18 ديسمبر، 2024 8:23 م

العراق في مواجهة البراغماتية الامريكية

العراق في مواجهة البراغماتية الامريكية

لعبت الولايات المتحدة الأمريكية، أقوى الادوار على مسرح العلاقات الدولية منذ اربعينيات القرن الماضي حتى الآن، بحكم الهيمنة الأمريكية الطويلة، التي ازدادت تكريسا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، وغياب قوة عظمى بديلة، وهي هيمنة سيطرت على معظم دوائر القرار في العالم، وأخضعتها.

إنه وقت أو ” زمن الولايات المتحدة” رغم خروج بعض الدول مثل (كوبا، كوريا الشمالية، سوريا، ايران) عن الطوق الأمريكي. وانعكاس ذلك بشكل جلي على منطقة الشرق الأوسط، التي أجبرت على الإستماع الى صوت واحد نشّز في الصراع مع المنطق، ليعمق الجراح، ويأزم الأوضاع، ويوتر الأجواء لعقود طويلة من الزمن.

وفي العراق .. ثمة حقائق ستفرض نفسها في الشهور الباقية من 2020 والعام المقبل.. بعيدا عما يموج به الداخل العراقي من تناقضات كشفت عن بعضها، التظاهرات ومطالب الناس، وأزمة كوفيد 19.

اولها صراع على الوجود؛ يستهدف الكيان العراقي والخارطة السياسية للعراق من جهة … والوضع السياسي العائم لكتل وشخصيات معينة. من الجهة الأخرى.

ازاء ذلك كله سنرى الى العامل الامريكي ( الذي يصنف العراق الى سنّة، شيعة، كرد) وقد اخذ يتحرك بسرعة خارقة عبر الثلاثي ( برهم صالح الكردي – ومصطفى الكاظمي الشيعي وهذان الإثنان عاشا في الولايات المتحدة قبل سقوط النظام السابق عام 2003،) ومحمد الحلبوسي).. والاخير حاز شعبية كبيرة في مناطق السنة ومن المؤكد انه سيتحالف مع الخنجر ويعلنون عن مشروع “الكونفدرالية” وسيعيدون الصحوات لتشكيل جيش للاقليم الجديد، ورصد متابعون تدريبات لمجاميع عراقية في قاعدة عين الأسد، عدا عن تصريحات متوالية لشخصيات سياسية سنية بهذا الشأن.

ويقضي المشروع بضمّ محافظات شمال وغربي البلاد، تحت البند الخامس من الدستور العراقي الجديد، الذي يتيح للمحافظة أو عدة محافظات المطالبة بإقليم إداري ضمن نظام العراق الاتحادي الفيدرالي، على غرار إقليم كردستان.

هذي حقائق اتوقعها ستكون موجودة ارض الواقع العراقي، بالتزامن مع اللغط الذي سينتهي بمخارج معنية بقانون الانتخابات الجديد المتوقع له أن يخدم زعماء كبار، والخاسر الكتل الشيعية اي الوسط والجنوب في حساب الزعامات التي لاتتجاوز ذاتها بالنظر بحدود ارنبة انفها، بالاتفاق مع زعماء اكراد وسنة.

القوة الناعمة الآن موجهة للكتل الشيعية، خاصة بعد الاتفاقالاستراتيجي لرئيس الوزراء السابق “عادل عبد المهدي” مع الصين لانجاز مشاريع البنى التحتية بالتعاقد مع الشركات الصينية الاهلية من خلال الحكومة الصينية التي ترفض دفع عمولات ووجود وسطاء.

واللافت هو توقيت طرح مشروع الإقليم السني مع الدعوات الى إخراج القوات الأميركية، وكأنه مناورة سياسية تستهدف إبقاء القوات الأميركية في حدود الإقليم المفترض.

جملة مؤشرات مرتسمة قبيل قانون الانتخابات الجديد الذي اريد له أن يخدم زعماء كبار، والخاسر هنا الوسط والجنوب الشيعي. أما الشخصيات السياسية الشيعية فأنها، تحسب، بلا شك، على الزعامات التي تخدم نفسها والحلقة الضيقة الحافة بها، بالاتفاق مع زعماء كرد وسنة.

إن مسار القوة الناعمة لإدامة المشروع الأمريكي موجها للكتل الشيعية بالتأكيد، مع توالي محاولات انحسار الدور الإيراني وغياب البديل العربي الناجز، خاصة بعد اتفاق عادل عبد المهدي مع الصين وهي الاتفاقية التي اقترحها عبد المهدي مذ كان وزيراً للنفط في حكومة “العبادي” قبل اربع سنوات، ولكن الأخير لم يسع للمضي بها بسبب ما أسرّ للأول؛ الفائدة العالية المترتبة عليها.

الأذرع الامريكية بدأت تطبق على كل العملية السياسية في العراق. بالتوافق مع السياسة البراغماتية الأمريكية التي تستند الى فلسفة ( الذرائع) التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية . وهذا منطقي وطبيعي، ومتوائم جدا مع خططها، فهي موطنها الأم، (كان الفيلسوف الأمريكي “بيرس” أول من قال بها عام 1878م، وتستند على مبدأ “الغاية تبرر الوسيلة” ) أي تغليب الجانب العملي على النظري منها، وتـتجه نحو الاهتمام “بالنتائج”، فلا تُعنى بالسؤال عن أصل الشيء (حقيقته)، بل عن نتائجه (ثماره)، وتوجه الفكر نحو المستقبل.

ويتضح وجهها الراديكالي في ” نزع الجنسية” عن المجتمع والثقافة وتغيير طابع علاقتنا بالعالمين الاجتماعي والثقافي الذي نعيش فيه بدلاً من مجرد تغيير محتوى الترتيبات والمعتقدات التي يضمانها شيئاً فشيئاً.

مارأيكم بالوضع الإجتماعي والثقافي العراقي بعد عام 2003؟ هل انجزت البراغماتية الأمريكية مهامها!!؟؟