وسط أجواء متفجرة من التصريحات والتهديدات بين أركان العملية السياسية في العراق، تجري تحضيرات حثيثة لعقد المؤتمر الوطني العراقي ،لنزع فتيل الأزمة السياسية التي تعيشها حكومة المالكي منذ أشهر وأبرزها أزمة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ،التي فتحت باب الصراع على مصراعيه بين دولة القانون وشخص نوري المالكي والقائمة العراقية بشخص إياد علاوي وطارق الهاشمي وصالح المطلك ،ودخول التحالف الكردستاني على خط الصراع بسبب إصراره على عدم تنفيذ أمر إلقاء القبض بحق الهاشمي وتسليمه إلى بغداد المركز للمحاكمة ،والذي صرح فيه التحالف على لساني البرزاني وجلال الطالباني، بأن الهاشمي ( بضيافتنا ) و ( انه خط احمر )، ففي وسط هذا المشهد المتأزم ينظر إلى فرصة عقد المؤتمر الوطني نظرة تشاؤم، وذهب البعض إلى تكهنات فشل هذا المؤتمر بسبب فقدان الأطراف الكردية والقائمة العراقية، الثقة برئيس الوزراء وتنصله عن تنفيذ وعوده في اتفاق اربيل، لذلك أصرت هذه الأطراف على عقد المؤتمر خارج بغداد ( السليمانية او اربيل ) مكانا لانعقاده ،لكي تضمن حضور جميع الأطراف المعنية في الأزمة ،وفي ظل أجواء أكثر هدوءا من صخب بغداد وميلشياتها ،وضغوط أطراف إيرانية على مجريات المؤتمر وقراراته ،إذا ما علمنا من التسريبات الإعلامية أن جهات إيرانية ممثلة بالسفير الإيراني في بغداد تقوم بضغوطات سياسية وإملائية على أطراف التحالف الوطني ودولة القانون ،هدفها إفشال المؤتمر وتأجيج الوضع الداخلي لإشعال اقتتال طائفي، يصب في مصلحة إيران أولا ،وهو ما يشير بذلك إصرار دولة القانون على عقد المؤتمر في بغداد حصرا، والمتابع لمجريات المؤتمر الوطني يرى أن دخول دول إقليمية وتحديدا إيران وتركية ،يزيد من فرص فشل المؤتمر والذهاب إلى خيارات تريدها هذه الدول، مثل انهيار العملية السياسية برمتها والذهاب الى انتخابات مبكرة او الاقتتال الطائفي المرجح والمهيأ إيرانيا ،خاصة بعد دخول حزب الله العراقي وعصائب أهل الحق الى العملية السياسية، دون إلقاء السلاح بمعنى إعطائها الصفة الرسمية والغطاء القانوني ،لتكون اليد الضاربة للحكومة اذا ما احصل انهيار الحكومة والحرب الأهلية ،هذا التخوف له ما يبرره لدى عامة الشعب العراقي فدعوات الأقاليم ( السنية ) في محافظات الانبار ونينوى وصلاح الدين وديالى ،تصب في هذا الاتجاه ،لعدم وجود غطاء امني وعسكري لها يحميها من أجندة الميليشيات الطائفية المسلحة ،التي تدعمها حكومة المالكي وإيران وما دعوة رئيس الوزراء إلى ضم أقضية سامراء وبلد والدجيل إلى محافظة بغداد ،إلا مخطط طائفي مقصود ومنظم ،الهدف منه تكوين حزام طائفي لبغداد ،وهذا ما يرفضه العراقيون ويحاربونه ،وفي هذا السياق نقول إن المؤتمر الوطني الذي ولد ميتا بسبب عدم جدية الأطراف والحكومة بحل أزماتها ،ومحاولاتها إتباع طريق التسقيط السياسي والترهيب والتلويح بتهم (4ارهاب) لشخصيات قيادية في القائمة العراقية ( أسامة النجيفي ورافع العيساوي وغيرهم ) ،جعل من استحالة نجاح مثل هكذا مؤتمر، يفتقد إلى عنصر الثقة المتبادلة والتنازل السياسي وإتباع منطق العقل والحكمة والإيثار، محل الصراع على المناصب والاستحواذ بالسلطة والتفرد بها على حساب الآخرين ،ووصولا إلى ظهور الدكتاتورية الطائفية وإقصاء وتهميش الأغلبية الساحقة من طوائف وأقليات وقوميات العراق، بدعم أمريكي وإيراني واضح لسلطة الدكتاتورية ، أصبح من المؤكد فشل هذا المؤتمر وما تصريح رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ( بأن العراق يسير على مفترق طرق وصولا إلى الحرب الأهلية الطائفية الدموية ) إلا إشارة واضحة على أن العملية السياسية تعيش أيامها الأخيرة وان انهيارها بات مسألة وقت لا أكثر، وان المؤتمر الوطني لا يمتلك عصا سحرية لحل أزمات حكومة المالكي المتجذرة ،والتي أصبحت ذريعة لبقاء حكومة المالكي بالسلطة ،رغم الخلافات العميقة التي بينها وبين أطراف التحالف الوطني نفسه، كخلافات المالكي مع المجلس الإسلامي والتيار الصدري، ناهيك عن صراعه مع العراقية والتحالف الكردستاني والذي لا يبدو له نهاية منظورة … باختصار فرص نجاح المؤتمر الوطني بهذا الشكل ضئيلة جدا إذا لم نقل مستحيلة ..والعراق فعلا على مفترق طرق في ظل تصعيد خطير من إيران في غلق مضيق هرمز واحتمال وقوع حرب عالمية ثالثة في منطقة الخليج العربي وهو ما ترجحه الدوائر الغربية وتعمل عليه إدارة اوباما واسرائيل والدول الغربية منذ أشهر طويلة ،والذي سيضع المنطقة والعالم كله في دائرة حرب ليست لها نهاية،وسيكون البرنامج النووي الإيراني سببا لهذه الحرب الكونية…
[email protected]