تتصارع الجماعات السياسية الشيعية في العراق على منصب “رئيس للوزراء”، لتبيع في المزاد العلني ممتلكاتها السياسية، (التحالف الوطني، الائتلاف الشيعي)، على أمل الخروج من الثقب الأسود، لكنهم على ما يبدو قد حولوا هذا الثقب إلى “بؤرة سوداء”.
1- الحكاية هي أنه لا أحد منهم يفكر الا في نفسه وتياره السياسي. إنهم لا يطيقون بعضهم، ويسعون إلى تقويض الآخر، لكن السياسة لم تكن يوما عملية إقصاء، وإنما تفاعل.
مقتدى الصدر (قائمة سائرون) يريد أن يكون زعيما للتيارات السياسية، وأن ينحني أمامه رئيس الوزراء القادم حتى خصره.
فهذا الأمر يكفي بالنسبة له ويعطيه شعورا جيدا.
عمار الحكيم (تيار الحكمة) يريد أن يكون الوسيط الفعال الوحيد بين الجماعات السياسية والقوى الإقليمية والغربية، حتى ان كل تكتيكاته تركز على هذه القضية.
العبادي (النصر) والعامري (الفتح) يريد كل واحد منهم ان يصبح رئيساً للوزراء، وليس مهما أن يتم ذلك عبر أية وسيلة وأي ثمن.
المالكي (دولة القانون) يحاول الخروج من العزلة وإبراز نفسه، وتصحيح ماضيه.
2- هؤلاء ليس لديهم القدرة على التفاعل الخماسي البيني مع بعضهم البعض، ويتوقون إلى الحصول على حصة أكبر ويتحدثون عن ائتلاف أبعد من الشيعة (الأغلبية) ويسعون إلى تدمير “التحالف الوطني”، والذي يعتبر رأس مالهم الوحيد.
لولا وجود الائتلاف الشيعي، لن تعترف بهم أي قوة في العالم أو في المنطقة، ولن تبدي لهم أي اهتمام.
بدأوا يصدقون إن منصب رئيس الوزراء وهو من حصة الشيعة (كما أن منصب رئيس الجمهورية حصة الأكراد ومنصب رئاسة البرلمان حصة السنة) يجب أن يتم اختياره من قبل جميع الأحزاب والفئات والطوائف، أو أن يرشحوا عددا من الأشخاص وأن يختاروا جميعهم شخصا من بينهم، في بادرة يزعمون انها مناهضة للتفرقة الطائفية، ليتستروا على ضعفهم بشعار رائع ويقوموا بإخفاء الخلافات عن أعين المراقبين. وقد تم الترحيب بهذا المقترح من قبل الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.
3- إن هذا الثقب الأسود لمنصب رئيس الوزراء، قوي لدرجة أنه أسقط العديد من المشاريع، مثل سيناريو الأمريكيين [ائتلاف سائرون والنصر والحكمة]، وخطة عمار الحكيم [ائتلاف الحكمة وسائرون والوطنية والفتح] خلال المراحل المبكرة. لأن العراق الجديد يحتاج إلى الصبر والخطوات القصيرة والتسامح وتحمل البعض، البعض الآخر، لكنهم جميعا يريدون أن يقطعوا مسافة مئة عام بين عشية وضحاها، في الوقت الذي لا يملك فيه أي منهم السلطة اللازمة والإمكانات الكافية.
4- حیدر العبادي يبدو سعيدا لأنه الوحيد الذي تتداول اسمه الألسن لتولي منصب رئيس الوزراء، لكنه ربما لا يعلم ان الكلام عن الطعم الحلو لن يجعل مذاق الفم حلوا ايضا.
هادي العامري في حالة من التيه، حول منصب رئيس الوزراء، ويعمل بطريقة لا يدرك فيها بعد اجتماعه بجماعة (سائرون) وذلك (السفير الأمريكي)، ما الذي حل به وأي بلاء نزل على ما رصيده السياسي، حتى رفيق عمره أصيب بالحيرة إثر ذلك.
عمار الحكیم منشغل فقط في “اللوبي”، متناسيا ان المحادثات كاهي الا أدوات وتكتيكات، وليست أهدافا واستراتيجيات.
مقتدی الصدر، يتباهى فقط بإبراز نفسه والصراع مع أصحاب السلطة، وهذا الأمر لا يغني العراق من جوع ولا يرويه من عطش، ويسعد فقط مواليه ومحبيه في الشارع، كما أنه يجعل الآخرين، يهابوه ويخافوا منه.
نوري المالكي، يعول على الالتزامات الأخلاقية لحلفائه السابقين، إذ لا يريد أن يصدق بأنهم خذلوه وأخذوا يركضون وراء الآخرين ويسهرون الليالي.
بعد كل ذلك، لم يتضح بعد من الذي سيأخذ بأيدي الزعماء الشيعة وينتشلهم من هذا الثقب الأسود، لأنهم رفضوا كل يد مُدَّت إليهم للمساعدة، ويسعون إلى قطع يد هذا وذاك..