18 ديسمبر، 2024 12:10 م

العراق واشكالية نمو الراسمال الوطني

العراق واشكالية نمو الراسمال الوطني

يعاني العراق اليوم من نمو معدلات البطالة وذلك لاعتماده بشكل اساس على التوظيف الحكومي ،كما وان الدولة بعد عام 2003 لا تحمل هوية اقتصادية واضحة ،فلا هي دولة راسمالية تتبع سياسة السوق ولا هي دولة اشتراكية سارت على دعم وتنمية القطاع العام ،ولا هي دولة الاقتصاد الموجه بل ظلت سياسة الدولة غامضة توقف عندها الانتاج وصارت دولة مستوردة لكل السلع والبضائع بما فيها السلع ذات الاستهلاك المظهري التي تسببت على الدوام في ضياع العملة الاجنبية ، ويمكن  ارجاع كل ذلك الى قصور نظرة المستشار الاقتصادي وسوء الفهم الذي يقع فيه على الدوام .
ان الاقتصاد العراقي في عهد الاحتلال العثماني كان يعتمد بالدرجة الاساس على الزراعة وكانت العلاقات الانتاجية علاقات اقطاعية كان نتيجتها اضطهاد الفلاح ، وقد كانت كل الانشطة الاقتصادية مرتبطة بالاقطاع والوالي وحاشيته ،وظل الفقر هو ميزة المجتمع العراقي ، وبعد زوال الاحتلال ،، ونتيجة لظروف الحرب العالمية الاولى، فقد طور الانكليز بعض الصناعات المحلية لسد حاجة القوات البريطانية في العراق ومع ذلك فشلت كل الجهود في حينه لبناء صناعة وبشكلها الملحوظ وذلك بسبب نقص الاموال الاستثمارية والمواد وغير ذلك من العوامل ، عدا ان اغلب الصناعات التي قامت كانت يدوية دون ان تحل الالة في الانتاج بشكل واسع ، وان اهم الصناعات التي امتدت لها يد التطور هي بعض الصناعات الخفيفة ، والمعدة للتصدير كالنسيج والصوف والجلود والتمور، والصناعات ذات الطابع الاستهلاكي المحلي كالطابوق ومستلززات تشييد القوارب وعربات النقل المسحوية بالخيول او المدفوعة بقوة الانسان ، ورغم كل المعوقات تدخلت الحكومة لصرف الاعانات لتشجيع الانتاج الصناعي ، ومنذ عام 1927 حيث تم اكتشاف النفط اخذت الموارد المالية بالتصاعد غير ان هذه الموارد كانت تنفق في غير المشاريع الانتاجية ، كالابنية الحكومية او الطرق والجسور ، والتي بدورها تسهل وتمهد للمجهود الانتاجي ، وفي اعقاب الحرب العالمية الثانية تم حتى عام 1951تسجيل 53 شركة انتاجية ،لانتاج الصابون والشخاط والاحذية  السكائر وكان نتيجة لسياسة الحماية اذ بدات هذه الصناعات تسد الحاجة المحلية ، وفي عام 1936 تم تاسيس المصرف الزراعي الصناعي لدعم الصناعة المحلية والقطاع الزراعي، ولغرض التوسع بالاقراض  ، تم في 1940 انفصل المصرف الصناعي ليكون مستعدا للتوسع الصناعي في البلد اضافة الى فسح المجال للمصرف الزراعي بدعم الزراعة وتموين عمليات استصلاح الاراضي الزراعية ، وقد كانت الدولة عن طريق الحماية تساعد الراسمال الوطني للدخول في الصناعات المتنوعة والمناسبة للاستهلاك الداخلي ، وقد تطورت نتيجة ذلك الكثير من الصناعات كصناعة الزيوت النباتية وصناعة الاسمنت وصناعة وتعليب التمور وتوسعت صناعة السكاير وتنامت وتنوعت صناعة النسيج والغزول والجوت ، وغيرها من الصناعات الاخرى وقد كان للراسمال العراقي الدور المهم في انشاء او المشاركة في الاعمال المصرفية والتامين حتى بلغت الشركات والبنوك والمنشات الاقتصادية بالمئات قبل عام 1964 حيث جاءت القرارات بعمليات التاميم حيث حولت الملكية الخاصة الى الملكية العامة ، مما تسبب في تقليص دور الراسمال الخاص في بناء الاوطان ، ولما حل عام 1968 ووصول البعث الى السلطة تم التوسع في القطاع العام ليشمل اغلب الصناعات في البلد وبالمقابل توقف الاستيراد الا بما يضمن سد النقص في الحاجات الاستهلاكية او الانتاجية ،
الامر الذي نتج عنه هروب الراسمال ان وجد الى خارج البلد ، وظل الاقتصاد هو اقتصاد شمولي حتى سقوط النظام 2003 ، وقد مرت الاعوام  ولم تحدد هوية الدولة الاقتصادية وقد تم تجميد او اهمال القطاع العام ،يقابل ذلك قيام الدولة بفتح الحدود امام الاستيراد وتم فتح الاسواق غلى هذا الاستيراد وبشكل غير محدد او بشكل غير مدروس بل تحول الاستيراد الى استيراد عشوائي شمل المهم وغير المهم وامتلات الاسواق بالبضائع الجييدة والرديئة والتي لا تتطابق والمواصفة العراقية ، يضاف الى ما تقدم هو قيام البنك المركزي وحسب قرارات الحاكم المدني ببيع العملة وبشكل غير مسبوق بالمزاد العلني ، مما شجع الكثير على تهريب العملة الى الخارج ولاسباب مختلفة باختلاف المقاصد والنوايا ،

الامر الذي افرغ البلد من الراسمال المنتج ، واتجه الراسمال للاستمار في الخارج في دول الجوار العربي او في الدول الغربية وعلى الاغلب ان الاموال المهربة الي الخارج هي اموال تعود للدولة تم الاستحواذ بطرق متعددة ، فالخسارة هي خسارة مركبة فبالاضافة الى كون هذه الاموال هي اموال الدولة فانها بدلا من ان تستثمر في الداخل لزيادة الانتاج وتشغيل الايدي العاملة ، تم ايداعها في البنوك الاجنبية او تم بها شراء العقارات في تلك الدول ، هذه العوامل اضافة الى عامل الارهاب زائدا عدم اهتمام المسؤول في الدولة بهذا الجانب كلها ادت الى فقدان الراسمالية المنتجة وفقدان دور القطاع الخاص الذي ادى بدوره الى بقاء هذا البلد دون انتاج للخيرات وزيادة البطالة بين القوى العاملة العراقية ….