کثيرة و متباينة هي تلك الاخطار التي تواجه العراق منذ الاحتلال الامريکي للعراق و سقوط النظام السابق، ومن الواضح بأن العراق يسير حاليا بأخطر منعطف يواجهه في العصر الحديث بحيث يهدد وحدة ترابه الوطني و وحدة صف شعبه، والذي يبعث على الحزن و مايشبه اليأس ان الاوضاع تتفاقم سوءا و تزداد تعقيدا خصوصا من حيث توسيع الهوة بين الاطراف المختلفة و إزدياد التناقضات فيما بينها.
التدخلات الاقليمية و الدولية المختلفة في العراق و السعي للعبث بأمنه و إستقراره من أجل تحقيق أجندة و أهداف خاصة بها، تلقي بظلالها بصورة عامة على الاوضاع في العراق و تظهر تأثيراتها بصورة أو بأخرى، لکن بطبيعة الحال هنالك أيضا إختلاف و فروق کبيرة بين حالات التدخل في الشؤون الداخلية للعراق من جانب الدول الاخرى، وکما نعلم جميعا فإن الدور الايراني يحظى بکونه الاقوى و الاکبر و الاوسع في العراق لأنه يمتلك رکائز و مقومات تفتقدها الاطراف الاخرى.
لئن کان إستغلال العامل الديني واردا من قبل بعض الاطراف من أجل تبرير و تسويغ التدخلات في الشؤون الداخلية للعراق، لکن لامراء من الاعتراف بأن إيران قد کان لها قصب السبق في الاستفادة من هذا العامل و نجاحها الکبير في توظيفه وفق سياق يخدم توجهاتها و أهدافها من جهة و يضفي على تدخلها الشرعية المطلوبة من جهة ثانية، وان التدخلات الايرانية التي ظهرت في البداية في أحزاب و جماعات”متعاونة و منسقة و متعاطفة”معها، لکنها وبعد مرور فترات مناسبة قامت بتغيير في نهجها بأن شرعت بتأسيس ميليشيات و جماعات مسلحة بدأ دورها يتعاظم حتى يمکن القول بأنه صار بإمکانها أن تحدد مسار و إتجاه الاوضاع فيما لو إقتضت الضرورة، ومن هذه الزاوية تماما يجب فهم و إستيعاب ماقد أکدته زعيمة المعارضة الايرانية مريم رجوي في بدايات النفوذ الايراني في العراق من إن”نفوذ نظام الملالي في العراق أخطر من القنبلة الذرية مائة مرة”، حيث إن العراق هو الان قاعدة إنطلاق لهذا النفوذ و توسيعه بصورة سرطانية.
خلال الاعوام الاخيرة، حدثت الکثير من التطورات و المستجدات الملفتة للنظر على صعيد الدور الايراني في العراق، ولاسيما من حيث إتساع و تعاظم دور الميليشيات و إزدياد التواجد الايراني نفسه في داخل العراق حيث صارت قضية دخول قوات الحرس الثوري و قادته للعراق أمرا روتينيا، مع ملاحظة الدور المتعاظم أيضا للجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس ليس في توجيه افراد الحرس الثوري المتواجدين في العراق فقط وانما أيضا في قيادة الميليشيات العراقية التي صار عدد أفرادها يزيد على الجيش العراقي، لکن الاهم من ذلك أنه قد أکدت تقارير دقيقة على أن سليماني يقود بنفسه عمليات التطهير ضد سنة العراق، خصوصا ماقد حدث و جرى من عمليات تصفية و إبادة ضدهم في مناطق محافظة ديالى و صلاح الدين، کل ذلك يشير و يؤکد بقوة الدور الاستثنائي لإيران في العراق و الذي تجاوز الحدود المألوفة و يقوم بأداء دور لم يسبق وان تجرأت أية قوة دولية محتلة للعراق على القيام به.
صحيح ان سوريا و لبنان واليمن تعتبر ضمن مناطق النفوذ الخاصة بإيران وان لها أيضا ميليشيات هناك، لکن الامر الذي يجب ملاحظته جيدا أن أي بلد من هذه البلدان لايتم فيه تفعيل و تطبيق المخطط المشبوه الذي يجري تطبيقه حاليا في العراق، خصوصا وإن دور طهران و بعد تصاعد دوري روسيا و ترکيا في سوريا قد تراجع و حتى إن هناك حديث عن تهميشه قياسا للفترات السابقة، ولذلك فإن الاعتقاد الارجح هو إن العراق قد أصبح الان في فوهة مدفع التطرف الديني و الارهاب وقد يصبح بفعل ذلك قاعدة لها مالم يتم تهميش دور طهران و حل الميليشيات العميلة التابعة لها.
[email protected]