نتطلق التصريحات العراقية المتشنجة منها قبل الهادئة في التعليق على موقف دول الخليج العربي في سحب خليجي 22 منه واحالته الى مدينة جدة السعودية، من حكاية اخوة يوسف في القران الكريم ، فرئيس الوزراء يؤكد بان العراق لم يخرج من حصار الاشقاء، وتنطلق كلمة وزير الرياضة والشباب من ذات المنهج وكذلك تصريحات بعض واب البصرة وابرزهم نواب دولة القانون الذين اكدوا بوجود “مؤامرة ” عربية تصر على تهميش العراق.
والسؤال ماحدا مما بدا .. والحديث عن استعادة العراق دوره الخليجي ربما من بوابة الرياضة ، لتنصهر صفحات الماضي القريب في الملاعب الرياضية ؟؟
المعروف في الفقه السياسي ان الدول تخلق علاقاتها الخارجية من خلال سياسات داخلية ، وتختلف في العراق الجديد ، لان المشهد المعقد داخليا يحتاج الى حلول اقليمية وخارجية ، وهكذا ترى اطراف في الحكومة بان ايران اكثر قربا، مثلما ترى جهات كردية بان تركيا اقرب ، ودوليا هناك من يرى ان السياسات الروسية والصينية اقرب من السياسات الاميركية ، لكن مغادرة الوجود العربي للمشهد العراقي ، بالشكل الداعم للمواطن البسيط ، ليس لكتل سياسية بعينها، ربما يعزز التثقيف السياسي لراي العام بان ” الحصار عربيا ” بعد خروج العراق من احكام الفصل السابع ، والدليل القائم يتضح في سحب حق العراق في تنظيم خليجي 22 على ارض البصرة ، يؤكد ان الحصار عربيا.
مثل هذه المحاكاة الشعورية للوجدان العراقي الشعبي تفرز مواقف عدائية تجاه العروبة اولا ن وتميل اكثر نحو دول التمثيل المذهبي، شيعيا وسنيا على حد سواء، ومثل هذه الظاهرة سلبية في قياس المصالح العربية العراقية ، لاسيما وان تحولها الى عرف اجتماعي – سياسي ، يمكن ان يختصر الكثير من وشائج العلاقات العربية العراقية ويحصرها في ذلك التعريف الضيق للدستور العراقي بان العراق دولة مؤسسة للجامعة العربية فحسب.
لكن الحديث المتشنج عن ” سرقة ” او ” مؤامرة ” ربما يرد عليه من قبل بعض المتزمتين في هذه المنظومة العربية ، وهذا ما حصل من قبل بعض كتاب الاعمدة الصحفية المعروفين ، لتأشير ان الرياضة الخليجية بصحة وعافية من دون مشاركة العراق ، فيما لم نسمع صوت العقلاء من الطرفين ولعل اهمهم من يمثل الرياضة في العراق والدول الخليجية ، وكان اهل الرياضة ليسوا سوى بيادق شطرنج لدى الساسة ، مرة يتحركون لتعزيز العلاقات البينية مع العراق واخرى لإثارة المشاكل ليس اكثر .
ما اريد قوله للجميع ان عراق اليوم يختلف عن عراق ما قبل 2003 ، ومنظومة الدول الخليجية لها اليد الطولى في عملية التغيير ، فالطائرات والدبابات لم تنطلق من اراضي الولايات المتحدة باتجاه ساحة الفردوس لتحطيم صنم صدام واستبداله بطوطم الحرية ، بل من اراضي دول هذه المنظومة ، والمفروض حينما فشلت واشنطن في احتواء نتائج ما بعج احتلال العراق ان تبرز منظومة الدول الخليجية باعتبارها الاقرب والاكثر قدرة على استيعاب المرحلة في فرصتها التاريخية ، ولكن لا تجري الرياح بما تشتهي السفن ، وحصل ما حصل من تقاطع سببه مخاوف ظهور ما اطلق عليه ب” الهلال الشيعي” ، فيما الواقع ان هذا الهلال ليس بأكثر من بنات افكار تنظيم القاعدة الارهابي ومن يروح له بالأفكار الهدامة .. والغاء خليجي 22 من ارض البصرة مجرد رقم في هذا المسلسل الطويل لتنظيم القاعدة ومن يساندونه ، وبالتالي فان عدم احتساب اللحظة التاريخية للتقارب ، بمثل هذا الطراز الصعب من التباعد ، يجعل المروجين لمشهد اقلمة المذاهب عراقيا، امام فرصتهم الضالة وينطلقون من اخطاء الغير لتحقيق طموحاتهم الضالة لتمزيق العراق .