22 ديسمبر، 2024 11:21 م

العراق في مرحلة الخطر …

العراق في مرحلة الخطر …

البنك الدولي اطلق تحذيرا متاخرا جدا عن دخول العراق حالة الخطر نتيجة تراكم ديونه التي بلغت اكثر من “124” مليار دولار وهي في حالة زيادة, ومن المتوقع ان تبلغ العام القادم مايزيد عن “140” مليار دولار.

تأخر البنك الدولي عن اعلان حالة الخطر اسبابه معروفة, فهو مؤسسة استثمارية تستثمر فائض نقدها بخلق الديون, واعلان الخطر المبكر ربما كان سيحث الحكومة العراقية على خفض نسبة اقتراضها بتقشف القطاعات الخدمية والاجتماعية, فالعراق كان يقترض حتى عندما كانت موازناته انفجارية واكبر من طاقة الحكومات على الصرف, وكان من المفترض ان تعلن قبل عام حينما بلغ حجم الديون الى الناتج المحلي 70%, فيما تبلغ مرحلة الخطر للدين العام نسبة 60% من حجم الناتج القومي للدولة (1).

لقد بلغ حجم الناتج القومي للعراق عام 2016 “171.489” مليار دولار, حسب تقديرات البنك الدولي, وهو رقم ضعيف للغاية يدل على تعطل الانتاج وعوامل خلق الثروة, مع تقديرات متشائمة بركود اقتصادي نتيجة التقشف الحكومي لهذا العام بنسبة “6.7%”, وهذا ما سيزيد الخطر بنسبة عالية جدا نتيجة عجز الموازنة التي سدت بالقروض وادت الى زيادة الدين العام وحالة الركود الاقتصادي التي اثرت سلبا على حجم الناتج القومي لهذا العام.

كان يمكن للدين العام أن يكون ذا تأثير إيجابي لو تصرفت الحكومات المتتالية بحكمة مع هذه الاموال من خلال الحصول على أموال إضافية للإستثمار وترسيخ مقومات التنمية الاقتصادية, والدين العام هو وسيلة آمنة لرؤوس الاموال الاجنبية والمحلية للإستثمار ونمو البلاد عن طريق شراء السندات الحكومية.

كما يجذب الدين العام المستثمرين الذين لديهم نفور من المخاطر بما أنه مدعوم من قبل الحكومة نفسها فعندما يتم إستخدام الدين العام بشكل صحيح هذا له تأثير إيجابي على المستوى المعيشي للبلاد, وذلك لأنه يسمح بنشوء مشاريع استثمارية في البلاد لتطوير البنى التحتية وغيرها… وهذا ما يشجع المستثمرين على الإنفاق عوضاً عن الادخار ويعزز النمو الاقتصادي.

ولكن الخطر المحدق في الديون العراقية هو انها لا تستخدم في الاستثمار الانتاجي وفق خطط تنموية فاعلة تساهم في رفد الاقتصاد الوطني , وانما يكون الاقتراض لتوزيع رواتب القطاع العام ولخلق حالة من الترف الفاحش للنخبة السياسية, وهذا ما سيجعل الحكومة العراقية مدمنة على الاقتراض بفوائد عالية وشروط مجحفة وستزداد الديون والفوائد الى الدرجة التي سيعجز فيها العراق عن سداد الديون وستضع فيها المؤسسات المالية العالمية الدائنة يدها على مقدرات الدولة, وسيدفع المواطن البسيط فاتورة ترف وفساد حكامه.

(1) الناتج القومي: هو مجموع القيمة النقدية للسلع والخدمات التي تنتجها الدولة خلال عام واحد.