23 ديسمبر، 2024 12:31 ص

العراق.. وإنتخاباته القادمة

العراق.. وإنتخاباته القادمة

بعيدا عن السؤال الذي, قد يسأله كثير من العراقيين, وكذلك المراقبين والمهتمين بالشأن العراقي, حول إن كانت ستجري تلك الإنتخابات الموعودة أم لا, فإن كثيرا من الأحزاب والتيارات بدأت حملتها الإنتخابية, بشكل حثيث ومتصاعد, وبدأ المال السياسي يتدفق, وبانت بوادر حملات “التشاتم” ونشر ” الغسيل القذر” للفرقاء والمتخاصمين, بل وحتى لحلفاء الأمس!
لم تنجح التجارب السابقة لإنتخاباتنا ودروسها, في فضح ما تقوم به ” الجيوش الإلكترونية” للفرقاء “المتخاصمين المتحالفين” من حملات تزييف وخداع, تستهدف وعي المواطن, وجذبه نحو التصويت لها, وتزيين ما يطرحه “أرباب نعمتهم” وتشويه وتسقيط ما يطرحه خصومهم من أفكار وبرامج.. بإفتراض حسن النية يقول, بوجود من يطرح برامج وأفكارا أصلا!
هذا التشويش المتبادل من الكل ضد الكل, ضيع على المواطن “التائه أصلا وقليل الخبرة والتجربة بلعبة الديمقراطية” كل ما يمكنه من تحسين خياراته, وكأن هناك حسنا في خياراتنا المتاحة!.. وعلى أية حال, فقد لجأ معظم الناس ممن يشاركون بالإنتخابات, لخيارات يعتبرونها مقبولة وأمنة ومريحة “لضميرهم”.. فصارت العشيرة والمنطقة والمذهب, هي المعايير المعتمدة.. فكانت نتيجتها هذا الوضع المزري الذي نعيشه!
التنافس اليوم وبالرغم من تعدد أشكاله وأسبابه الظاهرية, لكنه في حقيقته واقع بين منهجين.. أولهما من يرغبون ببقاء الفوضى, وتشتت الدولة وضياعها وبقائها مهلهلة, وتتنازعها مصالحهم وتقاسماتهم المقيتة, مهما رفعوا من شعارات أو تحدثوا بخطب حماسية عن حب الوطن والتضحية في سبيله, أو دفاعا عن ” المكون والمذهب” وحقوقهما.. وثانيهما أقلية تبدوا أحيانا وكأنها بلا حول ولا قوة, يبحثون عن تقوية الدولة ويقولون أن قوتهم من قوتها, ولكن لم يتح لهم تولي السلطة, لنرى مدى صدق مشاريعهم, ومما يبدوا واضحا عن مدى وعينا كمجتمع, فهم لن يتاح لهم ذلك قريبا!
لا يمكن طبعا التغاضي عن تأثير السلاح المنتشر في كل مكان, ولا المال السياسي الذي صارت به الضمائر تباع وتشترى بالجملة, و الجهل والسطحية واللامبالاة بما يجري, لكنها كلها مشاكل لن يكون لها تأثير قبالة ” التلاعب بالوعي”.. وهي لعبة خطيرة لا يجيدها إلا القلة, يخطط لها ويقودها وينفذها, خبراء محترفون تحت إشراف مخابرات دولية, وترصد لها مبالغ كبيرة, تفوق ما نتصوره في أكثر خيالاتنا تطرفا!
الإنتخابات وسيلة لتصحيح أو تعديل خيارات المواطن, بعد تجربته لمن سبقهم, وهي مسؤولية المواطن تجاه نفسه قبل أن تكون للوطن.. ومن الخطأ الفادح أن نزهد في تلك الوسيلة, فهي سلاحنا الوحيد لتأديب من يحاول إستغفالنا فيسرقنا ويخدعنا.