العراق سوف يقوم بذاته القديمة حينما يقرر سكان المحافظات الوسطى والجنوبية تاسيس نظام دولة مستقلة لهم تضم الاراضي العراقية الممتدة من بغداد حتى جنوب البصرة . ستكون دولة مستقلة غنية واسعة ومفتوحة الافق على دول الجوار وهي العراق العربي البابلي السومري القوي الذي يعتبر الابن الشرعي لكل الحضارات التي سادت ومن ثم بادت على اراضي حضارة وادي الرافدين او ما تسمى بالميزابوتاميا. هذه الدولة وليدة اعظم حضارة في التاريخ , ستسير على نهج مؤسسسيها الاوائل في اعتمادها على القانون والدستور والليبرالية, سوف تستخدم ثرواتها النفطية والسياحية لدعم نخبتها المهاجرة المنفية وتغريهم على عودتهم الى ارض الميعاد الميزابوتاميا.
هذه الدولة وهذا الشعب القوي الغني المتجانس سوف يستفيد من ثرواته النفطية التي ضاعت في العقود الاربعة الماضية على الحروب والحماقات السياسية والقومية. الحديث عن اقامة دولة الوسط والجنوب لا يعني تقسيم العراق , بل تعني انفصال المناطق الغربية والشمالية عن العراق, وعودة سياسيوا المناطق الغربية الى مناطقهم وكذلك عودة السياسيون الاكراد للمشاركة والعمل مع حكومة السيد مسعود البارزاني في دولتهم كردستان الجنوبية.
لقد تسبب السياسيون الاكراد وسياسيوا المناطق الغربية في تاخير العراق وتضييع عشر سنوات من عمر الميزابوتاميا وسط انشغالات انانية شخصانية لا تتعدى حدود المصالح الشخصية. بالاضافة الى الاموال المهدورة والتي صرفت ليس لصالح اية فئة او طائفة من طوائف العراق بل تسببت في ايجاد طبقة سياسية مستفيدة من كل تلك التناقضات.
دولة العراق الجديدة سوف لن تكون كيان سياسي بل دولة حقيقية بشعب كبير واراض واسعة وثروات لا تنضب و كوادر فكرية وفلسفية ونخبوية تعاد بها صناعة الدولة من جديد وستكون ايران بحاجة اليها وليس العكس, لانها في اقل تقدير هي دولة تضم العتبات المقدسة والمرجعية الشيعية في العالم الاسلامي . اوراق الدولة الجديدة وريثة الميزابوتاميا ستقودها النخبة الموجودة والتي ستعود من الشتات, ستحكمها بنظم ودستور ليبرالي ديمقراطي حر يحترم كل الانتماءات الدينية والطائفية والفكرية والسياسية , وتؤسس منظمات المجتمع المدني باموال النفط التي تحافظ على حقوق الانسان والحيوان والبيئة والتي ستستخدم اموال النفط واموال العتبات المقدسة لدعم مؤسسات تنفيذية امنية تحاسب المخالف في قوانين البيئة وحقوق الحيوان والانسان والسلامة العامة وامن الدولة وتقدمهم لمحاكم قضائية قوية مستقلة لا يتهمها احد بالتسييس او الطائفية.
اقامة الدولة العراقية الجديدة بعد ان نطلب من الاخوة في المناطق الغربية والشمالية اقامة كياناتهم الخاصة بدون التسبب بتعريض امن مواطنيهم للخطر ودفعهم الى مواجهة الجيش والشرطة العراقية سنطمئنهم انها ستنسحب من محافظاتهم بعد ان تتحاور الاطراف على مناطق الحدود واقامة استفتاءات في المناطق المحايدة وتخيير اهلها بين الانضمام الى دولة العراق الجديد خليفة الميزابوتاميا او الانضمام الى كياناتهم الجديدة بدون اي تاثير او اجبار لاحد.
اما المتاحف والاثار العراقية فلاقلق عليها, لدى دولة العراق الجديد كوادر اختصاصية سوف تحافظ عليها لانها ارث الميزابوتاميا حضارة الاباء والاجداد. والجدير ذكره ان سكان بغداد ومناطق الوسط والجنوب العراقي كانت تشكل الماكنة الاكبر لصناعة الشعراء والعلماء والكتاب والفنانين والنحاتين والرسامين والرياضيين الذين رفعوا اسم العراق في المحافل الدولية.
الجدير ذكره هنا ان هذه الافكار في القريب لم نفكر بها لان نية سكان العراق الميزابوتامي كانت طيبة, تحاول بناء وطن يتسامح مع صناع المقابر الجماعية والابادة الكيمياوية ويضمد الجراح ويطبطب على ابناء واهالي الشهداء. لكن بعد مظاهرات المناطق الغربية التي استغلها اصحاب الطموح بعودة الحكم اليهم واعلنوا عدائهم لسكان الوسط والجنوب ولدت هذه الافكار لدينا , ولا اعتقد ان احدأ منا مستعد للتنازال عنها بعد مرور عشر سنوات على التخريب المتعمد لمشروع الدولة العراقية الموحدة , مرة من قبل القادة الاكراد ومرة من قبل قادة المناطق الغربية. وبالمناسبة هناك حقيقة يجب ذكرها ان سياسيوا الرمادي وشيوخ العشائر لايمثلون سنة العراق وهناك تغييب لدور سنة بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية. كما في الجنوب العراقي هناك مدن يشكل السنة غالبيتهم العظمى مثل مدينة الزبير ابو الخصيب وام قصر في محافظة البصرة وهناك مدن اخرى في الناصرية والسماوة والحلة والكوت وغيرها. لكن القضية الان في ملف قادة المناطق الغربية التي تريد ان تركب الموجة . وبما ان الموجة الان المدعومة اقليمياً وخليجياً هي موجة السنة والشيعة , وهي موجة جاهزة وسط التجاذب الدولي بين ايران والغرب وموجة الربيع السلفي , كل ذلك جرء سكان الرمادي على اخوانهم واقاربهم الشيعة واطلقوا تصريحات ومطالبات اثارت شجون الماضي.
لنكون اكثر صراحة وبعيداً عن قضية السنة والشيعة لقد حكم سكان المناطق الغربية العراق لمدة 40 سنة ماذا قدموا للشعب العراقي من الشمال الى الجنوب؟؟ هل هناك غير الحروب والانقلابات العسكرية وعسكرة المجتمع واضطهاد الناس والاعدامات الجماعية والتجاوز على دول الجوار؟ تقول الاحصاءات الكثيرة وهي منشورة على موقع اليوتوب كافلام وثائقية ان العراق منذ الستينات الى عام 2003 ضيع فرص واموال النفط لو استغلت بالشكل الصحيح لاصبح العراق بمستوى الدول المتقدمة.
اذا كان سكان المناطق الغربية حكموا العراق لاربعة عقود كما اسلفنا ولم يورثوا غير المأساة والخراب فلماذا تستنكرون علينا تجربة الحكم الديموقراطية التي منحنا اياها الامريكان , والا لو بقيت عليكم لكان صدام الان يعد العدة لتسليم قصي مقاليد الحكم. والحق يقال ان الاكراد والشيعة رفضوا حكمكم ودفعوا ثمن ذلك المقابر الجماعية و ضحايا السلاح الكيمياوي لابنائهم , هل تعتقدون انهم يرضون بكم بملابس زيتوني جديدة في البصرة او السليمانية ؟
هنيئاً لسكان العراق الجديد الميزابوتاميا دولته الليبرالية الجديدة التي تفتح افاقها لكل عراقي ينتمي الى هذا الارث العظيم بغض النظر عن خلفيته العرقية , شرطها الوحيد ان يرفض التدوين في هوية الاحوال المدنية دينه او قوميته او طائفته. نحن بانتظار هذا المشروع العظيم قريباً طالما الاخوة عسكروا على الخط السريع في الرمادي.