الفوضى والأزمات هما العلامة الفارقة للعملية السياسية الفاشلة في العراق، منذ أن تشكلت أول حكومة عراقية بعد الاحتلال الأمريكي الغادر للعراق،وأدخلت هذه الحكومات العراق، في نفق الحرب الأهلية الطائفية ،وكانت المحاصصة الطائفية في الحكم والتي ادخلها المحتل الأمريكي القذر بول بريمر هي إشارة اندلاع هذه الحرب ،بعد أن رفعت إدارة المجرم بوش شعار الفوضى الخلاقة كإحدى وسائل تدمير البلاد وقتل العباد فيه ،وإشعال الحرب الطائفية بين أبنائه وقومياته ومذاهبه وأطيافه الأخرى،وجرى ما جرى تحت أنظار المحتل وحكوماته وأعوانه وأذنابه ،من قتل وتفجيرات وتهجيرات واعتقالات، وبدعم وتخطيط وتسليح مباشر من الاحتلالين الأمريكي والإيراني(ميليشيات طائفية مسلحة بإشراف فيلق القدس والحرس الثوري الإيراني والشركات الأمنية الأمريكية التي بلغ عددها بالمئات (blakwater) ومشتقاتها العاملة في العراق بحجة الحمايات الأمنية )،وهكذا توالدت الحكومات الطائفية وولدت معها أزماتها وفوضاها الخلاقة، ومازالت تستعر وبضراوة اشد منذرة بانفجار يؤدي بالبلاد الى هاوية سحيقة، (هكذا وصف الوضع في العراق مسعود بارزاني وأعضاء من العراقية والتحالف الوطني)،كرد فعل طبيعي على السياسة الفاشلة للعملية السياسية والصراع السلطوي فيها،واليوم العراق يعيش أسوء حالاته في الفساد (النهب والسرقات المنظمة لأموال العراق لكبار مسئولي الأحزاب والحكومة)،(قضية الفساد في التسليح والصفقات الروسية والاوكرانية والجيكية والكندية وقضية فساد البنك المركزي العراق وتداعياته المرعبة التي ستطال كبار السياسيين في حكومة المالكي )،وسوء الخدمات (قضية إلغاء البطاقة التموينية وفساد وزارة التجارة حسب تصريح رئيس الوزراء) والخراب في البنى التحتية للبلد مدارس وشوارع وتوقف المعامل والمصانع وفساد مالي وإداري رهيب في الحكومات المحلية والوزارات ودوائرها في عموم العراق،باختصار شديد لا يوجد اقتصاد وتنمية اقتصادية وسياسة اقتصادية واضحة والتي وصلت الآن الى قاع الخراب الاقتصادي،وفي الوضع الأمني يشهد العراق يوميا انهيارا كارثيا في التفجيرات والاغتيالات والاعتقالات في اغلب محافظات العراق بالرغم من وجود ملايين السيطرات والأجهزة الأمنية المخترقة من قبل الميليشيات والجيش الذي أسسه بريمر على أساس طائفي وادخل فيه مئات الألوف من عناصر الميليشيات الطائفية والتي تسمى الآن (جماعة الدمج)،والذي يفتقد الى المهنية والحرفية والعقائدية والولاء للعراق، وليس للأحزاب الطائفية التي تدير الحكومة بنفس طائفي واضح ،وتمارس أبشع أنواع الإقصاء والتهميش والتعامل الطائفي مع المواطنين(السيطرات ومداهمة البيوت والاعتقالات العشوائية المبنية على أكاذيب المخبر السري اللعين الذي سبب كوارث إنسانية للمواطنين العراقيين بحجة الوشاية والاستهداف الطائفي البغيض،فهل يستقيم الوضع الأمني في ظل هذه الأجواء المشحونة طائفيا وعنصريا ومذهبيا وكيف لا يتفجر ويولد الحرب الأهلية؟،أما الأوضاع السياسية فحكومة المالكي والأحزاب الطائفية والكتل المتصارعة في السلطة والتي تدير العملية السياسية في العراق هي أس البلاء، بسبب خلافاتها وصراعاتها على نهب وسرقة ثروات البلاد والحصول على اكبر قدر من المكاسب والغنائم للحزب والفئة والأقارب والأصدقاء، وليموت الشعب من الجوع والحرمان ويدخل البلد في ستين داهية على قول إخواننا المصريين الأعزاء،الخلافات الآن في اخطر مراحلها ،لانها تحولت من سجال سياسي وتهديدات وتصريحات ،الى تحشيد قوات عسكرية في اغلب مناطق العراق التي تسمى زورا وبهتانا بالمناطق المتنازع على عليها أو المستقطعة ويذهب بعض الساسة من الأحزاب الكردية بالمطالبة الوقحة بضم كركوك الى ما يسمى إقليم كردستان ،وكأن العراق أصبح فريسة تتناهشه الكواسر والضواري والثعالب والضباع،وما إنشاء (قيادة عمليات دجلة ) إلا رد فعل طبيعي على أحلام العصافير التي تحلم بها الأحزاب الكردية في الحصول على اكبر مساحة من الأراضي العراقية لإعلان ( دولة كردستان) منتهزة فرصة ضعف العراق بعد احتلاله ،وقابل هذا العمل إنشاء قيادة عمليات (حمرين من البشمركة)،وهذه كلها إجراءات غير دستورية حسب الدستور البريمري المسخ،وكاد قبلها ان يحصل صدام عسكري في زمار بين الجيش العراقي والبشمركة التي منعت الجيش من دخول زمار لمسك الحدود السورية العراقية ،إذا فكرة التصادم بين هذين الطرفين ممكنة بأية لحظة تدفعها تصريحات وتهديدات من جانب الأحزاب الكردية تحذر فيها حكومة المالكي وجيشه من التقرب من المناطق المسماة متنازع عليها ومن ضمنها كركوك ،وقد دخل على هذا الخط التهديدي جلال طالباني أمس وانتقد المالكي شخصيا على تأسيس قيادة عمليات دجلة ، محذرا إياه من الأخطاء التي يرتكبها المالكي في هذا التصعيد الخطير على حد قول طالباني وأعضاء حزبه ،إذن المسالة لم تعد مسالة خلافات على المناصب واتفاقية اربيل وإنما تعدت ذلك بكثير ،ألا وهو الصدام العسكري المحتمل الأقوى بين الأطراف الكردية التي انفتحت شهيتها لقضم الأراضي العراقية وترسيم الحدود المزعومة ،خاصة بعد فشل طالباني في عقد المؤتمر الوطني وجمع رؤساء الكتل له لحل هذه الأزمات (بسلة واحدة كما يقولون)،هذا هو العراق الآن فوضى سياسية حزبية وطائفية وأزمات خلاقة ،تماما كما اراده الاحتلال الأمريكي وخطط له قبل وبعد غزوه للعراق ………….الم نقل انه على وشك الانهيار..