26 مايو، 2024 7:11 م
Search
Close this search box.

العراق…محنـة حـزب في ظـل تسلـط قيـادته وتفـكـك قاعــدته

Facebook
Twitter
LinkedIn

المتتبع لمسيرة حزب طرح نفسه في العقد السادس من القرن الماضي على إنه يحمل المبادىء الإسلامية الحقه وإنه إنشأ لهدف واحد فقط هو إعادة الشباب المسلم إلى الطريق الصحيح بعدما أعتقد الحزب إن المجتمع تجرفه التيارات الثقافية المختلفه من قومية إلى ماركسية لينينية إلى ماوية وغيرها من الأفكار التي كانت تتسيد الساحة السياسية وقتها….وبدأت مسيرة الحزب بالتطور شيئا فشيئا حتى أصبح من أشد المحارضين للنظام السابق وقد قدم هذا الحزب العديد من رجاله وكان أبرزهم مؤسس هذا الحزب الذي رفض وقتها كل العروض التي قدمت له لترك العراق وفضل أن يكون شهيدا على أرض العراق وبين شعب العراق على أن يكون لاجئا متنقلا بين بقاع العالم المختلفه حيث ضرب بذلك مثلا رائعا في حب الوطن والدفاع عنه…
هذا الحزب متمثل في مؤسسه لم يطرح نفسه في يوم من الأيام كحزب سياسي يهدف إلى إستلام حكم في الدوله العراقية ولم يدعي يوما من الأيام بإنه يخطط لإستلام الحكم في العراق…حيث أقتصر عمله في البداية على عقد ندوات إسبوعية يتم من خلالها كسب الشباب وتثقيفهم بالثقافة الإسلامية وحثهم على أداء الفرائض الإسلامية ثم تحول إلى مقاوم لنظام الحكم السابق بعد ما ناصب ذلك النظام لما يتمتع به من غباء سياسي العداء لهذا الحزب الذي لم يخطر بباله أن ينتهج المقاومه المسلحة ضد النظام, وجاءت هذه المقاومة المسلحة كردت فعل لقيام النظام بإعتقال وسجن وإغتيال بعض رموز ذلك الحزب ولم تكن إستراتيجية ممنهجه له… 
الذي لم يفعله النظام السابق تجاه هذا الحزب ومحاولة إحتواءه,  فعله من تسلل إلى الحزب وبدأ بالتسلق على حسابه حتى وجد نفسه في قمة الهرم محاط بطبقة من الإنتهازيين والوصوليين بعد سقوط النظام السابق, فأول إستراتيجيه إنتهجها هو تحوله إلى حزب سياسي طامع للوصول إلى السلطه تحت أي مسوغات كانت ولا يهمها أدبيات الحزب ولا يعنيها مؤسس الحزب وشهيدها إلا في إحتفاليات سنوية توظف لخدمة هذه الفئات المتسلقه وقد ظهر ذلك واضحا حينما تنازع على منصب الأمين العام للحزب حيث أدى ذلك إلى إنشقاق الحزب إلى حزبين سياسيين كل منهم يدعي الوصل بليلى…وشيئا فشيئا بدأت الهوة تعمق بين الجيل القديم وبين القياده الجديده للحزب وبدأ من يتحكم في الحزب على إمتداد ساحة عمله هم فئة المرتزقه التي جاءت بعد السقوط وقد بسطوا سيطرتهم على هيكلية الحزب حتى لم يعد يسمع صوتا لمناضلي الحزب الحقيقيون وأصبح واضحا إننا أمام حزبا أخر لا علاقه له لا من قريب أو بعيد بمؤسس الحزب الشهيد…
حزبا لا يهمه إلا السلطه وسبل الوصول لها,
 حزب سياسي ينتهج كلما تحمل السياسه من حيل وأساليب وقذارة طالما هذا النهج سوف يوصلها إلى السلطه…
حزب مستعد أن يتحالف مع الشيطان طالما الشيطان يمثل له صوتا رابحا في الإنتخابات…
وقد ظهرت تحالفات هذا الحزب في إنتخابات مجالس المحافظات السابقه ومرشحي هذا الحزب الذين لا علاقه لهم لا من بعيد أو قريب بالحزب ولكن أعتقد الحزب بإن هؤلاء سوف يحصدوا من خلالهم أصواتا أكثر…ولكن لآن هؤلاء المتصدرين للمشهد السياسي للحزب يتمتعون بدرجه عالية من الغباء وتحركهم مصالحهم الشخصية فقط وهمهم الوحيد تحقيق مكاسب سياسية توفر لهم أرضية خصبه لسرقة وطن لذلك فلم يتحسسوا الغليان في قاعدة الحزب ولم يسمعوا الإنتقادات المتتالية على سلوكيات القياده الشاذه للحزب…وقصر النظر هذه جعلهم يتعرضون إلى هزيمه كبيرة في إنتخابات مجالس المحافظات الماضية…ولكن بدلا من أن يتم قراءة هذه الخسارة قراءة صحيحة جزء كبير منها يعود إلى تفكك قاعدة الحزب الشعبية وإنسحاب أغلب الرموز الوطنية القدامى من الحزب إحتجاجا على ميكافيلية النهج والسلوك وعدم إعترافها بالهيكلية القيادية في الحزب ونأي الرموز الوطنية في الحزب عن ممارسات قيادته وإنزواء هذه الرموز بعد ما تأكد لهم إنهم أمام فكر أخر مما جعل قاعدة هذا الحزب تتفكك وتنهار بسرعة حيث نجد اليوم إن هذا الحزب العتيد يعاني من فقدان قاعده له في الشارع العراقي لذلك راح ممثلوا قيادة الحزب في المحافظات تبحث عن بدائل للرموز الوطنية التي طلقت الحزب بالثلاث فلم تجد أمامها إلا فلول النظام السابق من البعثيين والإنتهازيين الذين يبحثون لهم عن موطأ قدم في الأحزاب التي تتسيد الساحة العراقية فلم يجد هؤلاء البعثيين خيرا من هذا الحزب لكي يتسللوا إليه لإبعاد نفسهم عن الشبهة من جهة والمساءلة من جهة أخرى وكان لهم ما ارادوا حيث تحول الحزب العتيد إلى حزب للمرتزقه والسارقين والجهلة ولذلك نجد أية مؤسسه يتقلدها هؤلاء المدعين الوصل باليلى سوف يكون مصيرها الخراب والفساد وسرقة المال العام وتتفشى فيها المحسوبية والمنسوبية وسوء الإدارة وخلال أقل من سنه تجد المتشدقين بهذا الحزب قد إمتلأت بطونهم بالسحت الحرام…واليوم ونحن نقترب من الإنتخابات القادمه سوف يلاحظ الجميع خارطة تحالفات هذا الحزب ومرشحي هذا الحزب والتي لا تتعدى تحالفات تصب في التركيز على كيفية الحصول على صوت المواطن وبأي طريق سواء كان هذا الطريق يمثل قمة التطرف أو يمثل نهجا ميكافيليا مهما بلغت درجة قذارته…
المهم أن يصل هذا الحزب إلى قمة هرم السلطه…لذلك فإن كل التصريحات والمقابلات المتلفزه لقادة هذا الحزب الجدد تكون متخمه بالأكاذيب والحجج والتبريرات الغير مقنعة لتبرير تردي الوضع العام للبلد على جميع الأصعده.
وللأسف نقول إن الحزب الذي نشأ لغاية سامية وهي إصلاح المجتمع العراقي بات اليوم وبعدما يزيد عن نصف قرن بأمس الحاجه لمن يصلحه وينتشله من المستنقع الذي وقع فبه ويعيد لملمة قاعدته الوطنية التي نأت بنفسها عنه وعن ممارسات قيادته الشاذه ولكن أعتقد إن الوقت متأخر جدا والزمن لا يعيد نفسه وإننا نشهد إنهيار حزب كان يوما عند البعض يمثل أملا للعراق ولكن اليوم يشهد الجميع إنه يمثل دمارا لهذا الوطن الذي ذاق الآمريين منه وهو بكل المقاييس ليس إلا الوجه الأخر للحزب الذي حكم العراق قبل 2003. 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب