لعبها حيدر العبادي والمالكي معا وبدهاء الفرس المعهود،على سيناريو تضليلي لإدارة اوباما في ترشيح العبادي وإفشال مهمته لغرض إعادة ترشيح نوري المالكي،وإعطاءه الفرصة والمدة الزمنية الأطول لإكمال مشروعه لتدمير العراق وإحراقه بالحرب الأهلية الطائفية التي تدور رحاها بالبراميل المتفجرة والطائرات والصواريخ والراجمات وإجرام الميليشيات الإيرانية ،وما نراه في ديالى وصلاح الدين والانبار هو جزء من هذا المشروع الإيراني ،لاحظوا المحافظات التي تتعرض للتدمير اليومي والتهجير الطائفي والعرقي،هي محافظات قاتلت إيران ورجالها هم من جرع الخميني المقبور كاس السم الزعاف ،فكيف لا تنتقم منها إيران وميليشياتها بحجة محاربة الإرهاب ودولة العراق الإسلامية ،وهو سيناريو خلقته امريكا وإيران لتدير العراق وكل من مشروعه وأجندته في المنطقة ،واليوم ولنفس الغرض تقود إدارة اوباما الحشد الدولي العسكري لمحاربة دولة العراق الإسلامية انطلاقا من العراق،لماذا ليس من سوريا مثلا ،ولماذا تدعمها هناك وتحاربها هنا واقصد الفصائل الإسلامية في سوريا،ولا تدعم الجيش الحر لإسقاط الأسد،انه بالمختصر وباللغة العراقية الدارجة(فلم هندي)،ومع هذا ،يبدو ان إدارة اوباما مصممة على إعلان الحرب العالمية على الدولة الإسلامية في العراق والشام ،بدعم دولي منقطع النظير،بل وعربي أيضا،فهل يستطيع اوباما وحشده هذا القضاء على الدولة الإسلامية،الجواب بالتأكيد(اكبر لا)، لسبب بسيط لأنها سوف تقاتل أشباح لا وجود لهم على الأرض فهم تحت الأرض يقاتلونها،وهذا مكمن فشل وتخبط إدارة اوباما وحشده الدولي في العراق،وهي تعرف هذا جيدا ،وقد لمسته ،عندما قدمت دعما جويا للبشمركة في زمار وتلكيف ،وسد صدام بالموصل،ولم تستطع البشمركة أن تتقدم خطوة واحدة نحو أهدافها وإعادة الاقضية التي هربت منها ،واليوم صار لها تحاول على استعادة زمار أسبوعين وبغطاء جوي أمريكي ولم تحقق أي هدف نحو زمار وتلكيف وبعشيقة ولن تحقق(وهذا ليس مدحا بالدولة الإسلامية كما يصور الأغبياء)،وإنما تحليلا مباشرا من ارض الحدث ومعايشة يومية معه،ولكن اقول وبثقة كاملة ان امريكا وحشدها سوف يفشل فشلا ذريعا في حربه العالمية على الدولة الإسلامية في العراق قبل الشام،والسبب ان امريكا قد خسرت المكون السني ودمرته وهجرته في العراق ،واعتمدت على حصان خاسر لها ودعمته بكل ما تملك ،وهي الأحزاب الإيرانية ذات الولاء الإيراني ألصفوي،المعادي للعرب والأمة الإسلامية كلها وللعراقيين خاصة لأسباب دينية وتاريخية معروفة،وأعطتها السلطة مقابل النفط العراقي والعربي،اليوم امريكا والغرب في ورطة حقيقة إزاء خطر الدولة الإسلامية الداهم لها في عقر دارها ،وهو خطر يؤرقها ،ويهدد مصالحها الاستيراتيجية المستقبلية في المنطقة والعالم ،وهذا نتيجة طبيعة لفشل السياسة الأمريكية وتخبطها في العالم،لذلك نرى اوباما وإدارته يعمل بقوة لإعادة الاعتبار للمكون السني في العراق،بل ويتباكى عليه (يقتلون القتيل ويمشون بجنازته)،وهو ما نراه في عملية تشكيل حكومة يسمونها (حكومة للجميع ويصرون على مشاركة السنة بقوة فيها)،وما زيارة جو بايدن نائب الرئيس الامريكي الآن للعراق ،إلا لان عملية تشكيل حكومة العبادي هي في موت سريري وتحتاج الى عملية قيصرية صعبة جدا لإنجاحها بسبب قوة النفوذ الإيراني وسطوته على أحزاب السلطة والمتنفذين في العملية السياسية الفاشلة ،هذه صورة من صور التخبط الامريكي وفشله في العراق والمنطقة…………