19 ديسمبر، 2024 6:21 ص

العراق وأخطاء المختلفين ؟

العراق وأخطاء المختلفين ؟

يعاني العراق اليوم من أخطاء المختلفين فيه حتى قيل عن عاصفة التصعيد ويراد بذلك التظاهرات , وقيل عن التصعيد ضد الحكومة وليس التصعيد ضد الشيعة كما يحلو للبعض أن يصور مشهد صلوات الجمعة التي أتخذت طابعا لما يجري في جوار العراق , وتلك هي سورية التي تشهد حربا كونية عملت كمينا لآطراف النزاع أيهما يسقط , فالباقي ضعيفا وكلا الحالتين هما ربح في منظار مخططي تلك الحرب الذين لايحلو لهم أستنكار قتل المئات في حادث تفجيرات حلب ألاخيرة , بينما يسارعوا لآستنكار قتل رهينة خطأ في عملية تحرير مئات الرهائن من الخاطفين في منشأة الغاز جنوب شرقي الجزائر حتى ليصبح قول الشاعر كأنه واقع حال اليوم وليس ألامس الذي كتب فيه عندما قال :-
قتل أمرئ في غابة جريمة لاتغتفر … وقتل شعب أمن مسألة فيها نظر ؟
وشعار ” جمعة لاتخادع ” بألاضافة الى أنه أستنساخ لحالة لايناسب العراق أن يجر اليها لآن الذين يقفون ورائها ملئوا أرض الشام أثما مفرداته القتل والذبح وألاغتصاب والتدمير
وهذه مفردات تنتصر للموت والعار , ولا تنتصر للحياة ولا للجميل من الشعار ؟
وعندما نتحدث عن الشام يبدو للبعض من المحدودين والمتخمين بالجهل والطائفية أن ينسبوا لنا جهلا أنتصارنا لرئيس النظام السوري تارة وتارة أخرى ينسبوا لنا وبنفس المستوى من الجهل تزكيتنا للحكومة العراقية ورئيسها , ونحن من كتبنا ونكتب دائما ومنذ سنوات 2003 والى اليوم عن أخطاء العملية السياسية وأطرافها من أحزاب وكتل وأفراد حتى قال أحد كبير رجالات ألاحتلال ألامريكي : ” أخطر رجل نحسب له للمليون هو صاحب هذه السطور , بينما كان الكثير من المحرضين والمشتركين في تظاهرات اليوم لاسيما في المنطقة الغربية يقفون على أبواب ألاحتلال ويقدمون لهم فروض الطاعة , وحتى الذين قدموا سيف ذي الفقار هدية لرامسفيلد والذين كانوا يتفنون في ولائم الفسنجون وهم من المحسوبين على الوسط والجنوب أي على الشيعة  والذين أصبحت لهم مكاتبا وفضائيات وأحزابا ساهمت في صناعة الفساد في العراق ؟
ومن هنا أصبح بعض  الذين ينتمون للسنة وبعض  الذين ينتمون للشيعة سواء كانوا داخل الحكومة أو خارجها كلهم شاركوا في صناعة أخطاء الحكم والحكومة ومؤسساتها .
ولكن هناك فرق بين خطأ وخطأ , وهذا الفرق نابع من طبيعة الخطأ وأثاره , فليس من ألانصاف أعتبار بعض الميليشيات الشيعة التي أرتكبت أخطاء مرفوضة يمكن مقارنتها بأخطاء وخطورة تنظيم القاعدة الوهابي التكفيري الذي أصبحت له حاضنة في المنطقة الغربية مدعون أخواننا من أهل السنة ليس للتنصل منها وأنما العمل على تنظيف المنطقة الغربية العزيزة على قلوب العراقيين منها وعزلهم عمليا حتى تجف منابعهم وتختفي ثقافتهم المدمرة , ولا يتم ذلك بمعزل عن العمل المشترك بين السنة والشيعة الذين تتداخل بينهم وشائج القرابة وألاخوة والحياة المشتركة ولا أقول ” العيش المشترك ” لآن الحياة تكتسب أصالة تسبق العيش المشترك ومفهوم العيش المشترك لم يثبت مصداقية في تجارب دول في المنطقة مثل لبنان ؟
والعراقيون جميعا مدعوون لآحتضان الحكومة رغم أخطائها , وعليهم جميعا شيعة وسنة وألاكراد من ضمنهم أن يعملوا على تنقية أجواء الحكومة وتخليصها من الشوائب ومساعدتها على تخطي العقبات وتتجاوز حالة ألانقسام التي تواجهها داخل الحكومة والبرلمان , لاسيما وأن الحكومة تقدمت بأتجاه المعترضين والمختلفين معها خطوة تعتبر في نظر الحكمة والعقل وفن أدارة ألازمات خطوة رغم مافيها ومايقال حولها لاسيما من ألاسماء التي شاركت في تكوين الفريق الحكومي الذي أنتدب لملاقاة المتظاهرين وألاستماع الى طلباتهم وأستلامها , وهذا أجراء مقبول في مثل هذا الموقف وهذه الحالة
أما الرفض المطلق لفريق الحكومة وأجراءاتها والآصرار على تسقيط الحكومة وألغاء الدستور وأسقاط العملية السياسية وألغاء المادة ” 4 أرهاب ” والمساءلة والعدالة فهذه قضية بحجم الوطن والشعب وليست من مسؤولية محافظة أو بضعة محافظات تتظاهر فيها مجموعة لاتمثل كل أهالي المحافظة أو تلك المحافظات فضلا عن بقية محافظات العراق وهي ألاكثر نسبة سكانية بفارق كبير دون غض النظر عن المطالب المحقة حتى وأن كانت محصورة بعدد محدود ولا أقول ” أقلية ” لآنني فكريا لا أتبنى فكرة ” ألاقلية ” لآنه مفهوم خاطئ وجوديا وأنسانيا ؟
وأكرر على المختلفين في أطار المتظاهرين أن يأخذوا بعين ألاعتبار مايدور في المنطقة والعراق معني بمايدور في المنطقة من قبل المخططين وهم أصحاب عقلية توراتية تخلى عنها الشعب ألامريكي في أنتخاباته ألاخيرة من خلال خسارة ” مت رومني ” ممثل تيار المرمون صاحب العقلية التوراتية الممثلة بالكنيسة الصهيونية المتطرفة , على الرغم من بقاء القيادة ألامريكية التي تؤمن بالعقل التوراتي وتلك مسألة لها حسابات فكرية وسياسية تحتاج عقود بل مئات السنين لتغييرها ؟
أن تنظيم المطالبات وحصرها في أطار وحدة العراق بهيدا عن التسقيط والتشهير هو الحل ألامثل لاسيما وأننا في العراق على الرغم من تلكأ العملية السياسية ألا أننا أصبح لنا بابا أنتخابيا يمكننا من خلاله تغيير مانريد من الوجوه وألاسماء التي ثبت فشلها وعدم جدارتها وهذا المدخل يكاد يكون من أفضل الطرق والوسائل للتغيير , دون أن نزج أنفسنا في متاهات أصبحت لها مأسي من حولنا , ولاينبغي للعاقل أن لايتعظ مما يدور ويجري من حوله ؟
ثم أن الذين يقولون هم ضد الحكومة وليسوا ضد الشيعة تكذبهم شعاراتهم ألاولى في بداية التظاهر مثلما تكذبهم مواقف وتصريحات من ينتسبون للتظاهر , وفي مثل هذه الحالة ينطبق عليهم ماذهبوا اليه من عدم تصديق وعود الحكومة , فأنهم وبنفس الدرجة يمكن أن يرتد عليهم ما أتهموا به غيرهم , فهم كذلك سيكونوا متهمين بعدم صحة مقالتهم التي ستصبح دعوى لامصداق لها ؟
وحتى نتجنب كل هذا السجال والتناحر , لابد لنا من أن نأخذ بعين ألاعتبار حاجة بلدنا الى الوحدة والحرص على مصالحه التي تصب في أطار مصلحة الشعب الواحد ومنها مسألة النمو ألاقتصادي الواعد بالخير لكل العراقيين , وكل التفاصيل ألاخرى يمكن ألاتفاق عليها عندما تتوفر النوايا الحسنة والثقة ببعضنا وهي أغلى رأسمال الشعوب ؟
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات