سنة تنتهي وأخرى تبدأ، سنين عجاف عاشها العراقيون، مطلع كل عام يرسلون أمانيهم إلى السماء، متمنين أن يعود الأمن لبلدهم، بعد أن أخذت منهم الأيام مأخذها، حيث صارت الأحزان قاسمهم المشترك في كل مكان، لم تكن هذه السنين إلا أياماً مظلمة، فرحها قصير وحزنها طويل، ما إن يخرجوا من محنة حتى يدخلوا بأخرى أمرّ منها، فقد توالى عليهم الانتهازيون والفاسدون، والإرهابيون. ومن ظواهر لطف الله تبارك وتعالى في عباده انه يرسل إليهم هداة مهديين يبعثهم برحمته لعباده لكي ينقذوهم من حالة مرضيّة تصيبهم فتفسد عليهم حياتهم ، فتكون معهم الحلول حسب مرحلتهم ونوع الإصابة التي تعرضوا لها.
ومن سوء حظ الأمم أنها لا تستوعب تلك القيادات من قبل الشعوب، ومن تلك الحالات أزمة شعب مصر بعد ان استعبدهم الفراعنة من خلال كهنة المعابد والظرف الاقتصادي الحرج الذي كان سلاح ذو حدّين لإعادة الأمة الى رشدها وفضح تلك القيادة انها ليست اهلًا للقيادة ولاتملك أي مقومات لمواجهة الظروف الصعبة، فكان النبي يوسف عليه السلام والخطة الاقتصادية التي وضعها لمواجهة تلك المحنة .
بعد هذه المقدمة فإنّ القراءة الموضوعية للظروف العصيبة التي تعرض لها العراق منذ اليوم الأول للاحتلال تكشف ضعف وجهل من تسلم القيادة لمواجهة تلك الظروف الخطيرة؛ بل انها اوردتها المهالك، والامرّ من ذلك ان هذه القيادة التي تسلمت زمام أمور الناس كانت مواقفها تدور في فلك الظالمين المفسدين الذين لا نظير لهم في التاريخ، الا ان ثمة صوتًا صدح ضد كل المخططات الهادفة الى تدمير العراق، وهو سماحة المرجع الديني السيد الصرخي الحسني الذي رفض الظروف التي أجريت بها الانتخابات ورفض الاحتلال ورفض دستور بريمر ورفض فتوى الاقتتال الطائفي ، وهو عندما رفض كل هذه المخططات فإنه قد وضع الحلول لمشاكل وأزمات العراق ، فطرح مشاريع عدة لإنقاذ العراق ، منها مشروع المصالحة والمسامحة، وآخرها مشروع خلاص ، وإليكم بعض فقراته:((1ـ قبل كل شيء يجب أن تتبنّى الجمعية العامة للأمم المتحدة رسمياً شؤون العراق وأن تكون المقترحات والقرارات المشار اليها ملزمة التنفيذ والتطبيق .2ـ إقامة مخيّمات عاجلة للنازحين قرب محافظاتهم وتكون تحت حماية الأمم المتحدة بعيدةً عن خطر الميليشيات وقوى التكفير الأخرى.3 ـ حلّ الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة خلاص مؤقتة تدير شؤون البلاد الى أن تصل بالبلاد الى التحرير التام وبرّ الأمان .4ـ يشترط أن لا تضم الحكومة أيّاً من المتسلطين السابقين من أعضاء تنفيذييّن أو برلمانييّن فإنّهم إن كانوا منتفعين فاسدين فلا يصحّ تكليفهم وتسليم مصير العباد والبلاد بأيديهم وإن كانوا جهّالاً قاصرين فنشكرهم على جهودهم ومساعيهم ولا يصحّ تكليفهم لجهلهم وقصورهم ، هذا لسدّ كل أبواب الحسد والصراع والنزاع والتدخّلات الخارجية والحرب والاقتتال .
5- يشترط في جميع أعضاء حكومة الخلاص المهنية المطلقة بعيداً عن الولاءات الخارجية ، وخالية من التحزّب والطائفية ، وغير مرتبطة ولا متعاونة ولا متعاطفة مع قوى تكفير وميليشيات وإرهاب .
6- لا يشترط أي عنوان طائفي أو قومي في أي عضو من أعضاء الحكومة من رئيسها الى وزرائها .
7- ما ذكرناه قبل قليل يشمل وزيرَيْ الداخلية والدفاع ويجب تشكيل منظومة عسكرية جديدة تمتاز بالمهنية والوطنية والولاء للعراق وشعب العراق ولا يوجد أي تحفّظ على المنتسبين لها سواء كانوا من ضباط نظام سابق أو نظام لاحق ماداموا مهنيين وطنيين شرفاء.8- في حال قبول ما ذكرناه أعلاه فأنا على استعداد لبذل أقصى الجهود لإنجاح المشروع من خلال حث الأبناء والأخوة الأعزّاء من رجال دين وعشائر وشيوخ كرام وعسكريين وخبراء وأكاديميين ومثقفين وكل العراقيين الباحثين عن الخلاص ، نحثّهم للالتحاق بالمشروع واحتضانه وتقديم كل ما يمكن لإنجاحه .
9- لإنجاح المشروع لابدّ من الاستعانة بدول وخاصة من دول المنطقة والجوار ولقطع تجاذبات وتقاطعات محتملة فنقترح أن تكون الاستفادة والاستعانة من دول كالأردن ومصر والجزائر ونحوها .
10- إصدار قرار صريح وواضح وشديد اللهجة يطالب إيران بالخروج نهائيا من اللّعبة في العراق حيث أنّ إيران المحتل والمتدخّل الأكبر والأشرس والأقسى والأجرم والأفحش والأقبح .
11- في حال رفضت إيران الانصياع للقرار فيجب على الأمم المتحدة والدول الداعمة لمشروع الخلاص أن تُجنِّب العراقيين الصراع فتؤمِّن مناطق آمنة محميّة دولياً يعيش فيها العراقيون تحت حماية ورعاية الأمم المتحدة ، ونترك جبهة قتال مفتوحة ومباشرة بين إيران والدولة الإسلامية (داعش) يتناطحان ويتقاتلان فيها ولتكن (مثلاً) محافظة ديالى وليستنزف أحدهما الآخر وننتظر نتائج القتال وفي حينها سيكون لنا قرار وفعل مع من يبقى منهما ، فنحن غير مستعدّين أن نجازف بحياة أبنائنا وأعزائنا بحثّهم على دخول حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل بل كل الخسارة والهلاك علينا فلا نرضى أن نكون حطباً لنيران صراعات قوى محتلّة غاصبة طامعة في خطف العراق واستعباد شعب العراق .
ولو أن العراقيين قد اتبعوا القائد الحقيقي المصلح لحال العراق من خلال مشروع خلاص لما آل العراق إلى ما هو عليه الآن ؛ حيث بين سماحته أهم النقاط لتخليص الشعب العراقي والمنطقة برمتها ممن استولى على مقدرات العراق واستنزف كل الخيرات, فلابد من يوسف عصره لاسترجاع الحقوق الى أهلها.