18 ديسمبر، 2024 8:58 م

العراق مثلث برمودا

العراق مثلث برمودا

كثرت الروايات والأقاويل, عن مثلث برمودا, ذلك المكان الأسطوري, في المحيط الأطلسي, الذي تختفي فيه السفن والطائرات, في ظروف غامضة, وعلى الرغم من كثرة النظريات, المتعلقة بهذا المكان, لم يثبت الى الآن, معرفة الأسباب التي تؤدي الى تلك الحوادث, فيما يذهب البعض, الى نفي اي عوامل غير طبيعية, سببت تلك الحوادث .

ماحصل في مثلث برمودا, يكاد يكون مشابها, لما يحصل في العراق, حيث اختفت ” موازناته الانفجارية ” بطرفة عين, دون معرفة أين ذهبت هذه الأموال وكيف صرفت؟, ومن الذي تسبب بضياعها ؟, وماهو حجم الفساد فيها؟, وهل ما تحقق على ارض الواقع, من مشاريع عمرانية, وتطور في البنى التحتية ومستوى الخدمات, هو موازي لحجم المبالغ التي صرفت ؟, وحتى هذه الأموال, أختلف الجميع في تقديرها, فهناك من يقول, أنها وصلت الى 1000 مليار دولار, وهناك من يدعي أنها لاتتجاوز 600 مليار دولار, ناهيك عن الاختلاف, في أبواب صرفها .

وعلى ذلك كثرت الفرضيات, التي تتحدث عن هذه الأموال, التي غاب مصيرها, بسبب عدم تقديم الحسابات الختامية لأغلبها, وكثرت الاتهامات يمينا وشمالا, فأصبح الجميع يتهم الجميع بالفساد, دون أن نرى فاسدا, قدم للمحاكمة بالجرم المشهود, وصارت حيتان الفساد, تبتلع ثروات الوطن, وتتحكم في قوت الشعب, وهي صاحبة القدح المعلا, في إدارة البلد والتحكم في مقاليد الأمور, بل استخدمت تلك الأموال, في التأثير في الإعلام وعواطف الجماهير, لتتهم الصلحاء ومن لم تتوسخ أيدهم بثروة الوطن, فاختلط الحابل بالنابل, وصار الجميع ” كلهم حرامية “.

فلم نجد نظرية واحدة, حلت لنا طلاسم, اختفاء أموال العراق وأين ذهبت, ووقفت لجان النزاهة البرلمانية, وهيئة النزاهة الحكومية, ودوائر المفتشين العامين, وديوان الرقابة المالية, ومجلس القضاء الأعلى, عاجزة عن كشف ملفات الفساد, والتصريح بأسماء الفاسدين, وكشفهم أمام الرأي العام, فضلا عن إحالتهم الى المحاكم المختصة, ليظهر من هو الجاني ومن البريء, بسبب أن منظومة الفساد, تتحكم في كل مفاصل القرار, التي من يمكن خلالها محاسبة الفاسدين, الذين يدعي بعضهم الإصلاح, بل ويرفعه شعارا له .

ومثلما إختفت أموال العراق, بسبب الفساد وسوء الإدارة, كذلك اختفى الإرهاب, في برمودا العراق, والذي كان احد أسبابه الفساد المستشري, على أيدي رجال نجباء, هبوا للدفاع عن وطنهم وأرضهم, وسطروا أروع البطولات, وأذهلوا العالم بحجم التضحيات التي قدموها, في صولتهم المباركة من المرجعية العليا, في النجف الأشرف, حري أن تكون هناك صولة مشابهة, على حيتان الفساد ورؤوسه, والقضاء على منظومة الفساد, التي لا زالت تعيث فسادا وإفسادا, في عمل لا يختلف, عما فعله الإرهاب, في تدمير ثروات العراق, وقتل شعبه .

أن الصولة القادمة, يجب أن تكون موجهة للفاسدين ومنظومتهم السياسية, حتى يحل الغموض في مثلت برمودا, وإيجاد الأسباب التي أهدرت ثروة الأجيال, والمشتركين بسرقتها والمتسببين بضياعها, الذين لن يرحمهم التاريخ, مهما كان حجم التغطية الإعلامية, وكثرة المدافعين عنهم .