يوم بدأت الحرب في السادس من اكتوبر, كانت حرارة الصيف في العراق لا تزال مرتفعة , وفي اليوم الثاني وصلت القوات العراقية الى سوريا قاطعةً اكثر من 1000 كم على
سُرف الدبابات والناقلات المجنزرة ” لعدم توفر العدد الكافي من ناقلات الدبابات ” وكانت القوات العراقية بملابسها العسكرية الصيفية , لكنّ الجو في الشام كان شديد البرودة , فتمّ
تجهيزها بالملابس الشتوية من وزارة الدفاع السورية < وقلنا لهم كثّر الله خيركم > . ما أن انتهت الحرب وعادت القوات الى ثكناتها في العراق , وصلت فاتورة من القيادة السورية
تطالب الحكومة العراقية بدفع مبلغ 50 مليون دولار ثمناً للتجهيزات او الملابس العسكرية الشتوية التي زوّدوا بها الوحدات العسكرية العراقية عند وصولها .! , من غير المعروف
كيف جرى احتساب هذا المبلغ والذي يكفي ويزيد لتجهيز جيش شرق اوسطي كامل .! , لعلّ أقل كلمةٍ تقال بهذا الشأن الشائن , أنّ ذلك ثمن الشهداء العراقيين والدماء التي نزفت
في ارض الشام من ضباط وطيارين وجنود , وكان العراق طوال فترة الحرب يزوّد الحكومة السورية بالنفط والمساعدات الإقتصادية والذخائر , فضلاً عن دبابات ومدرعات التعويض
.!
في حديثٍ منفصلٍ – متّصل , فعند هجوم القوات العراقية الأول على الأسرائيليين استطاعت أسر عدد من دبابات الجيش الأسرائيلي , وثمّ تمّ تحميلها على ظهر الناقلات لنقلها
الى العراق , لكنّ الضباط السوريين ” وفي منتصف الطريق ” اعترضوا ورفضوا إخراجها من الأراضي السورية < والتعليق على ذلك متروكٌ للقراء >.
في يوم 23 \ 10 من اكتوبر كانت كافة الفرق والألوية العراقية في الجبهة السورية بصدد القيام بهجوم كاسح للتوّ من شأنه ان يغيّر من مجريات ونتائج المعركة , لكنّ القيادة
السورية طالبت بتأجيل الهجوم ليومٍ واحد , لكنه في اليوم التالي اعلنت سوريا موافقتها على قرار وقف اطلاق النار .! , وتغيّرَ ميزان القوى .
على صعيد الجبهة المصرية , فبالرغم من أنّ الفريق ” الراحل ” سعد الدين الشاذلي كان معتبراً كمهندس الحرب او بطل العبور ” ولم يكن لوحده في ذلك ” , وهو يحظى بشعبية
وجماهيرية عالية على مستوى الوطن العربي , لكنه وكرئيس اركان الجيش المصري آنذاك , فيتحمّل المسؤولية عن عدم التحصين الكامل لما يسمى بثغرة الدفرسوار التي عبروا
منها الأسرائيليون بقيادة الجنرال شارون الى الضفة الغربية لقناة السويس , وحاصروا كلياً الجش المصري الثالث الذي عبر القناة , كما أنّ مقترحه الذي رفعه الى وزير الدفاع
بسحب 6 ألوية من الجيش الثالث ” شرق القناة ” قد واجه رفضاً قاطعاً من الرئيس السادات , ولم تجر مناقشة المقترح في اجتماع قادة صنوف القوات المصرية , واعتبره الجنرال
عبد الغني الجمسي ” قائد العمليات ” بأنّه غير صائب , اذ اية مستجدات في الموقف الدولي قد تحول دون ذلك او حتى اعادة تلك الألوية الى مواقعها الأولى .
إذ من المعروف أنّ كلا مصر وسوريا قد خطّطا لشنّ الحرب ومتطلباتها حتى تحرير كامل سيناء وهضبة الجولان , لكنّه لم يعد سرّاً أنّ القيادة المصرية قد خططت للتقدم داخل
سيناء ” او شرق القناة ” لعمق ولمسافة 15 كم فقط , حيث بمقدورها تحصين تلك المنطقة بشبكة صواريخ ارض – جو مكثفة تحول دون وصول الطيران الأسرائيلي اليها , لكنّ
مصر أخفت ذلك على سوريا .!
النقطة الأخرى التي ذاع صيتها وانكشفت متأخرا بعد الحرب , أنّ السادات بعث ببرقية الى كيسنجر يعلمه فيها أنّ الجيش المصري سيوقف تقدّمه الى هذه المسافه .! ممّا يؤمّن
لإسرائيل خطر التقدم المصري نحو قواتها في سيناء , حيث تُعتبر هذه النقطة مع ثغرة الدفرسوار هما اللتان غيّرتا مجريات ونتائج الحرب …
في كلا سوريا والعراق وبعض الأقطار العربية تُسمّى تلك الحرب بحرب تشرين , وتسمى في مصر بحرب رمضان او حرب اكتوبر , ويسموّها الإسرائيليون بحرب ” يوم الغفران
” وهو عيد ديني لديهم ويطلق عليه باللغة العبرية ” كيبور ” .
من المفارقات الأخرى أنّ ذلك الصراع المسلّح مع الأسرائليين وفي تلك المدة المحددة بأقلّ من ثلاثة اسابيع او 18 يوماً تحديداً تُسمّى بحرب , لكنّه في احدى معارك الحرب
العراقية – الإيرانية التي جرت في عام 1987 والتي استمرّت لِ 42 يوماً وجرى تسميتها آنذاك بمعركة ” الحصاد الأكبر , فكانت تسميتها في الإعلام بمعركة وليس بحرب !
وشتّانَ بين عديد القوات المشتبكة وكثافة النيران وعمق المسافة , بين هذه وتلك .!