لم التق عراقي يجادل آخر, ان كانت امريكا صديقة ام عدوة, ابعد ما في الموضوع , انها احتلتنا في 08 / شباط / 1963 واكملت مجزرتها فينا وانتظرت خمسة عقود حصدت فيها ثمار مشروعها, 2003 غيرت الوجوه وسلمت مصائرنا لقطاع الطرق, عندما نضج قطاف الفتنة تعامل داعش مع اعناقنا .
العراقيون : اكثر من نصفهم ايتام مجازرها لخمسة عقود , والنصف الآخر ايتام العقد الأخير من مشروعها لتحرير العراق !!!, لم يبق امامهم سوى ان يبتلعوا المر من تجاربهم الدامية مع المصالح الأمريكية ويخادعوا انفسهم , بأن امريكا اسقطت البعث , السؤال هنا فيه التوجس شديد الكثافة , ماذا تريد امريكا بعد كل الذي فعلته… ؟؟؟ .
فرحة العراقيين بسقوط النظام البعثي كانت معجونة بعدم الثقة والخوف من القادم , الرعب الذي هز كيانهم وثقتهم اشعلته وصفة مجلس الحكم الموقت , حيث تم مسخ هويتهم الوطنية , فأصبحوا شيعة وسنة وكرد , عراقيتهم رميت على قارعة المشروع, كانت عملية تمثيل بشع بجسد الوطنية العراقية, المواطن وجد نفسه في قعر هوة الفوضى, ملابسات الأحتلال واتفاقية الأطار الأستراتيجي مقلقة, وتيرة الموت اليومي المجهول المصادر مقلقة , المفاجئة في انبثاق تشكيلات المليشيات الطائفية والمجازر التي ارتكبت على اساس الهوية مقلقة , وجوه الصدفة التي تصدرت المشهد السياسي بلصوصيتها وفسادها وعلاقاتها المريبة مقلقة , الدستور والمتنازع عليها ونجومية الخيانات لمسعود البرزاني في دولة حكومتها لا تحترم نفسها مقلقة الى امد بعيد , الأجتياح الداعشي في 10 / 06 / 2014 وما رافقه من انهيارات وخيانات مقلقة, صفقة تشكيل الحكومة وبرنامجها الوزاري وارتفاع رصيد عناصر فاشلة فاسدة الى قمة الثقة الأمريكية , كانت الأكثر قلقاً وريبة .
المواطن العراقي استلم الرسالة وتابع مسرح المؤامرة ومسلسل الخيانات المحلية والعملقة المفاجئة لأوكار الدواعش البعثية المتمترسة في المناطق الغربية واربيل ثم التمدد على حساب الأنهيارات العسكرية لقوات مدربة امريكياً مفتقرة الى اسلحة مدفوعة الثمن , ماطلت امريكا في تسليمها على امتداد اكثر من عشرة اعوام , ثم مفاجئة تشكيل حكومة من خارج نتائج الًلعبة الديمقراطية , والتواطؤ حول سيطرة البيشمركة على كركوك ثم ابار النفط واتساع وتيرة التهريب ( من دون علم امريكا !!! طبعاً ) والبيع لأسرائيل صدفة , التحالف الدولي , المسرحية التي اشتركت فيها دول متهمة بأنتاج وتصدير الأرهاب واخرى راعية له وغياب دول صديقة للعراق كروسيا والصين, امر مقلق للغاية , الشك وانعدام الثقة اخذا طريقهما الى وعي العراقيين , اقتنعوا : ان المواجهة غير المتكافئة هي حصراً مع المشروع الأمريكي .
العراقيون يواكحون داخل حدود مأزقهم, محاصرون حد الأختناق, لا يميزون بين القبضات التي تضغط اعناقهم, من هم الأعداء ومن هم الأصدقاء ان وجدوا, يبحثون عن ثوبهم الوطني ليستروا عورات الطائفية العرقية, حراك الدواعش يتسع ويتفجر في وجوههم مواجهات دموية, تحاصرهم في العملية السياسية من داخل المنطقة الخضراء, اغلبية في مجلس الرئاسة, والمادة (4) ارهاب اكتسبت اكثريتها المطلقة من داخل السلطتين التشريعية والتنفيذية, في التحالف الشيعي وكذلك السني هناك من يترصدهم ويخذلهم, الأقليم الكردي اصبح جسراً لمرور الموت العراقي .
العراقيون, نازحون مهجرون نازفون دماء وارواح واعراض, امريكا التي ثبتت قواعدها السياسية في ضمائر اغلب السياسيين, فتحت قنصليات اعلامها في ضمائر البعض من المثقفيين, انها الفاجعة تكتمل ملامحها, والخجل يترك جفافه ويرحل, يبقى مسرح (الگباحة) جاهز لأدوار قطاع الطرق, لتفتح جروحاً اضافية في المعاناة العراقية, هكذا عندما تموت الضمائر وتتفسخ الأرواح, لا نحسد مقابر الأحياء على توابيت مسكونة بالعفن الأخلاقي .
العراقيون واقفون على ارض مسكونة بالتحدي, كم سحقتها اقدام وانسحقت عليها, وكم امتلكوها وهماً, فأنتهوا فضلات في حفرة, انها الأرض المؤثثة بالحضارات على امتداد الاف السنين, لا تثبت عليها اقدام زناة الردة والأنحطاط , انه الصمت العراقي ينشد مشروعه الوطني بعيداً عن قوافل العابرين على جسور الأنتهازية والأرتزاق, انه القادم حتماً, مغتسلاً من آخر القذارات, عراق جديد مزهو بالحياة ونضارة المستقبل .
الأمريكان قراصنة التاريخ, تبحر جرائمهم في دماء الشعوب, في كل ارض مروا, تركوا فيها ثأر منهم, حضارتهم القوة المدمرة وثقافتهم الخذلان ولعدوان والكراهية, والعراق وطن بسبعة ارواح, جذوره في ذاته بعمق الاف السنين, عمقه الحضاري عطر انساني في متاحف الدنيا, القوة الفاتكة ستترك اوحال جرائما في غروب جزرها, الحضارات الأنسانية سلمية الرسالة شرقية الأشعاع, وحدها المنتصرة في ذاتها والعائدة منها, العراق الذي كان, سيأتي شرقياً كما كان, وان لم يكن العراق منتصراً في ذاتنا, لما كنا شديدي الأيمان بمستقبلنا .