ان من يتابع الاستراتيجية الامريكية في منطقة الشرق الاوسط ،يراها انها تمسك العصا من الوسط، فهي تدعم جميع الاطراف المتصارعة ، وجميع الانظمة المتخاصمة ، انطلاقا من مقولة المفكر المتصهين هنري كيسنجر عراب سياستها منذ خمسين سنة مضت ،(إن أمريكا لا تساعد فى حل مشاكل العالم ولكنها لابد وأن تمسك بخيوط هذه المشاكل لتديرها نحو مصالحها القومية )،وبذلك تتكشف استراتيجيتها اليوم ونحن نراها تطبق مقولة كيسنجر بحذافيرها في الشرق الاوسط لتحقق مصالحها ومشروعها العسكري الاستراتيجي في اقامة الشرق الاوسط الكبير ، هذا المقال يحلل ويقرأ هذه الاستراتيجية على ضوء ما يجري على الارض في المنطقة بشكل عام ،وفي العراق وسوريا ،بشكل خاص، بوصفهما ساحتا الحرب العاملية الثالثة الان،والحرب العالمية بدأت في عدوان المجرم بوش على العراق واحتلاله وتدميره،ونشر الفوضى فيه ، التي استمرت لحد هذه اللحظة ، ان الاستراتيجية الامريكية تمضي قدما في تحقيق اهدافها الاساسية ، بنشر الفوضى في كل دول المنطقة واشعال الحروب فيما بينها على اسس عرقية وطائفية وعرقية وقومية ، فهي تدعم الجميع لاشعال الحرب بين الجميع ، فهي تدعم تنظيم داعش ضد الميليشيات في العراق وتدعم الشيعة ضد السنة وتدعم الميليشيات ضد السنة وتدعم كتل سياسية داخل العملية السياسية لحكومة العبادي لخلق صراعات بينهم، وفي سوريا تدعم الجيش الحر وجيش الاسلام والنصرة واحرار الشام ضد نظام بشار الاسد، وضد تنظيم داعش في سوريا ، وفي تركيا تدعم حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ضد اردوغان وحكومته ،وبنفس الوقت هي حليف استراتيجي لتركيا ولديها اهم قاعدة في الشرق الاوسط في تركيا هي (قاعدة انجرليك)،وهكذا تدعم السعودية في عاصفة الحزم ضد الحوثيين وتدعم الحوثيين ضد السعودية ،وهكذا الحال مع ايران ودعمها لها في سوريا والعراق واليمن حسب الاتفاق النووي الاخير ، هكذا تتجسد مقولة هنري كيسنجر في بلوغ امريكا لمصالحها على حساب دماء الشعوب وحريتها ومستقبلها وخرابها واشعال الحروب فيما بينها ، ولنمعن اكثر في السياسة الامريكية الحاضرة ودورها في اعلان حرب عالمية ثالثة في الشرق الاوسط، تكون هي الطرف الاكثر فائدة ، فدخول روسيا الى سوريا قد اضعف دورها هناك، واوجد لها ندا قويا وتحالف روسيا مع ايران وتمسكهما بنظام بشار الاسد ،قد افشل مشروعها وأخر دورها في هيمنتها على المنطقة والتحكم فيها بشكل اكبر مما هي عليه الان ، لذلك سمحت بظهور تحالف اقوى واشرس من تحالف روسيا وايران ،وهو التحالف الاسلامي العسكري، الذي يعد هو الاقوى في التاريخ ، والذي يتكون من اكثر من 20 دولة عربية واسلامية لها مكانة مهمة واستراتيجية في المنكقة والعالم لايمكن الاستهانة بها، وهكذا اصبحت المنكقة تعيش حالة المحاور والتحالفات العسكرية الاستراتيجية ،تمهيدا للتصادم الاكبر في مرحلة قادمة ، واعادة تقسيم المنطقة للرابح في هذه الحرب ، فكيف واين ، بكل تأكيد اصبح واضحا الاطراف المتصارعة التي هي على طارف اعلان الحرب بينها، وهي ايران وسوريا وروسيا من جهة ، والسعودية وتركيا وتحالفها الاسلامي العسكري، الذي يشمل مصر والاردن وباكستان والسودان ودول الخليج والمغرب والجزائر وغيرها ، لذلك اصرت روسيا ان تدخل وتجبر تركيا واردوغان بدخول الحرب في سوريا والعراق، من خلال استفزاز تركيا من قبل اذناب وحلفاء بوتين في العراق وسوريا ، واختلاق ازمة (معسكر بعشيقة وزليكان) ودخول الجيش التركي المحدود في الاراضي العراقية لمحاربة داعش حسب طلب حكومة المالكي ومن بعده العبادي، في حين في سوريا دفع نظام الاسد حزب الاتحاد الوطني جناح صالح مسلم وحزب البككا لافتعال ازمة مع تركيا واستفزازها بالاعم (دولة كردية على الشريط الحدودي مع تركيا كحكم ذاتي او ماشابه ، وهذا وحده كاف عدا التفجيرات الدموية التي نفذها العمال الكردستاني والاتحاد الوطني الكردي السوري داخل العمق التركي وفي انقرة تحديدا ،كأشارة على نوعية واهمية الحدث سياسيا ،وفي هذا الجو الساخن بين تركيا وخصومها ،والذي يهدد الامن القومي التركي ، تهدد تركيا ان تدخل عمق الاراضي السورية لمنع قيام دولة كردية تدعمها روسيا بكل قوتها ،لا بل هي من وراء هذه الفكرة ،بالتمويل والتسليح لحزب البككا وحماية الشعب الخاصة الجناح العسكري ،مع دعم لامحدود لها من قبل النظام السوري، فهل تكون هذه الخطوة واقصد اجتياح الجيش التركي للاراضي السورية وعلى طول الشريط الحدودي معها في اعزاز وعفرين وكلس وتل الابيض وغيرها، هي القشة التي تقصم ظهر البعير وتعلن عن الحرب العالمية الثالثة ، لاسيما وان كل المعطيات تدلل على ذلك ومنها وصول مئات الطائرات السعودية وغيرها من التحالف الاسلامي العسكرية الى قاعدة انجرليك وقواعد عربية اخرى ، متزامنا مع انطلاق عاصفة رعد الشمال التاريخية،التي تشكل علامة فارقة في تاريخ ومستقبل المنطقة كلها ، هنا لابد من الاشارة ان التحالف الاسلامي العسكري ووسط صمت امريكي يعلن وبكل وضوح ، ان استراتيجيته هي القضاء على تنظيم داعش والميليشيات الطائفية الايرانية في المنطقة (دون ان يحددها)، وهي معروفة للجميع (حزب الله وميليشيات ايران في العراق التي تربو على 54 ميليشيا والحوثيين في اليمن )،ان ما يجري في العراق من انقلاب ناعم تقوده ادارة اوباما من خلف الستار واعلنت عنه بتسريبات قيل في وقتها انها ضرب من الخيال ولكن الواقع يؤكد قسما منها الان ، وهو الصراع الكبير بين العبادي وقادة الميليشيات وابعاد ابو مهدي المهندس وقضية هروبه الى ايران او ابعاده، ومنع الحشد الشعبي من القتال في الموصل والفلوجة والانبار وغيرها، وازمة التغيير الحكومي المرتقب والذي تريده امريكا تكنوقراط مع ابعاد لوجوه طائفية من الاحزاب الفاسدة الحاكمة عن الحكم ، واجراءات اخرى مثل ملاحقة المسؤولين في الحكم واحالتهم الى القضاء بحجة الفساد وغيرها ومنهم المالكي والمطلك والاعرجيين بهاء وفاروق وغيرهم، وهي اشارات حقيقية على توجه ادارة اوباما اجراء تغييرات ناعمة دون ضجيج اعلامي وسياسي كي لاتثير حفيظة الاخرين في ايراتن وتكتشف قصديتها في التغيير وابعاد اذرعها من الحكم ، نقول التغيير كله قادم امريكيا ، ولكن بعد انتهاء معركة الموصل التي اعلنت ادارة اوباما التحضير لها واعلانها قريبا ، نعم الاستراتيجية الامريكية شغالة على كسب الوقت ، والتحضير لما هو اهم واوسع وهو الاستحواذ على المنطقة وافشال مشاريع روسيا وايران في كل من سوريا والعراق للاستفراد بهما معا، من خلال دعم واسناد التحالف الاسلامي العسكري في الحرب العالمية الثالثة التي بدأت علاماتها في تصريحات وتهديدات سعودية وتركية واضحة ، وعمل على الارض يشي بان وراءه عمل عسكري كبير جدا يتعدى محاربة داعش والقضاء عليها، ان الاستراتيجية الامريكية هي فرصة لاعادة رسم خارطة الشرق الاوسط من جديد، وهذا ما تعمل عليه امريكا الان بكل قوتها ، في ان تكون خسائرها اقل من خسائر حربها على العراق ،بدفع حلفائها الى حرب طويلة ولكنها مضمونة النتائج لامريكا .. وهذا ما عناه هنري كيسنجر في مقولته التي بدأنا بها مقالنا هذا ،انها استرتيجية قهر الشعوب واقامة امبراطورية على دمائها ،كما قامت امريكا وانشأت على انقاض دماء 12 مليون من الهنود الحمر ،وصارت امريكا الان …..