7 مارس، 2024 10:14 م
Search
Close this search box.

العراق وأزماته الماليــــــــــــــــــــــــــــة المتكررة … الأسباب والنتائج والحلول

Facebook
Twitter
LinkedIn

مقدمـــــــــــــــة
العراق اليوم يمر بأزمة مالية كبرى تكشف عن اختلال وتعثر الحياة العامة فيه بسبب وباء الكورونا وهبوط أسعار النفط الممول الرئيسي لحياته المعيشية وقلبه النابض ، مما يتطلب إحداث تحولات راديكالية لمعالجة أسباب تعثره وتقويم مساره، قد تأخذ تلك التحولات وجهات مختلفة, من خلال إحداث تغييرات جذرية لإصلاح آليات عمله بطريقة الاستثمار , وبناء السدود والجسور وإقامة المشاريع الصناعية والزراعية الكبرى وتطوير البنية التحتية , وذلك لتحريك الاقتصاد وتوفير الوظائف، إضافة إلى برامج الرعاية الاجتماعية كالتأمين الاجتماعي لكبار السن وغير القادرين على العمل، وقوانين دعم العاطلين وبرامج إقراض للاستثمارات الصغيرة ودعم الصحة والتعليم وبناء الجامعات ومراكز البحوث.
في ايطاليا وألمانيا مثلا اتخذ التغيير طابعاً يمينياً متطرفاً قاد البلدين إلى الفاشية واندلاع الحرب العالمية الثانية ( 1939- 1945 ) ، فقد استغل القائدان هتلر الألماني و موسوليني الايطالي معاناة وغضب شعبيهما باستثارة مشاعر الاستعلاء القومي وحرف الأنظار عن مصدر المعاناة الاقتصادية الحقيقي بإلقاء اللوم على اليهود والغجر والعجزة و الاشتراكيين والشيوعيين و باقي الشعوب الأخرى .
أصحاب الرواتب الكبيرة :
أربعة شرائح تحصل على رواتب تقاعدية من الدولة العراقية بشكل واسع دون تخطيط مسبق ,علماُ بأن العراق أكبر دولة في العالم تدفع رواتب لموظفيها بعد أمريكا ا, آذ تقدر 65بالمئه من موازنة الدولة السنوية , وان قيمة رواتب هذه الشرائح تقدر 17بالمائة من قيمة رواتب الدولة التي تدفعها سنوياً , بمعنى إن تلك الشرائح تستلم بما لا يقل عن ( 12 – 15 ) مليار دولار سنوياً , أي أكثر من موازنة دولة بحجم مصر التي يبلغ تعداد نفوسها أكثر من 123مليون نسمة تقريباً .
1- الخدمة الجهادية :
وهم الأشخاص المرتبطون بالأحزاب والحركات والفصائل السياسية الإسلامية ممن كانوا يعيشون خارج العراق وتحديداً في إيران وسوريا حتى وان رحًلوا بعد ذلك لدول أخرى وحصلوا على اللجوء الإنساني و تجنسوا بجنسيات أخرى من دول لجئوا إليها وعاشو فيها حتى سقوط النظام السابق .
و يتم احتساب فترة وجودهم من يوم خروجهم من العراق لحين عودتهم بعد عام 2003 كخدمة جهادية ، و يتم منحهم رواتب تقاعدية تبدأ من مليون و نصف المليون دينار , كذلك لهم منح مالية كبيرة , ومن كان منهم مقاتلاً في الفصائل المسلحة التي كانت تقاتل مع إيران في حربها مع العراق. يتم احتساب ذلك له ويمنح رتبة عسكرية تبدأ من ملازم و تنتهي عند رتبة فريق أول و يمنح بموجبها راتبا تقاعديا لهذه الرتب يبدأ من مليونين دينار وصولاً لعشرة ملايين دينار شهرياً.
2- الأنصـــــــــــــــار :
هم الأشخاص الذين كانوا ضمن الفصائل المسلحة التي شكلها الحزب الشيوعي العراقي في شمال العراق وكانوا يقاتلون الجيش العراقي أبان الحرب مع إيران .. وبعد عام 2003 تم اعتبار جميع الشيوعيين من الأنصار وتم احتساب فترة وجودهم من يوم خروجهم من العراق لتاريخ عودتهم بعد عام 2003 كخدمة تقاعدية. حتى وان لم يعودوا للعراق , بل حتى وان لم يقاتلوا وحصلوا على اللجوء و تجنسوا بجنسيات أخرى
المهم أن يكون الشخص لديه تأييد من الحزب الشيوعي انه من الأنصار .. و يتم منحهم رواتب تقاعدية تبدأ من مليون دينار صعوداً , وكذلك منح مالية كبيرة , ومن كان منهم مقاتلاً في الفصائل المسلحة يتم احتساب ذلك له ويمنح رتبة عسكرية تتناسب مع تحصيله الدراسي , و بموجبها يمنح راتبا تقاعديا يناسبها.
3- البيشمركة :
وهي فصائل حزبية مسلحة تابعة للحزبين الكرديين الديمقراطي الكردستاني و الاتحاد الوطني الكردستاني شُكلت مذ ستينيات القرن العشرين , وقد دمجت بعد عام 2003 مع هيكلة الدولة العراقية كجيش تابع لإقليم كردستان العراق , وتم احتساب الخدمة لكل منتسب في البيشمركة منذ تاريخ تأسيسها ولغاية عام 2003 كخدمة تقاعدية يمنح بموجبها كل فرد منهم راتباً تقاعدياً يبدأ من مليون ونصف المليون دينار صعوداً مع منح مالية وقطعة ارض سكنية لكل منهم , و منحة بناء, أما من تطوع فيها بعد سنة عام 2003 ، فأن أفراد البيشمركة يتمتعون بجميع امتيازات الجيش العراقي الحالي في الخدمة والتقاعد وغيرها.
4- مهجرو معسكر رفحاء :
إن الكثير من العراقيين وخاصة أبناء البصرة والناصرية والسماوة المشاركين في الانتفاضة الشعبانية عام 1991 اضطروا إلى مغادرة العراق نحو الأراضي السعودية جراء ملاحقة الأجهزة القمعيـة للنظـام السابق التي أعدمت واعتقلت الكثير من المنتفضين, وتم استقبالهم من قبل الجانب السعودي وإيواءهم في مخيم صحــراوي بمساحة 8 ألاف متر مربع غير خاضع لأية حمايـة دولية مما أدى إلى تعرضهم إلى معامله سيئـة من قبل عناصر الجيش السعودي آنذاك , وكانت لجنة ُالشهداءِ والسجناء في مجلسِ النواب قد عدلت مشروعِ قانون ِالسجناءِ السياسيين لشمولِ سجناءِ معسكرِ رفحاء بالامتيازات الواردة فيه .
هؤلاء اليوم يتمتعون برواتب تقاعدية ( الحد الأدنى منها مليون و مائتي إلف دينار ) لهم ولكل فرد من عوائلهم ، مع منح مالية ,وحج بيت الله الحرام مجاني ,والذهاب إلى العمرة على حساب الدولة
وقطع أراض , ومنح مالية لإغراض البناء , وبطاقات سفر مجانية على متن الخطوط الجوية العراقية .
معالجات وحلول :
لقد نجحت القوى السياسية في العراق بعد عام 2003 في سنّ قوانين برلمانية عدة، اعتُبرت مشاريع سياسية خاصة فُصّلت على قياس هذه الأحزاب ومصالحها، وفي الوقت نفسه اتُهمت بتأسيسها لطبقات داخل المجتمع العراقي، تمتاز بحقوق مالية وقانونية ومدنية أعلى من باقي العراقيين.
ويتمتع عشرات آلاف العراقيين وأسرهم بامتيازات لا تتوفر لدى باقي العراقيين، وهي عبارة عن مرتبات شهرية عالية ,والمفاضلة في التعليم والتوظيف الحكومي , وحتى جوازات السفر التي بالعادة تكون “دبلوماسية” أو “خاصة.
أننا لسنا آلات صماء أو حيوانات عجما , وإنما الإنسان مخلوق ادمي له وجدان وشعور وحياة وعقلية أو سمها أذا شئت نفسية آو روحية , وهي قوة مستترة غير منظورة وينبغي أن نحافظ عليها , وواحدة من معالجة شح النقد الحكومي هذه المعالجات التي يجب أن تأخذها الحكومة بعين الاعتبار وتجد الحلول الناجعة لها وهي :-
1- حل مؤسسة السجناء السياسيين وتحويل تخصيصاتها إلى خزينة الدولة بعد أن أخذ كل صاحب حقه والتأكد من عدم وجود أي سياسي خارج منظومة الدولة وأحزابها الحاكمة في الوقت الحاضر .
2- حل مؤسسة الشهداء بعد فتح قسم لها في (دائرة التقاعد العامة) وتحويل المليارات من أموال المؤسسة إلى خزينة الدولة, بعد أن أثبتت الأيام والسنين فساد أدارتها العليا.
3- إلغاء قانون رفحاء وتحويل المليارات من الأموال إلى خزينة الدولة, بعد منح كل عائلة راتب واحد وفق الاستحقاقات المعمول بها في تشريعات الدولة المحدثة .
4- إلغاء امتيازات الدرجات الخاصة من رئيس الجمهورية مروراً بمجلس النواب وانتهاءً بالمدراء العامين وتحويل مئات المليارات إلى خزينة الدولة, لغرض معالجة السيولة المالية .
5- تقنيين عمل بعض السفارات في الدول التي ليس للعراق مصالح مهمة معها .
6- إلغاء مجالس المحافظات بشكل رسمي وقانوني ,وإرجاع كل عامل وعضو فيها إلى وظيفته السابقة دون إعطاء رواتب تقاعدية للسابقين واللاحقين , بسبب خدمتهم القصيرة في تلك المجالس .
7- إلغاء رواتب منتسبي الأجهزة القمعية في زمن النظام البائد.
8- دمج الأوقاف السني والشيعي والمسيحي بهيئة واحدة تحت مسمى ( الوقف العراقي ) والتوقف عن بناء الجوامع والحسينيات بعد أن زاد عددها عن عدد المدارس الحكومية والأهلية , وربط الأضرحة والمزارات الدينية بها كافة وتقليل نفقاتها من خلال العمل بنظام التمويل الذاتي.
9- الطلب من شركات الاتصالات دفع ما بذمتها من مستحقات للدولة , أو إيقاف رخصها وفرض عقوبات وغرامات جزائية كبيرة… فهي تجني إيرادات كبيرة تقدر بمليارات الدولارات كل عام، خصوصا وإنها قد عمدت وفي ظل حالة التقشف التي يعيشه العراق إلى رفع أسعار خدماتها شبه المعدومة.
10- مطالبة إقليم كردستان بدفع مبلغ ١٤٧ مليار دولار كمستحقات سابقة للدولة العراقية بذمتهم لقاء واردات النفط المهرب من الإقليم وواردات الجمارك و المنافذ الحدودية وعند امتناعهم تقطع نسبتهم من موازنة العراق لأنهم يأخذون أموال لم يساهموا بها وهي حقوق بقية محافظات العراق …. مع مراعاة التالي:-

أ- إجراء تسوية بمبالغ الضرر البالغة (128) مليار دولار حسب تحقيق هيئة النزاهة , أن المبلغ المذكور محدد تحديداً دقيقا. أي استندت اللجنة التحقيقية إلى معادلة تفصيلية لحساب هذا المبلغ. ويبدو أنها اعتمدت على الحجم الرسمي لنفط كردستان وقدره 250 ألف ب/ ي. عندئذ قامت بحساب سعر البرميل حسب السنوات وضربت المجموع بعدد السنوات فوصلت إلى ذلك المبلغ. ويمثل هذا المبلغ قيمة الإيرادات النفطية التي يتعين على الإقليم دفعها للمركز.
ب – التصريح بكل المنافذ الحدودية وتوحيدها مع هيئة المنافذ الحدودية الاتحادية وجباية التعريفة الجمركية وإيداعها في الموازنة العامة , إذ يوجد بين العراق وإيران في”كردستان العراق” أربعة منافذ حدودية رسمية هي 🙁 منفذ الحاج عمران في أربيل و منفذ باشماخ/ برويزخان/ كرمك في السليمانية ) وهناك سبعة منافذ غير رسمية , تصل إيراداتها تلك المنافذ لبلايين الدولارات سنوياً, لكن ضعف الدولة وسيطرة المليشيات المسلحة عليها جعلت العراق عبر منافذه المتعددة وخاصة الشمالية والجنوبية منها ساحة يسهل من خلالها اختراق الجدار الأمني الذي يفترض صلابته واستدامته تعزيزاً للسيادة الوطنية العراقية, وما انتقال المخدرات والأدوية المنتهية الصلاحية والغذاء الفاسد إلا أمثلة محددة ومحدودة لابد من تمحيصها والتبليغ عنها حال التأكد من حصولها.
.
ج – إعادة مبلغ 4 مليارات دولار الخاصة بالمصرف العراقي للتجارة والمصادر من قبل إلاقليم.
د – لا مجاملات ولا قرارات تحمل الحكومة القادمة التزامات مالية .
11- كل موظف عراقي يجب أن يستلم راتب واحد من الدولة بدل الرواتب المتعددة والتي تشكل عبْا كبيرا على خزينة الدولة… وهذه إحصائية بسيطة لمن يستلم أكثر من راتب :-

152شخص يستلمون 6 رواتب
463شخص يستلمون 5 رواتب
972يستلمون 4 رواتب
64018 يستلمون 3 رواتب
أكثر من ربع مليون يستلمون 2 راتب
هؤلاء جميعا يكلفون الدولة 18 مليار و900 مليون دولار , 99 بالمائة منهم سياسيون ومتنفذي أحزاب ومهجري معسكر رفحاء وخدمة جهادية .
12- إيقاف السفر لإغراض السياحة والترفيه أو تقنينه إلى سفرة واحدة خلال السنة ولمدة شهر واحد وعدم فتح الحدود لمن هب ودب من أجل أخراج العملة الصعبة, علماً أن إيرادات إيران من السياحة لعام 2019 بلغت 11 مليار دولار أغلبها جاءت من سفر العراقيين غير المنضبط أليهم نتيجة رفع التأشيرة بين البلدين… فكيف بأذربيجان بلد الجمال والليالي الملاح.
13- التوقف عن استيراد السيارات كافة لكثرتها الفائضة عن الحاجة المحلية,إذ نشر الجهاز المركزي للإحصاء، أعداد السيارات الموجودة في العراق جاء فيها : إن “إعداد سيارات القطاع الخاص في العراق بلغ 6 ملايين و709 إلف و724 سيارة مسجلة لغاية 31 من كانون الأول 2018 بما فيها إقليم كردستان، مقارنة بـ 6 ملايين و 439 إلف و332 سيارة خلال سنة 2017 , إضافة إلى 80 ألف سيارة مستوردة خلال عام 2019 … ويذكر إن العاصمة بغداد تعاني من زخم كبير في شوارعها نتيجة كثرة أعداد السيارات فيها فضلا عن قطع بعض الطرق الرئيسية منها.
14- التوقف عن استيراد المواد والسلع والخدمات المتوفر منها محلياً سواء كانت زراعية أم صناعية أو خدمية. وخلق أفضل علاقة اقتصادية سواءً مع إيران أو السعودية وتركيا ، تعتمد على أمور عديدة منها أسعار البضائع، النوعية، الضمانات التي ستقدم ناهيك عن الشحن السريع , وعلى الحكومة أن ترفض من جعل العراق ساحة لتصريف السلع والبضائع للسعودية وإيران وغيرها، وإنما يجب العمل على إنشاء مصانع مشتركة بين البلدين لتشغيل الأيدي العراقية العاملة”.
15- تكليف الجهات الرقابية والقانونية في الدولة العراقية بتحريك دعاوى ضد الفاسدين لإعادة الأموال المنهوبة من عام 2003 حتى ألان والتي تقدر بـ أكثر من 500 مليار دولار لغرض سد النقص الحاصل في موازنة الدولة , ويتفق العراقيون على أن الأموال المهربة بعد عام 2003 أكبر بكثير من الأموال المجمدة التابعة للنظام السابق، إذ إن الحجم الهائل لمليارات الدولارات التي نهبها المسؤولون الفاسدون بعد عام 2003 وهربوها للخارج قد جرى إخفاء أثرها بوسائل معقدة , منها تسجيلها كأرصدة بنكية بأسماء مختلفة أو شراء عقارات أو إنشاء شركات أو أسهم وغيرها، كما أن ارتباط الفاسدين ببعض الأحزاب السياسية جعل من ملاحقتهم أمراً صعباً في غياب الإرادة السياسية، إضافة إلى وجود ثغرات في القوانين المالية العراقية، ما يجعل تحقيق هذا الهدف شبه مستحيل.
16- وضع قانون حماية المنتجين الزراعيين لمحاصيل الخضر الرئيسية مثل الطماطة والبطاطة والبصل … وغيرها لفك الاختناقات في السوق الزراعية وتدني أسعارها بتوفير الخدمات التسويقية للمنتجين التي تحقق حماية الإنتاج والحفاظ عليه وتحقق هامش ربح للمنتجين لكي يستمروا بالإنتاج وذلك بوضع أسعار مسبقة كحد ادني في السوق الزراعية وإنشاء المخازن المبردة ومعامل إنتاج معجون الطماطة من خلال وضع الآليات المناسبة لتنفيذ القانون .
17- تفعيل قطاع – البناء والتشييد – المحلي وهو القطاع القادر على توفير فرص العمل الممكنة لخلق أفضل مصادر الدخل للعاطلين كليا أو جزئيا عن العمل , ومن خلاله يمكن أصلاح البني التحتية بواسطة استيعاب أعداد كبيرة من العاملين في مجالات الهندسة المدنية والكهرباء والميكانيكا والصيانة وغيرها , و تشغيل ما لا يقل عن مليون مشتغل في حال عملت الحكومات المحلية على تطوير إمكانات هذا القطاع والنهوض به من جديد , بدلاً من الاعتماد على القطاع النفطي الذي هو أقل القطاعات تشغيلاً للأيدي العاملة .
18- جني ثمار الزيارات الدينية للمراقد المقدسة لرفد الموازنة بمبالغ طائلة وليس التبذير بالطعام المجاني الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفواكه والخضر في السوق العراقية نتيجة الإسراف بالمأكولات والمشروبات والمباهاة بتوزيعها في الشوارع والطرقات وكلها مستوردة من الخارج , وبالتالي الضغط على البنك المركزي لبيع الدولار وخروجه من السوق العراقية لشراء المواد الغذائية مرة أخرى وهكذا يدور الاقتصاد العراقي في حلقة مغلقة تستنزف قدراته المناسبات الدينية غير المبرمجة, أؤكد مرة أخرى يجب أن تكون الزيارات المباركة مصدر تموين ورفد للاقتصادي العراقي وليس مصدر إنقاص وتبذير في سوقه المتهاوي, وكما قال الفيلسوف الأندلسي ابن رشد (( التجارة بالأديان هي التجارة الرائجة في المجتمعات التي يعم فيها الجهل )) .
أن ضعف السلطة وانقسامها , ووجود كتل وتيارات متناقضة فيها , سوف تكون مرغمة على التهاون في القضايا والمصالح الوطنية الأساسية ومنها مسألة مكافحة الفساد بكافة أنواعه ما يجعل اختراق أجهزتها والتغلغل فيها امرأ ميسوراً بل يصبح حقيقة واقعة وثابتة لا تجد الحكومة بعد حين بداً من القبول بها كأمر واقع , أو الثورة عليها من خلال أحداث تغيير جذري وحاسم في بنية مؤسسات الدولة . ومثلما كان الصينيون أيام الرئيس الصيني الراحل ( ماو تسي تونك 1893- 1976 ) يقومون بين فترة وأخرى بثورات ثقافية في المجتمع الصيني من اجل تجديد شبابه وعقله وروحه , لذا أرتئي القيام بثورة ثقافية – عسكرية على الفساد الإداري والمالي في كافة أنحاء العراق على خطى ( خطة فرض القانون ) بعيداً عن الشفافية , تبدأ من القمة إلى القاعدة وليس العكس , لغرض محاسبة مرتكبي المخالفات من موظفي المؤسسات الحكومية سواء كانت هذه المخالفات مالية أو قانونية أو إدارية أو أخلاقية وأبعاد من تثبت أدانته بتلك المخالفات عن المواقع القيادية في دوائر الدولة وشركاتها وأحالتهم إلى المحاكم المختصة , وتنصيب ذوي الكفاءات ممن مشهود لهم بالنزاهة والصدق والإخلاص بعد أن يعرض من تناط به المسؤولية على لجنة من المختصين الكبار لغرض تقيمه, على أن يعاد النظر بأداء المسؤولين الكبار كل ستة أشهر .
والسؤال الذي يمكن طرحه الآن بقوة هو : من يتحمل مسؤولية هذا الانهيار الاقتصادي وباء الكورونا أم وباء الحاكم العراقي ؟.
اعتقد أن كورونا هي المسؤول الأول عما نحن فيه، ولكن هناك سبب ثاني أيضاً وهو تخمة السوق النفطي بهذه السلعة التي هي نتيجة تباطؤ وتيرة الطلب الذي وصل إلي نحو التوقف التام هو الذي أدي إلي الانهيار المسارع ، والذي لا اعتقد انه سيتوقف في المستقبل القريب.. وأما عن كيفية التعامل مع هذه الانهيارات أو التقلبات، فهنا نشعر بالتباين بين اقتصاديات ضخمة قوية ثابتة تستطيع أن تتأقلم مع ظروف طارئة , وبين اقتصاديات هشة أصلا ً ، ومرشحة للدمار والانهيار كالاقتصاد العراقي , الذي يطلق عليه ( الاقتصاد الريعي ) لاعتماده على تصدير النفط بالدرجة الأولى.
وقالت شركة تسويق النفط “سومو” التابعة لوزارة النفط في إحصائية على موقعها الرسمي، إن “مجموع الصادرات النفطية للعام 2019 بلغ ملياراً و287 مليوناً و196 ألف برميل”، موضحةً أن “معدل التصدير الشهري بلغ 107 ملايين و266 ألف برميل، بمعدل 3 ملايين و460 ألف برميل يومياً”.وأضافت الشركة، أن “الإيرادات المتحققة من مبيعاتها للنفط الخام للعام المنصرم بلغت 78 ملياراً و527 مليون دولار , بمعدل 6 مليار و543 مليون دولار شهرياً”، مشيرةً إلى أن “معدل سعر البيع الشهري للنفط الخام بلغ 61 دولاراً و6 سنتات”.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب