آهٍ لوجدك يا عراق، إنقلاب يتبعه إنقلاب وحربٌ بعدها حرب وحِصار إلى أن جاء الزوال، ولا زال في قلب المعركة متربعاً، سواء كانت معه بشكل مباشر او مع غيره.
العراق خاض حروب دموية بالنيابة عن الجميع، منها مطلع عقد الثمانينيات، أستنزف فيها المال والرِجال، وسمي من قِبل من تاجر بدماء العراق بحامي البوابة الشرقية، ومنها ما بعد أحداث 2003، قاتل فيها ودافع بالنيابة عن المنطقة والعالم بِأسره أيضاً، في مواجهة الإرهاب التكفيري، الذي رعاه وغذاه أصحاب العقائد المنخرفة بالفِكر والمال والرِجال، ولاقى ما لاقاه لعقدٍ ونيف، من المفخخات والأحزمة الناسفة، التي قطعت أجساد أبناءه إلى أوصال، وكل هذا العالم يتفرج عليه كيف يحترق.. ما من بيت او زقاق مررت به والا وتسمع صوت الحنين والآنين على فقد الأحبة.. أختتم كل هذه الألآم والجراح التي أصابت جسده، تصدى لمواجهة داعش التكفيري الذي استباح الحرمات وسفك الدِماء.
ما من عقد يمر عليه إلا وله نصيب في خوض معركة داخلية كانت أم خارجية.
كذب المنجمون وإن صدقوا، أن حرباً لاحت في الأفق بين إيران وأمريكا، والرابح فيها، من سيكون مع محور امريكا، اما العراق نصيبه سيكون ما بين تلك النارين كما يراه البعض، بسبب وجود مصالح لكلا البلدين في العراق، مما سيؤدي ذلك إلى ضرب تلك المصالح، التي ستكون على شكل حمم الصواريخ تتساقط عليه من كلا الفريقين، إضافة إلى كارثة أقتصادية تهدده في حال نشوب الحرب.. هذا يصرح وآخر يفند وأخر يتحين الفرص ليغتنم ما تخلفه المعركة، في اصل المعركة ليس هنال رابح في المنطقة، بل ستحترق المنطقة برمتها في حال وقعت الواقعة لا قدر الله، هذا في حال حصلت، لكن المعطيات تقول لا وجود لهذه الحرب في الوقت الراهن.
حربٌ إعلامية يقودها بمهارة رجل الأستثمار والمال رئيس البيت الأبيض دونالد ترامب، الذي يفكر في آلية جمع أكبر كم من المال، والتي ستكون عن طريق أبتزاز دول المنطقة، منطلقاً من باب إن إيران تهدد أمن المنطقة، ومن هذا المنطلق على تلك الدول ان تدفع ثمن بقائها على سدة الحكم في دفع فواتير حماية عروشها، وبنفس الوقت عليها ان تتكفل بتكاليف المعركة أن قرعت طبولها كما حصل ذلك في عاصفة الصحراء في تسعينيات القرن الماضي، ومن باب آخر لكسب الشارع للنيل بولاية ثانية لرئاسة البيت الأبيض.. ضربة مُعلم مُحترف عصفورين بحجر واحد.. لهذا تجد إعلام المنطقة الأحمق تماشى مع ما يريده ترامب إعلامياً، لهذا تجده تصدى لتسويق الحرب بالنيابة عن ترامب ضناً في حسم المعركة لصالحه، لايعلم إن النار لا تبقي ولا تذر لمن يعبث فيها.
أنظار المنطقة متجه إلى العراق، في أي محور سيكون، هل مع الجانب الأمريكي أم الإيراني؟ العراق في قلب المعركة شاء ام أبى، لهذا من عادته بعد التجربة السياسية الفتية ما بعد أحداث 2003، رسم لنفسه سياسة الوسطية، مسك العصى من الوسط، وعدم الإنجرار لهذا المحور وذاك، لعدة أسباب منها؛ جرب حضه في خوض حروب الإنابة، في آخر المطاف وجد نفسه وحيداً يلقى مصيره ويضمد جراحه، الحفاظ على التجربة الفتية للعملية السياسية، والحفاظ على عامل النصر الذي حققه على داعش والحفاظ على أقتصاده من الأنهيار في حال نشوب الحرب وانظمامه لهذا المحور أو ذاك، لهذا سيلعب دور الوسيط في تقريب وجهات النظر، وبالدفع نحو السلام، لِينئا بنفسه وبالمنطقة عن لهيب الحرب التي سيخسر فيها الجميع في حال قرعت طبول الحرب.