بعد سقوط نظام البعث الفاشي، في عام 2003 عادة الى العراق الاحزاب السياسية، المعارضة للنظام الحاكم والتي كانت في الخارج، وهي معروفة لدى اغلب الشعب العراقي، ومعروف مكان وتاريخ وظروف تأسيسها، فمنها احزاب اسلامية وأخرى علمانية ولبرالية، شيعية وسنية، عادة لممارسة العملية السياسية الجديدة، شاركت معها احزاب جديدة تأسست بعد الإحتلال مباشرةً.
بعض دول الجوار وغيرها حاولت إيجاد مساحة واسعة، لتأسيس بعض الأحزاب والحركات، تكون تابع لها لتعمل تحت امرتها، منها سياسية واخرى اطلق على انفسها حركات المقاومة، بحجة مقاومة المحتل؟ فبدأت تظهر للساحة العراقية خلال عام 2006 ومابعده، لكن بعضها معروف القيادة والتوجه، والبعض الآخر لا يزال مجهولة القيادة الى اليوم! أُستخدمت تلك الحركات لتنفيذ بعض مصالح الدول التي اشرفت على تأسيسها ودعمها، في داخل وخارج العراق.
بعد احتلال “داعش” الإرهابي للمحافظات الغربية، وإعلان “المرجعية الدينية” العليا في “النجف” الاشرف فتوى (الجهاد الكفائي)، لبى اغلب الشعب العراقي تلك الفتوى المقدسة لمواجهة الإرهاب الداعشي، وإنقسموا تقريباً ثلاث اقسام، قسم أصبح من ضمن الفصائل التي تأسست مع فتوى الجهاد، تأتمر بإمرة “المرجعية الدينية”، وقسم انخرطت مع عدد من الأحزاب السياسية الموجودة في العملية السياسية، عندما شكلت تلك الاحزاب فصائل للجهاد، والقسم الآخر انخرط مع تلك الأحزاب والحركات الجديدة، التي اشرنا لها وبعضها تشكل عند صدور الفتوى، كلها إدعت تلبية نداء “المرجعية الدينية” للدفاع عن العراق لطرد “داعش” الإرهابي، وإنها تأتمر بأمرها لكن بعضها على العكس! ما إن بدأ الإرهاب ينحسر حتى بدأت اصواتهم تخرج للعلن بعدما كانت بالخفاء، إنهم لا يأتمرون بأمر (مرجعية النجف)!، ولكي لا نجحف تضحياتهم، فهم يشكرون على ما قدموه من تضحيات في سبيل الدفاع عن العراق.
لكن السؤال الأهم: ماهو موقفهم بعد تحرير العراق من الإرهاب؟ هل سينظمون تحت جناح الدولة والقانون؟ ام يرفضون هذا الأمر؟ اذا امرت “المرجعية الدينية” فصائل الحشد الشعبي بالإنخراط مع القوات الأمنية، ماهو موقف تلك الحركات والاحزاب؟.
الاحزاب السياسية سوف تعمل على حل فصائلها أو ضمها لهيئة الحشد الشعبي، لأنها تتعارض مع الدولة التي يقودونها، الفصائل التي تأسست تحت لواء المرجعية فكما اطاعت المرجعية عند فتوى الجهاد، اكيد ستلبي دعوى المرجعية بعد الخلاص من داعش، اما القسم الأخير فقد رفضوا الانضمام الى هيئة الحشد الشعبي.
مع العلم اصبحنا نسمع هذه الايام، بعض التصريحات من قبل تلك الحركات، اتجاه الحركات والاحزاب الاخرى، بيد إن أغلبهم او جميعهم سجل في مفوضية الانتخابات، اي إنهم يسعون للمشاركة في الانتخابات القادمة! كيف يشاركون في الانتخابات ولا تزال فصائلهم المسلحة في الشارع!. ما هو الغرض من بقائهم؟ هل سيكونون مصدر تهديد لمن يعارض مشاريعهم من الاحزاب الأخرى، ام ينتظرون عدواً جديد يأتي للعراق؟.
هناك خوف وترقب للشارع العراقي مابعد “داعش”، وهو يحتاج الى إجابات لهذه الأسئلة. مع وجود خشية من حدوث بعض المشاكل، او تكون هناك صراعات في ما بين تلك الحركات، ونحن نشاهد في بعض الاحيان من حدوث بعض الاحتقانات المتبادلة فيما بينهم،وهذا يجعل هناك ريبة من تلك الفصائل المسلحة، لأن قوتها اصبحت تساوي قوة الدولة، لما تمتلكه من اسلحة وآليات عسكرية واعداد بشرية، كما إن بقائها بعيدةً عن الدولة بتشكيلاتها الحالية، هذا يعني إنهم يحتاجون الى رواتب لمنتسبيهم، وبدلات إيجار وصرفيات لإدارة شؤونهم، فمن أين سيحصلون على تلك الأموال؟ كيف سيتعاملون مع الدولة؟ ماهي الطريقة التي ستتعامل بها الدولة معهم؟ أم كل ما يطرحه الشارع لا اساس له؟ ماهو القادم المجهول؟.