23 نوفمبر، 2024 2:56 ص
Search
Close this search box.

العراق والبنى التحتية اختبار الارادات الوطنية

العراق والبنى التحتية اختبار الارادات الوطنية

حرم العراق من البنى التحتية منذ العصر العباسي , هذه حقيقة يعرفها من يعرف ماذا تعني البنى التحتية , والبنى التحتية هي مشاريع يختلط فيها ألاقتصاد بالسياسية وألاجتماع , ومن لايعرف هذه ألابعاد لايستحق النظر في شؤون الدولة والمجتمع , وكل الذين حكموا العراق في العصور المتأخرة حتى يومنا هذا هم ممن لايستحقون المشاركة بحكم العراق ؟
والبنى التحتية هي كل من :-
1-  الموانئ
2-  طرق النقل البري السريعة , وشبكة الطرق التي تتصل بها
3-  السكك الحديدية
4-  المطارات
5-  المصانع الكبيرة مثل :-
أ‌-     مصانع الحديد
ب‌- مصانع البتروكيماويات
ت‌- مصانع السيارات
ث‌-   مصانع النسيج 
ج‌-  مصانع الطائرات
ح‌-  مصانع غذائية
خ‌-  مصانع الخشب
د‌-   مصانع ألاسمنت
ذ‌-    مصانع السكر
6-  مجاري الصرف الصحي
7-  المحطات الكهربائية
8-  المحطات الغازية وشبكة تجهيز المنازل والمؤسسات
9-  بنايات المدارس والجامعات ومختبراتها
10-  المستشفيات والمخترات الطبية
11- مراكز ألابحاث العلمية
12- المحطات الزراعية والمزارع النموذجية
13-  محطات التربية الحيوانية
14- مشاريع أستثمار الصحراء الغربية العراقية
15-  مشاريع أستثمار ألاهوار
16-  محطات السدود والمشاريع المائية
هذه أهم البنى التحتية التي لابد منها في بلد مثل العراق فيه تنوع جغرافي يشمل كل من :-
1-  بحر : حيث الواجهة البحرية على الخليج تمتد بطول “90” كيلومتر وهي صغيرة بالنسبة لمساحة العراق ولذلك يحتاج العراق الى حسن أستثمار وأستعمال الواجهة البحرية بعناية تخطيطية فائقة .
2-  أهوار وهي مسطحات مائية واسعة تمتد في محافظات كل من :-
أ‌-     البصرة
ب‌-                       العمارة
ت‌-                       الناصرية
ث‌-                       الديوانية
ج‌- الكوت
ح‌- النجف
3-  الصحراء : وتكاد تكون نصف أو أكثر من مساحة العراق في الجانب الغربي , وفيها الكثير من الواحات الصالحة للزراعة والتي تمتاز بخصوبتها لاسيما مع أزدياد عدد سكان العراق وتعرض ألاراضي المزروعة منذ القدم الى الملوحة فأن أستثمار الواحات في الصحراء الغربية للزراعة أمر لابد منه من وجهة نظر تنموية , لسد النقص الحاصل في أنتاج الحبوب .
4-  الجبال والهضاب وتشمل القسم الشمالي من العراق وفيها بحيرات مائية مثل دوكان ودربندخان وحمرين وأسكي كلك وتمر فيها أنهار كبيرة مثل نهر دجلة وأنهار متوسطة وصغيرة مثل الزاب ألاعلى والزاب ألاسفل وفيشخابور  والعظيم ونهر الوند .
وفي العراق تنوع في الثروات المعدنية مثل :-
1- النفط
2-  الغاز
3-  الكبريت
4-  الفوسفات وغيرها
وهذه كلها تحتاج الى بنى تحتية لآستكمال تصنيعها وأنتاجها
وعندما نفكر بالبنى التحتية يجب التفكير بالقوى البشرية القادرة على البناء والتخطيط وألاستثمار .
والقوى البشرية في العراق تعرضت الى مايلي :-
1-  التهميش
2-  التهجير
3-  ألاقصاء عمدا
4-  ألاهمال
5-  السجن
6-  ألاعدام
7-  ألاغتيالات لاسيما في مرحلة ألارهاب التي لازلنا نعاني منها ؟
وألاهتمام بالقوى البشرية هو هدي سماوي جاء به ألارشاد النبوي قال تعالى ” وما أرسلناك ألا رحمة للعالمين ” وقال تعالى ” ياأيها النبي أنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * وداعيا الى الله وسراجا منيرا ”
والشهادة والتبشير وألانذار هي مهمات الرسول , وهي مهمات معرفية تمارس بقدر كاف من البصر والبصيرة التي تعرف أحتياجات الناس في الحياة الدنيا مثلما تعرف مألهم في الحياة ألاخرى بناء على أيحاء رباني يعطى لمن هو في مستوى حمل ألامانة التي تراجعت عنها السماوات وألارض والجبال ” وأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها ألانسان أنه كان ظلوما جهولا ”
أن حقائق الحياة وما تحفل به مشاهد الكون تغيب عن أدراك الكثير من الناس , وهذه الكثرة من الناس هي التي تشكل عقبة ألاصلاح والتغيير وتقف حجر عثرة في طريق ألانبياء والمصلحين قال تعالى ” يعلم مايلج في ألارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء ومايعرج فيها وهو الرحيم الغفور ” – 2- سبأ – فالولوج في ألارض هو علم , والخروج من ألارض هو علم أخر , كما أن ماينزل من السماء هو علم , وما يعرج فيها هو علم , وهذه العلوم تنعكس أثارها على الناس وحياتهم ألاجتماعية , ولذلك قال تعالى في نهاية هذه ألاية ” وهو الرحيم الغفور ” فالرحمة للكائنات وفي مقدمتها ألانسان , والغفران يختص به ألانسان , وهذه نقطة محورية تتكثف فيها المعرفة وفيوضاتها والتي لايحظى بها ألا القليل من الناس , والتعامل مع مفهوم البنى التحتية يحتاج من فيوضات تلك المعرفة , ومن هنا كان عهد ألامام علي بن أبي طالب لمالك ألاشتر يتضمن قواعد وأسس ومنطلقات التنمية البشرية عندما قسم طبقات المجتمع مبتدأ بالجنود وهم حصون ألامة وزينة الولاة , بينما حولتهم ألانظمة الوضعية الى حواشي ومجموعات أنكشارية تضطهد الناس وتتعالى عليهم وتبتزهم ؟
وينتهي ذلك التقسيم العلمي بطبقة المساكين وأصحاب الحاجة التي يجب أن لاتنساهم الدولة ولا يهملهم الناس , ولذلك أعتمد عهد ألامام علي بن أبي طالب من قبل منظمة ألامم المتحدة كقاعدة للحقوق ألانسانية .
ومثلما توصلت ألامم المتحدة من خلال رجال الخبرة فيها الى أعتماد عهد ألامام علي كوثيقة من وثائق ألامم المتحدة كذلك سيأتي اليوم الذي يقترب فيه المجتمع البشري من الحاجة الى تطبيق الرؤى القرأنية كتوجيه لنظرية السماء في تنظيم المجتمع البشري لاسيما ونحن نشهد جليا تحول بعض القيادات الدولية الكبرى الى تبني ألافكار والمواقف التي تنتمي الى خلفيات دينية دون أن تجاهر بها مثل ألاتجاهات التوراتية في أمريكا , وحتى تلك التي تتبنى ألارهاب فأنها تدعي بدعاوى دينية وأن كانت باطلة , ولكنها في المحصلة تجعل من الدين محورا للصراع والخلاص , وهذا مما يعطي للدين أولوية لاتمتلك العناوين والشعارات المستجدة قدرة على منافسة أولوية الدين في الحضور النفسي والعقلي عند الناس وحاجاتها التي تشتمل على المادية والروحية منذ أن وجدت الخليقة على وجه ألارض .
أن مفهوم البنى التحتية هو من الحاجات ألاساسية للمجتمع ومن المؤهلات الحقيقية على نجاح الدولة العصرية , تلك المؤهلات التي كان لها حضور مؤثر لدى ألاقوام والجماعات التاريخية القديمة , قال تعالى :” ويسئلونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا ” – 83- الكهف – أنا مكنا له في ألارض وأتيناه من كل شيئ سببا ” – 84- حتى أذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لايكادون يفقهون قولا ” – 93- قالوا ياذا القرنين أن يأجوج ومأجوج مفسدون في ألارض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا ” – 94- قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما ” 95- ء اتوني زبر الحديد حتى أذا ساوى بين الصدفين قال أنفخوا حتى أذا جعله نارا قال ءاتوني أفرغ عليه قطرا ” 96-
ومن هذه ألايات الكريمة التي تحدثنا عن قصة ذي القرنين وعلاقته بألاقوام الذين عاصروه , وكيف أنهم طلبوا منه أن يعمل لهم سدا مما يعني حاجة الناس القديمة للسدود , وللحواجز التي تقيهم غارات ألاعداء , وهذه كلها تعتبر من عناصر البنى التحتية للشعوب والمجتمعات والدول .
يمكن الحديث في مثل هذه الحالة عن المهندس الخبير ذي القرنين وكيف أنه أستعمل في ذلك الزمان الموغل في القدم الحديد والنحاس في صناعة السدود وهي من البنى التحتية .
البنى التحتية ومفهوم التمكين في ألارض :-
التمكين في ألارض : هو أصطلاح قرأني
 أنا مكنا له في ألارض ” وألارض مكان أستخلاف ألانسان قال تعالى ” … أني جاعل في ألارض خليفة …” – 20- البقرة – وقال تعالى ” وألارض وضعها للآنام ” -10- الرحمن – وقد ذكر التمكين من قبل الله تعالى ليوسف النبي قال تعالى ” وكذلك مكنا ليوسف في ألارض , ولنعلمه من تأويل ألاحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون – 21- يوسف –
والتمكين يحتاج الى أسباب قال تعالى ” أنا مكنا له في ألارض وأتيناه من كل شيئ سببا ” – 84- الكهف – وألانسان الذي أعطي التمكن لابد له أن يتبع ألاسباب في عمارة ألارض وفي أصلاح المجتمع وبناء الدولة قال تعالى ” فأتبع سببا ” – 85- الكهف – وهكذا يتم تكرار أتباع ألاسباب لآهميتها الموضوعية في المشهد الحياتي قال تعالى ” ثم أتبع سببا ” -89- الكهف – وقال تعالى مكررا ” ثم أتبع سببا ” 92- الكهف –
والبنى التحتية تحتاج الى تمكين , والتمكين لايعني توفر المال فقط وهذا ماهو سبب أغلب النزاعات في مجلس النواب العراقي ولجانه غير المتخصصة , وكذلك سبب الخلافات بين أعضاء الحكومة وأغلبهم من غير المتخصصين , وأنما التمكن يشمل كل من :-
1-  الطاقة البشرية بنوعيتها التي تعرف معنى ألاستخلاف وقيادته التي لابد لها من العلم قال تعالى ” قال أجعلني على خزائن ألارض أني حفيظ عليم ” -55- يوسف – ولايوجد تأسي بهذا المفهوم في حكومة الدولة العراقية ومؤسساتها اليوم , ولذلك لاتجد مناقشة مشروع البنى التحتية في البرلمان مع الحكومة سوى ماقيل شعرا :-
وقصيدة قد قلتها …. ليقال من ذا قالها
تأتي الملوك غريبة … ليقال من ذا قالها ؟
وربما لهذا السبب أصبح أمتناع المرجعية عن  أستقبال أعضاء الحكومة والبرلمان , وربما نجد بعض مفاهيم ألاستخلاف وقيادته النوعية هو ألاخر غير متوفر حتى في أغلب الذين يتصدون للمرجعية أدعاء , ولذلك عمت البلوى وكثر ألاضطراب وظهر الفساد في أغلب ألاعمال والمواقع ؟
والتمكين بمعناه الكوني هو توجيه رباني وتسديد ألهي لابد منه وحضور معناه يعني أستحضار العلاقة بين السماء وألارض بمفهوم البركة التي غابت معانيها عن الكثير من الناس , وحتى الذين يذكرونها أو يرفعونها شعارا , فأنهم لايجسدون معانيها عمليا ولذلك طغى ألاحتراب السياسي , وهذا هو السبب الحقيقي لتراجع ألاداء السياسي وألاجتماعي والوظيفي في بلادنا , لآننا نكثر من أستعمال الشعارات دون ألاجتهاد في ترجمتها الى أرض الواقع .
ومن هنا نرى تبادل التهم والشكوك عندما يطرح مشروع البنى التحتية للنقاش , حيث تنعدم الخبرة ويتلاشى ألاختصاص , أو عندما يطرح للتصويت , حيث تنعدم النوايا الصادقة وألاخلاص؟
2-  القدرة المالية : وهي من ألاسباب التي تأتي بعد الطاقة البشرية في التمكين والتمكن , والمال هو عصب الحياة وحيث لامال لاأقتصاد , والبنى التحتية لابد لها من المال بعد توفر الطاقة البشرية , والعراق يمتلك المال على مستويين :-
أ‌-     مستوى القوة : أي عنده أنتاج نفطي واعد يستطيع من خلاله تسديد مشاريع البنى التحتية , والشركات ألاجنبية الكبرى تعرف ذلك .
ب‌-  مستوى الفعل : يعني أن العراق بالفعل يمتلك القدرة المالية نتيجة موازنته المالية المتصاعدة , فيستطيع الدفع بالعاجل أو بألاجل , ولكن بعد أن يقنن برامج الصرف المالي التي تعاني من هدر وفوضى ومنها على سبيل المثال : رواتب الرئاسات التي لازالت طلاسما يصعب على الحاسوب معرفتها لآنها لاتدخل في برمجته ؟ ثم رواتب الوزراء وصرفياتهم المفتوحة ورواتب أعضاء البرلمان من هم في الخدمة ومن هم في التقاعد المفتوح ليصبح المتقاعدون جيشا من العاطلين المستهلكين لبيت المال بدون مبرر عقلائي ينتمي لحاضنة ألاقتصاد والتخطيط الوطني ؟
ولذلك نجد مناقشات البرلمان لمشروع البنى التحتية هي :-
1-  سطحية
2-  غير واقعية
3-  كيدية
4- وغير علمية لغياب الكفاءة والخبرة ولغة التخصص التي تستعين بالتوثيق وألاحصاء
وسبب ذلك أيضا راجع الى أن من يطرح مشروع البنى التحتية تطاله الريبة ويحوم حوله الشك للآسباب التالية :-
1-  بسبب من هم حوله من غير الكفوئين
2-  وبسبب أصراره على أبقاء من هو غير كفوء
3-  وبسبب التجربة المتعثرة لكل الذين هم في مركز القرار
4-  وبسبب السكوت عن المزورين
5-  وبسبب التماهي عن المفسدين
6-  وبسبب أستمرار سوء الخدمات
7-  وأستمرار الترهل في المؤسسات الحكومية دون وجود بارقة أمل حقيقية في ألاصلاح ؟
8-  وبسبب كثرة المواعيد وغياب التنفيذ لاسيما في ورقة ألاصلاح ولجانها التي أصبح ينطبق عليها المثل : ” أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ” ؟
9-  وأخيرا بسبب أستمرار تردي الوضع ألامني دون وجود معالجات حقيقية يلمسها المواطن .
ومشروع البنى التحتية الذي هو أختبار للآرادات الوطنية , أصبح محاصرا بين مجموعتين كلاهما ينطبق عليه القول :” فاقد الشيئ لايعطيه ”
ولآن البلد حرم من مشاريع البنى التحتية بسبب ألانقلابات الحزبية المسيرة من الخارج , ثم بسبب الحروب العبثية , ثم بسبب المحاصصة التي أصبحت دكتاتورية جديدة تلبس رداء الديمقراطية زورا وترفع شعار الفدرالية تملقا , وتنادي بالدستور نفاقا ؟ وتتهذ من ألانتخابات ذريعة لشرعية مزعومة أصبحت وكرا للتزوير والفساد بكل أنواعه ؟
ومع هذا الحال , وهذا الواقع , فنحن غير مخيرين تجاه مشروع البنى التحتية , لذلك علينا أن نمشي بدائنا , ومن يمشي بدائه ويستحضر بركة الرب وعونه , فأنه بالغ أمره على مصداقية مفهوم :” وكل شيئ ماعدا الله باطل ” .
والكل مطالب بالمراجعة والتصحيح , فقد بلغ السيل الزبى ؟
ومن لم تعلمه ألايام لاتنفع معه نصائح ألانام
وليتذكر الجميع قول العربي الذي نصح قومه فقال :
” أسمعوني ساعة وأعصوني الدهر كله ” ؟
وهو نداء من يمتلك الرؤية الصحيحة , ويرى قومه سادرين في غيهم وفي جهالتهم التي تجعلهم خارج التاريخ ؟
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات