23 ديسمبر، 2024 7:25 م

العراق ما بين المواطنة والطائفية

العراق ما بين المواطنة والطائفية

تلقيت إتصالات من المحبين والأصدقاء تعاتبني بأن المتتبع لطروحاتي وكتاباتي يلمس بين ثناياها دعوات للتقسيم ونزعة عرقٍ من طائفية وأستميح الجميع عذراً بأن أقدم لائحة دفاعي خاصة ً وأن من يعاتبنا يرى فينا بيضة الميزان لإعتباراتٍ عدة منها النسب الموسوي الحسيني العلوي الشريف والعمق والإمتداد العشائري وصلة الرحم والمصاهرة و…. لذا نقول إننا على طرفي نقيض مما ذ ُكر ونبرئ إلى الله من دعوات التقسيم والطائفية فإن كان المقابل لا يُبصر من جبل الجليد الإّ قمته فسنُبصُره بخفايا الأمور ، مُذكّرين أن الإنتماء إلى المذهب والدين والطائفة حق والإعتزاز بهذا الإنتماء والدفاع عنه حقٌ مشروع فأنا مسلمٌ أعتزُ بهويتي وغيري يعتز بهويته ودينه وهذا من دواعي التنافس لمن يقدم أكبر الخدمات ويتفانى في خدمة الوطن والمواطنة ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذا المعترك ما الطائفية ؟
المعضلة أن هذا المصطلح رغم شيوعه في الأوساط الثقافية والسياسية إلا أنه لم يّعرف تعريفاً قانونياً ثقافياً علمياً دقيقاً ، وإذا أردنا أن نُحدد معالم الطائفية أو السلوك الطائفي فالأمر يتجلى في إشاعة ثقافة الكراهية وإشعار الآخر أن وجوده طارئ وأنه ينتمي إلى أقلية ، وإستهداف المقابل بمحاولة فصل الرأس عن الجسد من خلال استهداف الرموز الدينية والقبلية العشائرية والعلمية والسياسية ، ومعاقبة الآخر على أحداث تأريخية إفتراضية ضاربة في عمق التأريخ تسفك بسببها اليوم الدماء وتُزهق الأرواح والمُهج وتُغتال الحريات وتُنتهك فيها الحُرمات وتُستباح المُحرمات وتُهدر فيها الكرامة الإنسانية ، هذه هي الطائفية بعينها .
فكان الأولى أن يتنافس الجميع في خدمة الوطن والمواطنة والتفاني في تقديم الخدمات والإرتقاء بأهل العراق إلى مصاف الدول المتحضرة فإن كان الله تبارك وتعالى يأمرنا ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالتي هي أحسن ) فمن باب أولى كيف يكون التعامل مع من يشترك معنا في الدين .
وأما ما طرحته بصدد اللجوء إلى الفدرالية هو لقطع الطريق أمام من يُريد رسم خارطة جديدة للعراق والعالم العربي مبنية على أساس طائفي كما هو الحال والدأب الحثيث لإقامة دولة علوية تمتد على طول الساحل السوري وصولا ً إلى شمال وشرق لبنان وربطها بالمناطق الخاضعة لنفوذ وسلطة حزب الله في لبنان وعمق هذه الدولة المنطقة الشرقية من السعودية بعد ضم النخيب إلى محافظة كربلاء ليلتحق بها الفرات الأوسط وجنوب العراق إمتداداً حتى إيران ؟؟؟
الأمر الذي يتأتى عنه إعادة إحتلال العراق ؟؟؟
 إذن فنحن مقبلون على تلاشي وطن كان اسمه العراق ؟؟؟
وسنكون أمام خيارين إما الحرب التي يعقبها التقسيم الطائفي (المُشار إليه آنفاً) أو ضمان وحدة العراق على حدوده الإدارية الحالية وحقن الدماء باللجوء إلى خيار الفدرالية والإقاليم … ونختم بالآية الكريمة (فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصيرٌ بالعباد …)