منذ الأول من تشرين الأول 2019، ونحن نستقبل يوم من بداية العام الجديد2020 ، ودخول الانتفاضة الشعبية العملاقة شهرها الرابع، وحين ينتفض جماهير هذا الشعب العراقي العظيم بكل أطيافه بكفاحه السلمي بدءاً من بغداد العاصمة مروراً بكل المحافظات خرجت إلى الشوارع رافضة الاحتلالين الأمريكي الإيراني ورافضة حكم المحاصصة الطائفية المذهبية والإثنية العميلة التي تحتكر تمثيله، المتسلطة بالدكتاتورية الفاشية والطغيان والإجرام والإرهاب والنهب والفساد غير المسبوق في تاريخ العراق، فإنه يشكل تهديداً كبيراً وجدياً لمصالح ومستقبل هذه الطغمة السياسية الإجرامية الفاشية الحاكمة في بغداد. هل يريد شلة الجواسيس واللصوص وسياسيين الصدفة الذين جاؤوا على ظهر دبابات الجيوش الأمريكية أن يتحلى العراقيون بالحكمة ليلتزموا الصمت المطبق وينحنوا لمنظومة 9 نيسان 2003 العميلة وسارقي قوتهم؟ تلك الدكتاتورية التي تحكم العراق بالحديد والنار، وما الشعارات الديمقراطية التي تبجحت بها منذ عام 2003 سوى بهرجة وظفتها لاخفاء الوجه الحقيقي لهوية السلطة التي تعيد إنتاج سلوكيات النازية والنظام أقلوي الأسيد بدمشق والنظام الملالي والفاشية الدينية الحاكمة في إيران في القتل والقمع والترهيب. والأخطر من ذلك كله، أن يبقى المواطن العراقي يتجرع مرارة الفقر والبؤس والبطالة التي وصلت حد لا يمكن القفز عليه والتستر على حقيقته، نسبته أكثر من 50 % أنعدام الخدمات .. فلا مستشفيات ولا مدارس ولا جامعات تليق بمستوى حضارة هذا الوطن العظيم، كهرباء تنقطع معظم اليوم ولا تأتي إلا ساعات معدودة، ومياه ملوثة وأمراض منتشرة يقف أمامها المواطن الفقير ولا يكاد يسد رمق الحياة في وطن غني بالذهب الأسود والخيرات، كان في وقت من الأوقات من أغنى الدول العربية وكيف مسخت مؤسسات التعليم والفكر والاقتصاد والصحة والقانون والزراعة والصناعة والتجارة والثقافة إلى خرائب تعبث بها غربان الجهل والأمية والطائفية المقيتة، وكيف جعلوا من بلاد الرافدين ممراً سهلاً لعبور المخدرات والخمور والدعارة، لم تجلب لهم الحكومات 9 نيسان 2003 العميلة المتعاقبة سوى القتل والدمار والتشريد، والهندسة الجغرافية والتمييز الديني، والتشويه المبرمج لمعنى الإسلام، ونهب مدخرات البلد،عبر بضاعة «الديمقراطية» المغشوشة التي يتغنون بها العملاء والخونة من كل حزب وصنف ولون طائفي والإثني، وتقدموا لتقسيم الكعكة،عبر دورات انتخاب مزورة، زعموا نزاهتها، وبنوا إمبراطوريات نهب وفساد، حملت كل أسماء الأحزاب الحاكمة والمشاركة معها، برايات دينية طائفية صريحة، وبرايات إثنية صريحة، وبرايات مدنية صريحة، وبرايات دكان زمرة شيوعيو بريمر خيانة صريحة الذين حوّلوا العراق العظيم إلى “وطن محتل وشعب تعيس”، وإلى ولاية فارسية، سرعان ما فاحت منها روائح العفن والفساد والدمار والحقد والكراهية، فحاولوا خداع العراقيين بتغيير الأسماء وإستبدال الصور والأقنعة، وإطلاق صفات مدنية على كيانات السرقة باسم الدين، فإطلاق أسماء تقوم على تحالفات بين الكتل والأحزاب نفسها، لم يؤد سوى إلى تأكيد معنى الدمار والخراب للعراق ونهب مدخرات البلد، واستنزاف خيراته، فقد تصاحب مع العصر الديمقراطي المزعوم، التي لم تجلب لأبناء شعبنا العراقي سوى الدمار والإقصاء والتهميش والتغييب والتهجير والحرمان والقتل، إما حرية الرأي والتعبير، فهي في أحسن الأحوال تجرهم خلف القضبان السجون العلنية والسرية، أو جثث تطفوا على نهر الفرات، هذا هو العصر العراقي الديمقراطي المزعوم، هو العصر الذي جاء تحت شعار (العراق الجديد)- عراق بريمر وكيل المجرم بوش الذي دمر حضارة الرافدين ونصب من جاؤوا على ظهر دبابات وتحت حماية الجيوش الأمريكية والتي وفرت لعصابات العمالة والخيانة واللصوص الحماية والرعاية وأمنت مقراتهم وحرست زعمائهم، لقد حقنوه بالسم الزعاف الذي أنتشر في كل شرايينه مما تسبب في الشلل التام على كل الأصعدة .بعد أن كشفت تلك السنين العجاف من حكم تلك العصابات العميلة الفاسدة وما سببته تلك السياسات الحمقاء من حرب أهلية كادت ان تمزق الوطن وتفتت كيانه بعد ان جلبت معها شعارات الطائفية والعرقية والتخندق المذهبي ما تزال ترى في نفسها أنها ( أحزاب سياسية) .لم تحسب الأحزاب منظومة 9 نيسان 2003 العميلة الحاكمة اليوم في العراق، أن يأتي هذا اليوم وجماهير المنتفظة تهتف بزوالها ونهاية حقبتها المظلمة بعد أن شعر العراقي بالذل وهو يغسل أقدام الزوار الإيرانيين ويتبارك بها، كان الشعار الوطني الثوري الأول الذي رفعه الجماهير المنتفضة: (إيران بره بره، وبغداد الرشيد تبقى حرة)، فكان شعاراً قومياً عربياً ووطنياً بامتياز كيف يمكن للإنسان أن يعيش حراً كريماً، لا مكان للطغاة في عالمه؟ لأنهم ثاروا على أحزاب النظام الأوليغارشي الطائفي الإثني، دمروا الوطن ونهبوه وسلبوا وقتلوا وزرعوا الفتن والطائفية والإثنية ويتفننون من خلالها بخنق حناجر الجماهير المنتفضة بالحديد والنار وبأساليب الماكرة القديمة والجديدة للفرس الصفويين في القتل والإجرام .لم يكن العراقيون يعرفون الدين الصفوي (نظرية الولي الفقيه) باعتباره نظاماً توسعياً شمولياً إرهابياً، سوى كذبة سعى من خلالها المقبور الخميني إلى فرض نفسه على الشيعة باعتباره وكيلاً عن الإمام المهدي، وبعد أن وعى الشعب العراقي أخيراً وانكشف اللثام عن خداع وتضليل وكذب عنوانه (الدفاع عن المذهب)، الذي ابتكرته أوهام نظام الملالي والفاشية الدينية الحاكمة في إيران أن ذلك العنوان كان غطاء إيرانياً ظاهرياً من أجل التعتيم على أهدافه الحقيقية في بناء إمبراطورية فارسية صفوية يحكمها ديكتاتور بلباس ديني كالمجرم الإرهابي علي الخامنئي وجلاوزته أصحاب (نظرية الولي الفقيه).بات واضحًا وجلياً للعيان، اليوم أكثر من أي وقت مضى، أننا نعيش لحظة تاريخية مأساوية، حيث أصبح النظام الولاية الفقيه في إيران يقتل الشيعة باسم الله والإسلام والمذهب، في لبنان قتل الشيعة واللبنانيين تلك الهجمات التي شنتها عصابات القمصان السود التابعة للثنائي الشيعي (ميليشيات حزب الله وحركة أمل الإرهابيتان) على ساحات الأعتصام، وقتل الشيعة في العراق تقوده الأحزاب الشيعية وميليشيات ولاية الفقيه، التي يفاخر قادتها بانتمائهم وولائهم لإيران أكبر من وطنهم العراق،هكذا تبرير الخيانة الوطنية باسم المذهب الديني. فإن الجماهير المنتفضة الثائرة تكتب ملحمتها وشموخها، ترفض لقمة الخبز المغمسة بالذل والهوان، لذلك رفع في كل ساحات وشوارع بغداد ومدن العراقية شعار (هيهات منا الذلة). وجدير بالذكر أن مفهوم الذلة في قاموس الجماهير المنتفضة يرمز إلى مفهوم وطني عربي، وليس مفهوماً مذهبياً كما غرسه نظام القرووسطائية المظلمة الحاكمة في إيران، في عقول البسطاء من العراقيين، جاعلاً من معاناته وحتى موته عنواناً لجيل جديد لا يهاب الموت ولا الخنوع من أجل بلوغ الكرامة وتحقيق بناء وطن حر يسع للجميع.
لقد أوصلت الطغمة العصابات المافيوية والإجرامية والمتوحشة الحاكمة اليوم في العراق، إلى الحضيض، فاكتشف الشعب في انتفاضته الثورية أن هذا الحضيض هو حضيض نظام الأوليغارشي الطائفي الإثني العميل الفاسد ومافيات الطوائف. فما يحتضر اليوم هو عراقهم الملوث بميكروبات الطائفية الإثنية ومافيا النهب والكذب والدجل وبضاعة الديمقراطية أمريكصهوينة، تجسد كل ذلك بانهيار معنى الوطن، وسيادة الدولة الحامية، ضاع العراق كوطن ودولة، ولم يكسب العراقيون حرية ولا ديمقراطية، بل تمزقوا شيعاً وطوائف، وكأن الديمقراطية هي ديكتاتورية الدمار والقتل والتزوير والسرقات، وكفر المواطن العراقى بالديمقراطية المزعومة، وهرب ملايين العراقيين لاجئين إلى بقاع العالم، فيما تحول العراقيون الباقون، إلى لاجئين تائهين داخل حدود وطنهم، وقالوا ببساطة «نريد وطناً»، فلا قيمة لأي كلام عن ديمقراطية في غياب الدولة الوطنية، فالديمقراطية لا تبنى على عجلات دبابات الجيوش الأمريكية، ولا تبتى بالطائفية والعرقية وحروبها الأهلية ومافيا النهب، سوى التفكيك المستمر للوطن، وتسييد قانون القرووسطائية المظلمة، وتوحش الإجرام والنهب الصريح بلا حدود، هذا هو العراق الذي فككه العصابات الطائفيون والإثنيون ليصنعوا دوليات بائسة على مقاسهم، ينهبون من خلالها ثروات الشعب، ويقتلون أبنائه في ساحات التظاهرات والأعتصام،وقد فاقت أعداد ضحايانا ما سقط في أي بلد آخر في العالم شهد الانتفاضة، مئات الشهداء وجرحت عشرات الآلاف واعتقلت وعذبت آلاف المتظاهرين. إستخدمت كل ما يتوفر لديها من قتلة وأسلحة محرمة ضد متظاهرين عزل . لجأت إلى حملة الاختطاف أولاً والذي استهدف الفتيات لمنعهن من المساهمة بأي نشاط كان، ثم القتل بواسطة كاتم الصوت وطعن بالسكاكين على طريقة ” الحشاشين ” الإسماعيلية وهي أول حركة إرهابية في التأريخ ، وتعاون عصابات المافيوية مع قوات الأمني ثانياً. ومع تدفق نهر الدم لا يبقى هناك من يُصدّق حكاية «المندسين» و«الطرف الثالث” أنها أكذوبة من صنع وعقلية النظام الأوليغارشي الطائفي الإثني القائم في العراق كي تبقى الجماهير المنتفضة تدور في دوامة من الحيرة ،يظنون بتلك الوسيلة القذرة قادرين لإفلات من المحاسبة والعقاب على جرائمهم بحق الجماهير المنتفض، وهناك أدلة حول المسؤولين خططت لإخماد الاحتجاجات الشعبية، ووجه فيها تعليمات إلى قوات الأمن والمليشيات العراقية الموالية لأحزاب التعامل مع الاحتجاجات بكل حزم.كل ذلك للحفاظ على كرسي الحكم الفاشي ولخدمة مشروع الفارسي الصفوي.
رفعت الجماهير المنتفضة في صوت الوطنية عالياً متجاوزين ثقافة نظام الأوليغارشي الطائفي الإثني، الذي عمل على طمس وقتل الروح الوطنية لدى أبناء شعبنا طيلة سبعة عشرعامًا ، ولعل ما نشهده الآن من ساحة التحرير في بغداد والمحافظات، التي تنشد وطناً شاملاً، حاضناً للجميع، وليس وطناً عبارة عن دكاكين طائفية إثنية، تذبح وتذل كرامة الشعب العراقي وبعد ذلك يبيعون ويشترون بالمناصب بأموال هي من ميزانية العراق وشعبه. أما العراق فيولد اليوم جديداً مشرقاً جميلاً، تحمله حناجر الشابات والشبان، ويتشكل في ساحات وشوارع الوطن العظيم.
كان السؤال الأكبر هو. هل العراق ملك لأبنائه أم أنه رهينة عند العصابات الحاكمة وزعماء الطوائف؟
قد أجاب الشعب العراقي حين أنتفض على ذلك السؤال فيما لا يزال النظام الأوليغارشي الطائفي الإثني القائم في العراق وعقب شعوره بالخطر، من شعارات المتظاهرين، النابذة للهويات القومية والطائفية، على حساب الروح والهوية الوطنية، تتيح للأطراف كردية- شيعية- نظام الملالي والفاشية الدينية الحاكمة في إيران التكاتف لمواجهة الخطر الذي تمثله توجهات الجماهير المنتفضة، المهددة بإسقاط النظام السياسي الطائفي العرقي القائم في العراق، إضافة إلى إلغاء الفيدرالية التي يتمتع العميل مسعود بارزاني وجلاوزته في شمال العراق المحتل ، ولعلنا لا نأتي بجديد، إذا ما ذكرنا هنا بالتاريخ الانفصالي للعصابات الكردية، في كافة حقبهم، وكذلك بعلاقاتهم الخارجية المشبوهة والمعادية للعراق، خاصة مع أمريكا وإسرائيل وإيران، وتآمرها دائماً على وحدة العراق ومحاولة تفتيت وحدته الوطنية ووحدة ترابه، وبعد الفشل الذريع الذي مُنيت به في لي ذراع الجماهير المنتفضة، شرعوا أولئك الذين أوصلوا العراقيين إلى حد الهتاف: “باسم الدين باكونا الحرامية” الحرب على الشعب العراقي عبر آلة القتل والإجرام تعاود حصد الجماهير المنتفضة بطريقة وحشيّة مغولية .
الشعب العراقي، قد دفعته للثورة على الطغمة الدكتاتورية الطائفية الإثنية المتحكمة في بغداد، تلك الطغمة التي شرعنها ودسترها المحتل الأمريكي، هذا النظام السياسي الطائفي الإثني بات يخدم فقط نظام الملالي والفاشية الدينية الحاكمة في إيران، وكان من أهم مخرجاته تكريس الإنتماء للطائفة والإثنية على حساب الإنتماء للشعب وللوطن.
منذ الاحتلال إلى اليوم سبعة عشرعاماً، لم نر النور في العراق، ظلمة تلو الظلمة، وفقر يتلو الفقر، وفساد يتلو الفساد،إنه زمن الأحزاب النظام الأوليغارشي الطائفي الإثني القائم في العراق، وسلب الإرادة، زمن الضياع والتشريد، والقتل والتهجير، ولم ير الشعب خيراً. ماهي منجزات حكومات الاحتلال منذ عام 2003 ولحد اليوم ؟، لا شيء صفر. أخذوا الحكم بتقبيل بساطيل الجيوش الأمريكية وتنفيذ أجندة الاحتلالين الأمريكي الإيراني وفق محاصصة الطائفية الإثنية، وتلقفوها بالتزوير، وكلنا نذكر كمية فضائح التزوير حيث سعر المقعد وصل إلى 300 ألف دولار، واخيراً ختموها بحرق الصناديق لإخفاء الفضيحة، التي أفرزت ولاءات لا للوحدة الوطنية بل لأصنام الطائفية والعرقية والحزبية، وحماية وتوسيع سلطتها وسيطرتها، والإثراء على حساب الشعب. فعلى سبيل المثال وكما نشره صندوق الدولي أن مديونية العراق الخارجية تبلغ أكثر من 130 مليار دولار، وهو مصنّف بين البلدان الأكثر فساداً في العالم، ويجب التذكير بأن العراق أصبح من أكثر البلدان المخترقة أمنياً ومخابراتياً، لنقول لأحزاب منظومة 9 نيسان 2003 العميلة الفاسدة والفاشلة هل تحققت هذه ديمقراطية أمريكصهوينة في العراق بعد تدمير العراق؟
اليوم قرّر العراقيون واللبنانيون بكافة أطيافهم، يطالب استرداد حُريتهم وكرامتهم وحقوقهم المهدورة والقصاص من الفاسدين واللصوص والمتاجرين بالطائفية والمذهبية والإثنية وتقودهما ميليشيات تخضع وتتبع المجرم ولي الفقيه في إيران والتي أصبحت هي المسيطرة الفعلية على القرار السياسي والأقتصادي والثقافي والعسكري في البلدين. وقد أدركت الطغمة الدكتاتورية الدينية المذهبية الفاشية الحاكمة في طهران خطورة انتفاضة الشعب الإيراني الجديدة في الوقت الذي يثور شعب العراق ضد طغيانها وطغيان أذنابها في منظومة 9 نيسان 2003 العميلة الفاسدة والفاشلة وفيما تهتزّ هيمنة أذنابها اللبنانيين في محاولتهم الحفاظ على النظام الأوليغارشي الطائفي الإثني الدكتاتوري مع سائر أرباب هذا النظام.
أمام هذا المشهد الكبير لا يمكن أن تقف الطغمة الدينية الفاشية الحاكمة في طهران مكتوفة الأيدي، وتنظر كيف أن مشروعها التوسعي يتهاوى أمامها في لبنان والعراق.
كما شهدت هذه الفترة زيارات متعددة علنية وسرية لقيادات عسكرية إيرانية، خاصة قائد قوة القدس الإرهابية الإيراني المجرم الإرهابي قاسم سليماني، وقيادات عسكرية من ميليشيا حزب الله اللبناني، من بينهم المجرم الإرهابي محمد كوثراني. كما حدثت زيارات لقيادات حزبية وميليشياويه عراقية إلى طهران واللقاء بالمرشد الأعلى للإرهاب المجرم علي في21-11-2019 .
حيث تم إيعاز بعناصر من فصائل مؤيده لطهران، في مسيرات مزيفة ومدفوعة التكاليف، كانت عبارة عن مجاميع مندسة إلى ساحات التظاهرات والاعتصام. وقد تعرض بعض الشباب المنتفضين إلى طعنات بالسكاكين غيلة وغدراً من قبل هؤلاء الإرهابيين .
ثم جاءت المرحلة الثانية في اليوم التالي تحديداً، بافتعال صدام مسلح في مرآب للسيارات، كانت الجماهير المنتفضة قد اتخذوه مقراً لهم ليس بعيداً عن ساحة التحرير.
بلا شكّ أن هذه التحركات أذنت بالشروع باتخاذ قرار مواجهة المنتفضين. كان التمهيد لبداياته حالات القتل والأختطاف والأعتقالات التي تعرض لها العديد من ناشطي التظاهرات في بغداد ومدن العراق .
بل أدركت الطغمة الدينية الفاشية الحاكمة في طهران أن لانتفاضة الشعب الإيراني في هذا الوقت بالذات خطورةً مضاعفة، لا تهدّد تسلّطها الداخلي وحسب، بل تسلّطها في العراق ولبنان أيضاً. فلجأت إلى العنف الأقصى في سحق الانتفاضة، بما فاق جولات القمع والإرهاب السابقة التي مارستها ضد شعوبها، ساعية سعياً محموماً وراء خنق الانتفاضة في مهدها.
ومما لا شكّ فيه أن التعتيم الكامل والبطش الدموي الوحشي اللذين أنزلتهما الطغمة الملالي الدينية الفاشية الإيرانية الحاكمة في طهران على شعوبها بسرعة فائقة وبدون سابق إنذار، حتى باعتراف وزير داخليتها الذي جاء تقريره ليؤكد على أهمية الثورة الشعبية، حيث شملت الانتفاضة 29 محافظة من أصل 31، أي مجمل البلاد تقريباً، وقد هاجم المتظاهرون، من بين ما هاجموه وإحراقوا نحو 1000 مصرفاً و900 محطة وقود والعديد من مكاتب القائممقامية و50 قاعدة عسكرية و183 سيارة شرطة وتسعة من المراكز والحوزات الدينية التابعة للنظام للهجوم أو الاستيلاء عليها، وأحرقوا صورة الخميني ودمروا تمثالاً له وفي هذه الأرقام دلالة بليغة على إدراك الشعوب الثائرة أنها تتصدّى لنظام دموي إستبدادي إرهابي وحشي يمارس تسلّطه متحججاً بذرائع دينية. وقد جاء القمع شرساً للغاية حسب الأرقام الواردة من داخل إيران بعد المجزرة، إذ يُقدّر عدد القتلى حوالي 1500 شخص كان من بين القتلى 17 في سن المراهقة وحوالي 400 امرأة، سقطوا في أقل من أسبوع من البطش الدموي، ويُقدّر عدد الجرحى بما يزيد عن سبعة آلاف وعدد المعتقلين أكثر من 2000 محتج في إيران تم نقلهم إلى السجون الإيرانية. وهذا ما أكدته الأمم المتحدة وما أعلنه الموفد الأميركي الخاص لشؤون إيران، براين هوك، من خلال مؤتمر صحافي بمقر الخارجية الأميركية في واشنطن 5-12-2019.
أجل، الثورة الشعبية الحالية في العراق جسدت التلاحم الوطني، وكسرت قيود الطائفية والعرقية، ورفضوا أن يبقى العراق، وهو يرتهن بإرادات أمريكية إيرانية، وهي الآن تريد دفن الولاء التام والطاعة العمياء للأحتلالين الأمريكي الإيراني للأبد والإرتقاء والتمسك بالولاء للوطن، وفي النهاية، كل من شارك في النظام الأوليغارشي الطائفي الإثني الدكتاتوري، والجماهير المنتفضة يعدون هؤلاء الآن سبباً في خراب حياة العراقيين ودمار الوطن وهم من سهلوا على إيران أن تسلطت على مقدراتهم، ونهبوا خيرات الوطن، وأذلوا شعبهم وأذاقوه مر الهوان، الجماهير المنتفضة، كفروا بالأحزاب منظومة 9 نيسان 2003 العميلة الفاسدة والفاشلة كلها، وبلا استثناء، ويعدونها ، أنها كانت سبباً في كل الذي تعرض له حياة العراقيون من خيبات الأمل، بعدما عاثت تلك الأحزاب بمقدرات بلدهم خراباً ودماراً وقتلاً، ونهبت خيراتهم وجرى تسليمها لإيران، علماً دخَلت الميزانية العِراقية 6 مليارات دولار شهرياً تذهب لايران وأذنابها والتريليون دولار المفقودة تجدونها في البنوك الإيرانية وإستخدامها في تمويل حروب إيران وحزب الله في المنطقة ودعم نظام الطاغية المجرم بشار الأسيد، إضافة إلى تهريبها وخزنها في البنوك الأجنبية . الانتفاضة الثورية تجدد نفسها كل يوم، وتأخذ بعداً طبقياً واضحاً، وتكتسب زخماً أكبر، بعد أن غيروا كثيراً من قواعد اللعبة التي كتبتها واشنطن وطهران، وكذلك اللعبة السياسية للنظام الأوليغارشي الطائفي الإثني الدكتاتوري القائم في العراق، فيبدو وكأنه مصاب بالخرس، يكرر ويكرر ولا يعي أن مخزونه التحريضي صار فاشلاً وفارغاً، وأن الجماهير المنتفضة لم تعد تعيرها أي أهتمام. لذلك رأينا كيف أنه خلال بضعة أيام من الانتفاضة الخالدة السلمية في الساحات والمحافظات، سقطت حكومة العملية السياسية المخابراتية، وتحاول بشتى الوسائل إيجاد بديل عن رئيس الوزراء، لا يصمد أكثر من ساعات حتى يأتي الرفض من ساحات الجماهير المنتفضة في عموم العراق، بعد أحتراق ورقة السوداني وكذلك ورقة “رائد جوحي” و”فائق زيدان” ثم ترشيح قصي السهيل ،علما السوداني وجوحي وزيدان والسهيل وجهان لعملة التبعية الواحدة لإيران، نلاحظ أن هذا النظام الأوليغارشي الطائفي الإثني الدكتاتوري يزيد من إنهماكه في البحث عن مرشح لرئاسة الوزراء، مازالت تراهن على خداع المتظاهرين، ويأتي صوت من ساحات المنتفضين يرن في آذان النظام الأوليغارشي الطائفي الإثني القائم في العراق، ليقول لهم انتهى زمن تدوير النفايات القديمة مجدداً، حتى تحرير العراق من طغمة النظام الأوليغارشي الطائفي الإثني الدكتاتوري، الذين باعوا الوطن للأحتلال الأمريكي الإيراني.
فالمنطق البسيط يقول إن على العملاء والخونة واللصوص والطائفيون والعرقيون التنحي تمهيداً لمثولهم أمام القضاء الوطني، كما أن مهمة الشعب العراقي ليس إنقاذ طغمة النظام الأوليغارشي الطائفي الإثني الدكتاتوري من الأنهيار.
بات واضحًا للعيان، اليوم أكثر من أي وقت مضى، أن شعبيين العراقي ولبناني قد ضاقت ذرعًا بنظام الملالي الدينية الفاشية الحاكمة في إيران ولم تعد قادرة على تحمّل سياسات الإرهاب والعنصرية والطائفية والمافيوزية واحتكار السلطة والتمييز الاجتماعي/ السياسي/ الاقتصادي / الثقافي / التي تفرضها تلك على شعوبها. فتلك الروح الثورية التي نراها تجوب العالم معلنة الرفض والرغبة الجذرية في التغيير والاعتراف (من بغداد إلى بيروت مرورًا بطهران)، وهي رسالة واضحة لدكتاتوريات الطائفية والإثنية وحتى للنظام ولاية الفقيه في طهران، داعمة للإرهاب والتطرّف الديني. بأن الثورات المهزومة في سورية ، لم تثن عزيمة الشعوب الأخرى، وأن الدرس الدموي الذي حصل في سورية، وأُريد منه تعليم الشعوب الأخرى الصمت، ذلك الدرس لم يؤت أكله، كما أرادته السلطات المسؤولة عنه، ولم ينجح في إعطاء النتائج المرجوة منه… بعد.
وهذا ما يذكِّرنا التاريخ بالأنظمة الدكتاتورية التي تمكنت من قمع حركات الشعوب ضدها، فميل التاريخ ليس خطياً، كما تصورت الأديان السماوية، أو الفلسفات التاريخية (إن كانت الهيغلية، أو مادية الماركسية)، حيث سجل التاريخ إن قادة من أمثال هتلر وستالين وبوتين والخميني والخامنئي، على سبيل المثال، صنعوا تاريخ شعوبهم وغيّروا مصيرها، عندما قتلوا الملايين منها خدمة لأيديولوجياتهم الفاشية، بينما يكتب الطاغية الدموي المقبور حافظ الأسيد، تاريخ سورية “جمهورية الخوف” ثلاثة عقود (1970-2000)،بالدم والدمار، التي حوّلها إلى حرَس عائلي وطائفي سخّره ابناه لتدمير البلاد وتصفية شعبها قتلاً وتشريداً، عملاً بمبدأ «الأسد أو نحرق البلد». بعد جريمة تدمير مدينة حماة، في الثاني من شباط من عام 1982 وقتل نحو أربعين ألف مدني بريء، بينهم عدد كبير من العائلات قضت بأكملها في إعدامات ميدانية رمياً بالرصاص،تمّ دفنهم في مقابر جماعية، وفقدان (15) ألف شخص إثر المجزرة لا يُعرف حتى هذه اللحظة أهم أمواتٌ أم أحياءٌ في سجون النظام العسكرية؟ ونزوح زهاء(100) ألف من سكانها إلى مختلف أنحاء سورية وخارجها، وفقاً لتقارير صحفية ومنظمات حقوقية. وثم يأتي وريثه في الإجرام ابنه بشار الأسيد يكتب تاريخ سورية بالدم والدمار، وأسفرت عن مقتل مئات الآلاف، بعضهم بالأسلحة الكيميائية،وتشريد ملايين آخرين هربوا إلى الدول المجاورة على غرار تركيا ولبنان والأردن وإلى دول أوروبا، لبقاء حكم آل الأسيد الفاشي المسلط على رقاب الشعب السوري. وأيضاً يكتب الطاغية الدموي العميل المزدوج عادل الجزار تاريخ العراق بالدم والدمار كما كتبه سلفه العميل المزدوج الجزار بوري العلي الهالكي بالدم والدمار وهل يتخلوا عن شعارهم : “بعد ما ننطيها”؟ وكأن العراق بات ملكاً له ولجلاوزته من العملاء والخونة المنحطين والفاسدين. ولقد بات جلياً، أن هناك معلومات لا شك فيها تؤكد أن قوات من الجيش الإيراني قد عبرت الحدود العراقية، وأنها بالإضافة إلى وحدات «الباسيج» والميليشيات المذهبية الأخرى باتت تنتشر وتتمركز في الكثير من المدن المنتفضة الوسطى والجنوبية.
من الضروري أن تكون هناك وقفة من الدول العربية لدعم ومساندة للثورة الشعبية العراقية العملاقة ودعم القوى الوطنية وعلى رأسها الحزب الشيوعي العراقي (الاتجاه الوطني الديمقراطي) المناهضة للعملية السياسية المخابراتية التي صنعتها الجيوش الأمريكية وإلا فإن «الفرس الصفويين» عائدون إلى بلادنا لا محالة، وهذا يعني أنه لا يجوز أن يترك الشعب العراقي يواجه هذا التحدي المصيري وحده، فالمثل العربي يقول: «أُكلت يوم أكل الثور الأبيض»، لقد بات واضحاً أن العراق أصبح خندق المواجهة مع إيران الـخامنئية الدينية الفاشية، وأريد هنا أن أكرر حقيقة مرة حذرنا وكتبنا عنها سابقاً ، وهي أننا في مواجهة مع مشروع التوسعي للمقبور الخميني حتى بات يتجه بتطلعاته الاحتلالية والتمددية نحو العراق، وهكذا وإلى أن حقق له أذنابه بعد نحو خمسة عشر عاماً ما بقي يحلم به ويريده في عام 2003 عندما فتح الأميركيون، بعد غزو واحتلال العراق، حدود بلاد الرافدين أمام زحف إيراني بطابع احتلالي أختلطت فيه الأحزاب والميليشيات الطائفية والمذهبية بـتدخل کل من المجرم «سفير النظام الايراني وحراس قائد قوة القدس الإرهابية » وبـ«المستوطنين» الذين كانوا وما زالوا يحلمون بإعادة بناء «إيوان كسرى» واستعادة ما يعتبرونه أمجاد فارس القديمة! وأن التمدد الإيراني في بلاد الرافدين قد تم من دون أي قتال، إنما بفعل أسلوب المكر الخبيث، هو التعاون مع الأميركيين، وبالتنسيق مع الطابور الخامس ( المعارضة العراقية) اللاوطنية آنذاك، الذين جاؤوا على ظهر دبابات الجيوش الأمريكية، وقد حقق ذلك الأميركيين عندما فتحوا حدود عراقنا العربي أمام الإيرانيين الذين كانوا بانتظار هذه اللحظة التاريخية لتسديد حسابات قديمة وجديدة مع بلاد الرافدين التي يخوض شعبنا العراقي الآن هذه المعارك الدامية غير المتكافئة دفاعاً عن الأمة العربية كلها، وكما كان حصل في حقب تاريخية سابقة.
وفي الخلاصة: يشهد تاريخ إيران على أن الشاه والملالي الخمينية والخامنئية ينتهجان نفس الأسلوب التوسعي، كان يجب أن تكون هناك وحدة موقف عربي عندما أعلنت طهران عن هلالها المذهبي، ولذلك؛ فإنه على الدول العربية جميعاً ألا يتركوا الشعب العراقي يخوض هذه المعركة المصيرية، التي هي معركة عربية ودفاع عن الأمة كلها.
وهكذا، وفي النهاية، فإن هذه هي إيران الخمينية والخامنئية الصفوية الفاشية، راعية للإرهاب ، وأَن اللغة الوحيدة التي تفهمها إيران هي إنه لا يفلُّ الحديد إلا الحديد، وإن العراق هو ساحة الحسم الرئيسية، وإنه على الدول العربية ألا يبقوا متفرجين على هذه المواجهة التي سيتوقف مصير هذه المنطقة على نتائجها القريبة والبعيدة.