18 ديسمبر، 2024 9:42 م

العراق نقطة الأتزان التي ستعود للمنطقة

العراق نقطة الأتزان التي ستعود للمنطقة

العراق بموقعهِ الذي يتوسط منطقة الشرق الاوسط يشكل نقطة اتزان لجميع الدول المحيطه به وياثر بشكل بالغ في ميزان قوى المنطقة بأسرها ويعتبر صمام الامان لمنطقة الشرق الاوسط ، و حالة عدم الاستقرار ا لتي يمر بها العراق منذ احتلاله ياثر سلباً على جميع موازين القوى الاقتصادية و السياسية و العسكرية العالمية وليس فقط الدول المجاورة لهُ  .
وهذا ما افرزته النتائج المترتبة على عملية  احتلال العراق والتي غفل عنها جميع من يجهل العمق الاستراتيجي للعراق في المنطقة ، فمنذ عام 2003 م و منطقة الشرق الاوسط تمر بازمات سياسية و اقتصادية وحروب مستمرة  ، وبدأ الصراع يظهر جلياً بين الدول المحيطة بهِ وأصبحت مسالة أثبات وجود و بقاء بالنسبة لجميع الدول من حوله و معركة لابد من تحقيق النصر فيها لضمان بقاء الانظمة السياسية المحيطة بالعراق ، فخسارة هذه المعركة تعني و بشكل لا يقبل الشك تفكك انظمة سياسية على حساب انظمة اخرى .
وهذا ما ادركته جميع دول الخليج التي ساهمت بشكل فاعل في عملية احتلال العراق و تدمير جيشه الذي كان صمام الامان لوجودهم دون ان يدركوا ذلك الامر ، وهذا ما دفعهم للاعتراف بخطأهم ووصف احتلال العراق بالغزو الخاطئ في جميع مؤتمرات مجلس التعاون الخليجي ، وبدأوا يبحثون عن السبل التي تعيد العراق كنقطة اتزان في المنطقة ، بعد ان بدأ التهديد الفعلي لبقائهم يتجلى بشكل حقيقي وواضح امامهم .
هنا بدأت دول الخليج توحد جهودها من اجل العمل على اقناع الولايات المتحدة الاميركية بأحداث تغيير فعلي و جذري في المنظومة السياسية العراقية بعد الاحتلال والتي لم تخدم سوى مصالح دولة واحدة في المنطقة ، والعمل على اعادة العراق الى محيطه العربي بعد ان فرطوا به ، حيث لم تنفعهم سياسة المقاطعة التي انتهجوها تجاه العراق في السنوات السابقة ، فبدأ الدور الخليجي بالعودة الى الساحة العراقية و بقوة و محاولة لعب دور اكبر مع حليفهم الغربي من اجل تقويض السياسة الايرانية في العراق .
وفي الآونة الاخيرة  توافقت جميع وجهات  النظر السياسية للولايات المتحدة و حلفائها في الخليج و باقي دول المنطقة التي ترى في المد الايراني خطراً عليها بشان مستقبل العراق واعادته الى دولة تمتلك قوة عسكرية تكون عامل اساسي في استقرار المنطقة في السنوات المقبلة و الحد من سياسات طهران التوسعية و التي باتت واضحة من خلال الدور الذي تلعبه في العراق و سوريا و لبنان واليمن .
وهذا ما سنشهده في الاشهر القريبة المقبلة التي ستتحول فيها ايدلوجية التوجه السياسي في العراق الى منحى آخر غير الذي ساد في السنوات التي اعقبت الاحتلال . سيكون هناك تقارب عراقي عربي في المستقبل القريب ، و سيتحول العراق الى حليف للولايات المتحدة على غرار دول الخليج التي تمتلك علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة والعالم الغربي وسيكون له دور قوي وفعال في المنطقة خلال السنوات القادمة بعد اعادة بناء قواته العسكرية و الامنية  على اسس ومعايير تختلف عن التي سادت في السنوات السابقة .
على العراقيين اليوم اختيار الحصان الرابح في هذه المعركة التي تدور على ارضهم  ، من اجل استعادة عافية البلد و بناء ما دمرته الاحداث التي مرت عليه ، وان ينفتحوا على جميع الدول التي تخدم مصالح العراق اولاً و ان لا يلتفتوا الى الدول التي تبحث عن مصالحها فقط ، فهذه هي لعبة السياسة التي لا يوجد فيها عدو دائم او صديق دائم .
نأمل ان يكون في العراق في قابل الايام توجه سياسي وطني يحرص على سلامة العراق وامنه و استقراره اولاً من ثم النظر في مصالح الاخرين التي تبنى على اساس تبادل المنفعة فيما يخدم مصلحة البلدين وليس مصلحة طرف واحد فقط .