انهى السيد الصدر الاعتصام والتظاهرات والتي كان من نتيجتها اي الاعتصام والتظاهرات؛ الصدام المسلح بين المعتصمين وخصومهم؛ بكلمة له تم بثها الى المعتصمين والمتظاهرين والى الشعب العراقي، بإنهاء التظاهرات والاعتصام معا ومن ثم اضاف في الكلمة ذاتها؛ ان هذه لم تكن ثورة ويقصد هنا ثورة عشوراء، لأنها خرجت عن سلمتيها كما خرجت ثورة تشرين فان كلاهما لم تعدان ثورة بسبب جنوحهما الى العنف؛ لذا ادين هذه الثورة كما قد ادنت في السابق ثورة تشرين. في النهاية امهل انصاره ساعة واحدة لفض الاعتصام وكل اشكل التظاهر، وهذا هو ما حدث. ان الذي قاد الى هذه التظاهرات ومن ثم لاحقا الاعتصام امام بوابة البرلمان؛ هو ترشيح الاطار التنسيقي الى رئاسة الوزراء السيد محمد شياع السوداني، من كتلة دولة القانون مما قاد الى غضب التيار الصدري؛ فكان ما كان من تظاهرات واعتصام وعنف. التيار الصدري الذي فاز بأغلبية مقاعد البرلمان والتي تبلغ 73مقعدا مما اهله، مع الاحزاب الكردية واحزاب شمال وغرب العراق التي تحالفت معه. التيار الصدري كما صرح زعيمه، واغلب قادته؛ من انه يريد بناء دولة من اهم متبنياتها للفترة المقبلة هو الاصلاح، وانهاء المحاصصة. لكن الذي حدث هو وقوف الاطار التنسيقي بالضد من هذا التوجه، طالب باشتراك كل الكتل والاحزاب بالحكومة المقبلة، لكن التيار رفض ذلك وبإصرار على الرغم من جميع الحوارات التي جرت من اجل تلين موقف الصدر، لكنه اصر على تنفيذ ما وعد به؛ في تشكيل حكومة اغلبية، لكنه لاحقا؛ لم يتمكن في تنفيذ ما وعد به. المشكلة التي واجهت التيار والاحزاب المتحالفة معه؛ هو انها لم تتمكن من ان تحشد عدد من اعضاء البرلمان، بما يشكل ثلثي اعضاء البرلمان؛ الذي اوصت به المحكمة الاتحادية وكما قالت في تبرير هذا؛ ان الدستور العراقي ينص على ان لا تعقد جلسة البرلمان للانتخاب رئيس الجمهورية الا بحضور ثلثي اعضاء البرلمان، ومن ثم بالنتيجة موافقة ثلثي اعضاء البرلمان؛ مما ادى الى ان يفشل التيار الصدري والمتحالفين معه في عقد جلسة البرلمان للانتخاب رئيس الجمهورية ورئيس السلطة التنفيذية. ان هذا الاخفاق دفع بالسيد الصدر ان يمهل خصومه فترات متتابعة كي يقوموا بتشكيل السلطة التنفيذية بعد انتخاب رئيسا للجمهورية. تاليا؛ الامر والادهى بل الخطأ الذي وقع فيه السيد مقتدى الصدر؛ هو دعوة اعضاء البرلمان من الكتلة الصدرية الى تقديم استقالة جماعية من عضوية البرلمان؛ ان هذا التصرف الخطأ، قاد او افضى الى ان يكون لخصومهم من الاطار الكتلة الاكبر في البرلمان؛ لأن مقاعد الكتلة الصدرية تحولت الى الاطار التنسيقي، الذي رحب في حينها بقرار الصدر هذا. ان حصول الاطار التنسيقي على الكتلة الاكبر دفعهم الى السعي لتشكيل الحكومة، بترشيح السيد السوداني من دولة القانون. هذا الترشيح هو الذي قاد الى ما قاد اليه من تظاهرات واعتصام وتاليا الى العنف. ان هذا العنف اشتد الى درجة كانت تقود الى ما لا تحمد عقباه، لو استمر واتسعت دائرته. رافق هذا العنف دعوات من جميع الاحزاب والكتل السياسية الى التهدئة والذهاب الى الحوار لحل المشاكل، إنما اي من هذه الدعوات لم تسفر عن ايقاف دائرة العنف؛ الا كلمة السيد الصدر الذي انهى بها التظاهرات والاعتصام والعنف معا. لكن اذا ما نظرنا الى المشهد السياسي في العراق من جميع الجوانب، اي من جميع جوانب التأثير والمؤثرات على هذا المشهد المرتبك والمعقد بطريقة متفردة ولا يوجد مثيلا لها في اي مكان اخر غير العراق في اركان المعمورة؛ ان التأثير بمؤثرات فاعلة لا يأتي كليا من داخل المشهد السياسي في العراق، بل انه يأتي جزئيا، لكنه مؤثرا وحاسما وفعالا، من الخارج، سواء كان هذا الخارج اقليميا او دوليا، مع ان المؤثر الدولي في هذا الحالة لم يكن له وجود بالمطلق، بل ان فعل ما فعل هو المؤثر الاقليمي.. السيد كاظم الحائري الذي يتخذ من قم مقرا له، منذ سنوات عديدة؛ في بيان منه مفاجىء، اعلن عن تنحيه عن الاجتهاد او ما هو يشبه هذا، وتحَول الى تقليد السيد خامنئي في مبادرة منه لم يسبقه اليها من قبله احدا من المجتهدين. كما انه وفي البيان ذاته، قال فيه؛ ان السيد الصدر غير مؤهل، كونه لم يحصل بعد على درجة الاجتهاد. السيد الصدر رد سريعا على بيان الحائري؛ ان بيان الحائري ليس، أو لم يكن بمحض إرادته وهي اشارة واضحة الى الضغط من مرجعية طهران وليس من مراجع قم، اي من السيد خامنئي. في ذات الرد اي رد السيد الصدر؛ قال ان المرجعية الاكبر هي في النجف، وهي اشارة واضحة الى انه يتبع مرجعية السيد السيستاني. لم يمض على هذا الرد اي رد السيد الصدر سوى القليل جدا من الوقت ليعلن احد قياديي التيار؛ ان الصدر اعلن الاضراب عن الطعام الى ان ينتهي العنف؛ لاحقا في ظهيرة اليوم التالي؛ اعلن السيد الصدر بيانه الذي بيناه في اعلى هذه السطور المتواضعة. السفارة الامريكية في بغداد وعند تصاعد العنف دعت الى الحوار وكذلك الخارجية الامريكية، لاحقا بعد توقف العنف والاعتصام والتظاهر، دعت السفارة الامريكية في بغداد، وشاركتها خارجيتها في واشنطن؛ الاحزاب والقوى السياسية في العراق الى الاسراع بتشكيل الحكومة.. رئيس الجمهورية برهم صالح وفي كلمة له؛ دعا الى انتخابات مبكرة والى تعديل الدستور.. الاطار التنسيقي دعا البرلمان الى معاودة عمله الاعتيادي، لانتخاب رئيسا للجمهورية والحكومة. إنما تاليا بعد يوم وفي مقال لوزير الصدر، او الناطق الاعلامي باسمه، السيد صالح محمد العراقي، قال في هذا المقال، او ملخص ما قاله في هذا المقال الذي كان على غير العادة مقالا شديد اللهجة، سواء ضد الاطار التنسيقي او ضد ايران، واهم ما جاء فيه: – لم يعلن الاطار او لم تعلن الحكومة الحداد الذي دعا له التيار..- الاطار تعامل مع الضحايا وكأنهم ليسوا بعراقيين..-ان ما ينتظر الاطار اسوء بكثير مما سبق، لكن بعيدا عن العنف..- دعا في هذا المقال؛ ايران على كبح جماح بعيرها في العراق على حد وصف السيد صالح محمد العراقي، الناطق باسم السيد الصدر، أو وزير القائد كما يوصف في الاعلام. في وقت سابق اي قبل يوم وفي كلمة متلفزة للسيد رئيس الحكومة العراقية؛ هدد بخلو المنصب في الوقت المناسب اذا لم يتفق الفرقاء العراقيين على خارطة عمل للخروج من هذا المأزق. بصرف النظر عن ما جرى في العراق في السنوات العشرين، او القريبة من العشرين، وعن دور القوى والاحزاب والكتل السياسية في هذا الذي جرى في العقدين المنصرمين، هذه القوى السياسية لها ما لها وعليها ما عليها، نسأل؛ هل هناك طريق في اجندة هذه القوى السياسية، للخروج من هذا المأزق؟ كما طالب السيد الكاظمي بهذا الطريق.. الاسئلة المهمة هنا ماهي الطريقة الصحيحة للخروج من هذا المأزق؟ هذا السؤال مطروح على القوى السياسية في العراق؟ وهل هناك في جعبتها خارطة طريق للخروج من الازمة المستفحلة منذ ما يقارب السنة؟ وهل تتفق هذه القوى السياسية بكتلها وائتلافاتها على مسار واحد متفق عليه لإنقاذ العراق؟ وهل المحكمة الاتحادية ستوصي بحل البرلمان في السابع من سبتمبر الجاري، اي غدا، اعتقد بانها ستحيل الامر برمته الى البرلمان. من السابق لأوانه التنبؤ بالذي سيحدث في المقبل من الايام وحتى الاسابيع، وربما اكثر من الاسابيع، في ظل هذه الاجواء الملبدة بغيوم الشك والريبة وانعدام الثقة بين القوى الفاعلة في المشهد السياسي العراقي. السفارة الامريكية في بغداد لاحقا بعد ان تمت التهدئة؛ دعت الاحزاب والقوى السياسية العراقية الى الاسراع بتشكيل الحكومة لتوفير الخدمات للشعب العراقي كما قالت في بيانها مؤخرا. لاحقا بعد ايام ألتقت نائبة الخارجية الامريكية في بغداد مع السيد رئيس السلطة التنفيذية، والسيد رئيس الجمهورية؛ اكدت لهما، على دعم الحكومة العراقية، وان امريكا ملتزمة بالمحافظة على امن العراق واستقراره، ونظامه السياسي، طبقا للاتفاق الاستراتيجي، أو لاتفاقية الاطار الاستراتيجي بين امريكا والعراق. تاليا بعد ايام، قالت نائبة الخارجية الامريكية لشؤون الشرق الادنى؛ ان الرئيس الامريكي بايدن مهتم بالسعي الامريكي لانتزاع العراق سيادته وامنه واستقراره، وهي اشارة مضمرة، إنما هي واضحة؛ الى ايران. في تزامن مع زيارة نائبة الخارجية الامريكية لشؤون الشرق الادنى؛ قدم السيد رئيس مجلس النواب، مجموعة من النقاط، أو من الامور التي يجب مناقشتها، من اهمها هو انتخاب رئيس الجمهورية، وانتخاب حكومة كاملة الصلاحية، تقوم بالتهيئة لانتخابات مكبرة نيابية، وايضا انتخابات مجالس المحافظات في مدة لا تتجاوز نهاية عام 2023. سريعا رد الاطار على هذه النقاط واصفا ايها بالمجحفة وانها تريد ان تسلب من المكون الشيعي استحقاقها في تشكيل الحكومة المقبلة. في الاثنين الخامس من سبتمبر الجاري، اجتمعت الكتل والاحزاب السياسية باستثناء التيار الصدري، مع الرؤساء الثلاث، وشاركت في هذا الاجتماع التحاوري، ممثلة البعثة الاممية في العراق. المجتمعون اوصوا بتشكيل لجان فنية وسياسية؛ لوضع خارطة طريق للخروج من الازمة، على ان لا يعقد مجلس البرلمان جلساته الا بعد انتهاء الزيارة الاربعينية اي بعد اكثر من اسبوعين من الآن. في خضم هذه الحوارات دعت الخارجية الامريكية بضرورة ان يتم سماع صوت التيار الصدري. اذا ما تم الاتفاق على خارطة طريق للخروج من هذه الازمة التي مضى عليها ما يقارب السنة؛ اعتقد بانها اي خارطة الطريق هذه؛ ربما، سوف تقود في نهاية الامر الى تشكيل حكومة كاملة الصلاحية، تعد لانتخابات مبكرة.. في مدة لا تتجاوز السنة. انه اذا ما تم تشكيل الحكومة. فأنه، أو ربما، سوف تكون على مسار السيناريو الاكثر ترجيحا؛ تشكيل حكومة كاملة الصلاحية، من المرجح جدا ان يرأساها السيد الكاظمي، بعد اخذ ورد ومخاض؛ يفضي بالنتيجة الى ان يرأسها الكاظمي اي الحكومة المقبلة. تتولى مهمة تعديل الدستور، هذا احتمال ضعيف جدا، اي تعديل الدستور.. لأسباب لامجال في هذا المقال الخوض فيها. وايضا قانون انتخاب جديد والتهيئة لأجراء انتخابات مبكرة في مدة اقصاها سنة. ان هذه الافتراضات قد لا تكون لها وجود، اذا لم يتم اشراك التيار الصدري، او على الاقل ترضيته بطريقة او بأخرى. ان الواقع العراقي، تتجاذب اللعب فيه قوى اقليمية ودولية بطريقة او بأخرى، وعلى الوجه الحصري هناك قوة اقليمية فاعلة جدا، في هذا المأزق تحديدا. ان هذه الازمة معقدة جدا، قد لا يكون الخروج منها او تفكيكها بالأمر السهل، اذا ما اصر البعض من هذه القوى على تصلبها في مواقفها ومتبنياتها الحزبية الذاتية من دون نظر بجدية لمصلحة البلد وحاضره ومستقبله. نأمل ان تتجاوز هذه القوى اجندتها الذاتية وتعمل مع بقية القوى والاحزاب والكتل في تفكيك الازمة واخراج البلد منها..