6 أبريل، 2024 9:18 م
Search
Close this search box.

العراق من بيرسي كوكس الى قاسم سليماني

Facebook
Twitter
LinkedIn

بيرسي كوكس سياسي بريطاني عين في العراق مندوبا ساميا للمملكة المتحدة في عام 1921 وكان يتمتع بسلطات واسعة في ادارة وتنظيم السياسة العراقية بعد ان تم الاتفاق على تعيين الملك فيصل الاول ملكا للعراق . . اما قاسم
سليماني فهو جنرال ايراني عين قائدا لفيلق القدس هذا الفيلق جزء من الحرس الثوري الايراني وبالرغم من رتبته العسكرية الا انه كان ومازال يمارس كثير من الشؤون السياسية في العراق . اضافة الى واجباته الاخرى في سوريا ولبنان
هذه المقدمة لابد منها قبل ان احدثكم
فقد سمعت بعض السياسيين يسمون قاسم سليماني بالمندوب السامي الايراني في العراق للدلالة على تدخلاته الكثيرة في الشؤون العراقية مشبهينه بالمندوب السامي البريطاني بيرسي كوكس
وفي مقابلة مع نائب سابق في البرلمان صرح بان العراق لم يعد وطن الجميع بعد ان منح قاسم سليماني سلطات واسعة في ادارة شؤون العراق . وان السبب في مطالبة كردستان العراق بالاستقلال يعود بالدرجة الاساس الى ان القادة السياسيين في العراق يعتمدون على دول الجوار في ادارة السياسة العراقية . . وبالرغم من ان هذا القول فيه كثير من الصحة الا ان قاسم سليماني ليس وحده من يتدخل في شؤون العراق بل ان هناك نفوذا تركيا وامريكيا كذلك . رغم ان قاسم سليماني له الباع الطويل في هذا الصدد وقوله هو الفصل النهائي تقريبا في ادارة السياسة العراقية
ان هذا القول والانطباع السائد لدى بعض العراقيين هو الذي سيدفع بهم الى المطالبة بالاقاليم على وفق التقسيم الطائفي وليس على اسس ادارية اومقاربات اقتصادية ، خصوصا وان البعض ينظر الى الموضوع بمنظار التطهير الطائفي نتيجة بقاء مخيمات اللاجئين رغم تحرير اراضيهم . والمماطلة باعادتهم بدعوى مكافحة الارهاب . وهم يعتقدون بان العملية ممنهجة

ان كون قاسم سليماني يتصرف بالسياسة العراقية كمندوب سامي لايران في العراق لايبرر مطلقا التخلي عن مسؤولياتنا تجاه وطن كان ومازال بيتنا الذي ياوينا . ولو كان كذلك مابقي العراق عراق الجميع عند مغادرة برسي كوكس له واستمر اباءنا في حرصهم على الوطن رغم التدخل البريطاني المقيت في الشؤون العراقية واستمرينا كذلك على نفس النهج وسنبقى نعلم اولادنا حب العراق رغم تدخلات الاجانب في حياتنا العامة واحيانا الخاصة ايضا
ورغم ذلك فاننا نرى في هذه الفترة خطورة حقيقية على وحدة اراضي وسلامة العراق . فالحكومة الاتحادية من الضعف بمكان بحيث انها لاتستطيع ادارة اي ملف وطني دون ان ترجع الى دول الجوار وخصوصا ايران وتركيا . وهذا ماوجدناه عند اول تهديد ، حيث سعت الحكومة الى تركيا وايران للدفاع عن وحدة العراق بعد استفتاء اقليم كردستان . ان الموضوع لايتعلق بقوة الجيش فقط رغم ان وحدة عمل القوات المسلحة من ابجديات الدفاع عن الوطن . ونحن نعيش ازدواجية العمل العسكري بين مراكز قوى متعددة كميليشيات الاحزاب الحاكمة . وميليشيات ترتبط بقاسم سليماني مباشرة ، اضافة الى ميليشيات تدعي انتسابها الى جهات رسمية وهي خارجة على القانون
وهناك اعلام مخرب ايضا فبعض الفضائيات قد اضرت كثيرا بوحدة الشعور الوطني العراقي من خلال التحشيد الطائفي الذي اصبح بديلا عن الوطنية العراقية . اما على المستوى السياسي فان التحالفات الطائفية قد مزقت وحدة القرار العراقي
ان الحكومة الاتحادية ليس لها اي استقلالية في اتخاذ القرارات ولذلك نرى التجاوز عليها بصورة مستمرة من قبل دول الجوار وحتى من اطراف العملية السياسية . ومن هنا جاء اتهامها بانها تخضع لقرارات قاسم سليماني او غيره

اذا مابقي الوضع على ماهو عليه فان مسيرة الدولة اومايسمى بالعملية السياسية ستتوقف عاجلا ام آجلا وهذا ليس رأيا شخصيا وانما منطق التاريخ والوقائع التي نعيشها جميعا
كيف سيتم التفاوض مع اقليم كردستان هل من قبل التحالف الوطني ام من قبل حزب الدعوة الذي يدير الدولة منذ اكثر من اربعة عشر عاما . ومابال الاحزاب الاخرى او الطوائف الاخرى . او حتى الاديان الاخرى صاحبة العلاقة لتواجدهم في المناطق التي سميت بالمتنازع عليها . وهم اصحاب الارض الاصليين وليسوا الطارئين الجدد والقدامى . مثل هذه المشاكل السياسية هي التي ستطيح بالدولة العراقية او ماتبقى منها بحيث
لم يبق اي مجال لاصلاح العملية السياسية ، فالدولة آيلة للسقوط . وان السيد حيدر العبادي ربما سيكون غورباتشوف العراق لاسمح الله . ولتجنب ذلك فاننا بحاجة الى ابعاد كل الطبقة السياسية الحاكمة من الفاسدين والانتهازيين والخونة عن طريق حل مجلس النواب واقالة الحكومة وبسط الامن والنظام واعادة النازحين وتطبيع الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومن ثم الاعداد لانتخابات نزيهة لايشارك فيها اي عنصر من هذه العناصر الفاسدة التي حولت العراق الى ساحة للاحتراب والانتقام وتصفية الحسابات الاقليمية والمحلية . كما لايشارك فيها دعاة الاستقلال والتقسيم او دعاة الاقاليم الطائفية المقيتة
واخيرا اقول لكم . . حقا ان قاسم سليماني يعتبر اليوم المندوب السامي في العراق مثله مثل برسي كوكس . . ولكن ذلك يجب ان لايثنينا عن العمل صفا واحدا من اجل وحدة العراق وتحقيق حكومة وطنية مستقلة ، تصدر قراراتها باسم الشعب العراقي ، بعيدة عن كل الاملاءات المشبوهة

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب