السياسة ليست فن الممكن او المستحيل فحسب, انما هي بوابة البقاء او الانهيار,
تدخل في طياتها العوامل والمؤثرات الداخلية والخارجية ,وكذلك طبيعة المجتمعات وبيئتها التراثية او الثقافية ,وعمق المعطيات الواقعية من عادات وتقاليد وافاق علمية وتربوية وفكرية ,وتعتمد احيانا على طبيعة الافراد العاملين في حقل السياسة وعلى طبيعة انتماءاتهم وتوجهاتهم الفكرية والثقافية.
البلدان التي تتعرض الى كوارث غير طبيعية كالحروب والانتكاسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لن تمتلك كفاءات سياسية بديلة عن الحقب المظلمة, لانها خرجت من وحل الركام والتدمير والخراب الشامل,هذا مايحصل في العراق!
البدائل السياسية ركائزها الثقافية والفكرية هشة وغير ناضجة,بل هي نتاج الخلل السياسي والاجتماعي نفسه الذي جلب الى سدة الحكم شراذم الشوارع ابان العهد البعثي السابق.
احد اهم اسباب فشل العملية السياسية في العراق ,تكمن في عقلية البديل وثقافته المضطربة ,اضافة الى التهاون او لعله تخاذل متعمد لاسباب شخصية نفعية في معالجة ملفات ضحايا النظام الصدامي البائد,وتصديق اكذوبة تهميش المكون السني,الذي كان يحكم العراق منذ العهد الملكي وحتى سقوط نظام البعث عام2003
الغريب اننا لم ننتهي من جرد مقابر الشيعة ابان عهد النظام الصدامي الطائفي حتى اضيفت مقابر جديدة اليها تحت عباءة الديمقراطية التوافقية عبر التحالف القذر بين فلول البعث والحركات التكفيرية,
ولحساسية هذا الملف دفع الشيعة المكون الاكبر للمجتمع العراقي مرة اخرى ثمن هذه التنازلات المتكررة امام الاطراف الاخرى المشاركة في العملية السياسية كالاكراد والسنة العرب,ومن هنا لابد ان نقول ان اي حكومة او دولة تخضع لارادة النظام العالمي الحديث تجد حرجا شديدا في التعامل مع الملفات الاجتماعية المتعددة الثقافات والاعراق او الانتماءات الدينية او الطائفية, اللهم الا بورما اصبحت مجازرها العرقية مقبولة ولانعلم لماذا!
اخطاء العملية السياسية هي التي اضاعت هيبة الدولة الجديدة,وكنا نذكر بدايات عهد صدام في الحكم وصعوبة اقناع الناس بان صدام عميل ودكتاتور ومجرم خطير,لانه نجح في التمثيل المصطنع امام الشعب
,واستطاع ان يفرض هيبة الدولة على المواطن العادي سواء كان بالترهيب والترغيب
,اما الوضع الحالي فهو بحق يصدق عليه مقولة دولة المنطقة الخضراء ,فوضى وكارثة حقيقية,
تكلم الناس وتكلم المثقفين والكتاب والاكاديميين ومختلف شرائح المجتمع عن كيفية اصلاح الدولة, وطرق اعادة بناء بناها التحتية,اهملت كل تلك المحاولات الوطنية الجادة,وصار الهم بناء حواجز كونكريتية لكراسي الحكم ,والتفكير بعمولات الصفقات والمشاريع الحكومية,فتحول عمل وزاراتها الى هيكلة المشاريع الشكلية المحالة الى شركات وهمية او نفعية شخصية اي للمسؤول نفسه,اصبح الاقتصاد العراقي الحر كما يسموه يتحكم به سماسرة جهلة اغلبهم لايقرؤون ولايكتبون,واصبح الفساد سرطان ينهش جسد الدولة ويبتز مواطنها المسكين في كل تعاملاته الرسمية,
ويمكن وضع عدة نقاط كانت يمكن ان تحل الكثير من المشاكل وتحمي ارواح العديد من المواطنين لو انتبهت اليها الحكومة :منها على سبيل المثال لاالحصر;
اولا.تسجيل السيارات المختلفة التي تباع وتشترى خلال مدة اقصاها شهر لتلافي ضياع اسم المالك,فكثرة استخدام السيارات في العمليات الارهابية نتيجة لفشل الحكومة في منع بيع وشراء السيارات خارج اطار التسجيل الرسمي في دوائر المرور,ولمعرفة الارهابيين بانه دليل يصعب اثباته
ثانيا.انهاء عملية دمج المليشيات وبقايا اجهزة النظام البائد,والعمل على بناء فيالق جيش جديد من الطاقات الشابة,نحن نعرف عن ماذا نتكلم ولدينا معلومات بالارقام والادلة رتب عالية ليس لديها شهادة الابتدائية
ثالثا.تعطيل بعض مواد الدستور والعمل على تطبيق بعض القوانين من قبل الحكومة كتلك التي منحتهم صلاحية توزيع الاراضي علىالفقراء,بحيث يتم اعتقال اي شخص متهم بقضايا الارهاب دون الالتفات الى موقعة او الحصانة التي يتمتع بها
رابعا.استخدام صلاحيات استثنائية لعزل او طرد او مخاطبة القضاء لاعتقال اي مسؤول بالدولة العراقية دون المرور بتراتبية الاستضافة او الاستجواب البرلماني
حماية ارواح العراقيين واجب شرعي واخلاقي ووطني,والاموال التي تصرف على مايسمى بدائرة او هيئة او مؤسسة المصالحة الوطنية كان الاولى ان تصرف في استخدام تكنولوجيا حديثة لمراقبة شبكات الهاتف النقال ووضع كامرات لمراقبة المناطق الساخنة ومعظم شوارع العاصمة بغداد
يبقى سؤال واحد نخجل ان نطرحه ولكنه مهم قبل ان ينهار العراق بالكامل, نقولها للاخوة السنة العرب امامكم خياران لاثالث لهما
اما الفيدرالية وتكفون عنا شر شراركم وتفكرون بالعيش المشترك الامن في العراق الديمقراطي الجديد,وهو خيار عقلاء القوم وشرفائهم الذين لايبغون مكاسب شخصية او قبلية او حزبية من وراء هذا التوجه,او على الاقل القبول بحلول الادارة الغير مركزية للمحافظات عبر فتح مكاتب للوزارات فيها لقضاء حاجات الناس وقضاياهم,
واما الحرب الداخلية فالمصير هو كما تتحسسون اثاره خلفكم وبجواركم في سوريا, ولن يخرج رابح من هذه الحرب وستكونون اكثر الخاسرين,العمليات الارهابية لم تاتي من فراغ ومن باطن الارض, بل هي من مناطقكم الامنة للارهابيين,هناك دعم مجنون للمجاميع الارهابية بعضه بدافع طائفي موروث من ثقافة النظام البائد ,واخر باع ضميره وشرفه الوطني بدوافع مادية.
ونقول للحكومة العراقية والكتل الشيعية تحديدا ,التي تصر على تذويب وتمييع مطالب جماهيرهم عبر انصافهم بتعويضهم عن حرمان الحقب الماضية ,واحداث توازن اقتصادي وتنموي في المحافظات الجنوبية المضطهدة منذ ولادة الدولة العراقية الحديثة,
ان العدو لم يكتفي بالسيارات المفخخة والاحزمة والعبوات الناسفة ,ويفكر بالاسلحة الكيميائية ,فبماذا انتم تفكرون, وماذا اعددتم للمواجهة غير فكرة الهرب……