23 ديسمبر، 2024 3:57 م

العراق على طريق الخلاص

العراق على طريق الخلاص

يبدو أن ارتفاع درجة حرارة الأحداث الأمنية والسياسية في فصل الملف العراقي الساخن دائماً – الذي لا يخضع لنظام الفصول الأربعة – انعكس ايجاباً على سرعة نضج الطبخات والتفاهمات والاتفاقات بين غالبية القوى السياسية المُمثَّلة في البرلمان العراقي والتي لا توحي مواقفها المعلنة بوجود اتفاقات وتفاهمات في محاولة لتبريد الأجواء الساخنة وتهدئة اللعب من خلال اللغة الدبلوماسية المستخدمة في اعلان المواقف السياسية التي بعثت رسائل متعددة مفادها أن عملية اختيار أسماء الرئاسات الثلاثة ونوابهم تجري في اطار دستوري طبيعي فرضه مسار تطورات الاحداث في العراق ابتدأ من ضغوطات المرجعية الدينية وتأكيداتها المستمرة على ضرورة الالتزام بالتوقيتات الدستورية وتبلور ارادة سياسية جديدة شيعية/ سنية/ كردية رافضة لسياسة فرض الامر الواقع بعد احداث 10/6 وسعي بعض القوى لتسويقها فضلاً عن ضغوطات الغالبية الجماهيرية المتذمرة من استمرار عُرف الصفقات السياسية على حساب المصالح الوطنية والثوابت الدستورية.

فلم يكن انتخاب السيد سليم الجبوري لرئاسة البرلمان العراقي الجديد ووضع شروط لترشح رئيس الجمهورية وصولاً لتكليف رئيس مجلس الوزراء مرشح الكتلة الاكبر سواء كانت التحالف الوطني او ائتلاف دولة القانون وسواء كان السيد المالكي هو المرشح أم غيره لم تكن الا ثمرة لتوافقات فرضتها مستجدات الواقع العراقي وتوجهات غالبية القوى الفائزة أُريد لها أن تظهر بصورة تلقائية كمسار دستوري طبيعي لأجل تهدئة اللعب بعد جولات خشنة وتخفيف سخونة الأجواء والعمل على الحد من توسع نيران الساحات العراقية المشتعلة واحتواء تصعيدات الخصوم الداخلية وامتصاص حدة مواقف الاعداء الخارجيين واستيعاب ضغوطاتهم السياسية وحملاتهم الاعلامية.

الاتفاق على الخروج من مأزق تسمية الرئاسات الثلاث لن يكفي بالتأكيد لفك العقد المتشابكة في المشهد السياسي ولن ينجح في معالجة كل الاشكاليات او اصلاح جدران العملية السياسية المتصدعة فحجم الخلافات كبير وتفرع خطوط الصراعات مستمر وتوسع دائرتها مازال قائماً وتداخل المواقف الداخلية بالخارجية صعّب مهمة الخروج بحلول حقيقية.

المشروع الامريكي نجح في نصب الفخاخ للعملية السياسية حينما عمل على تأسيسها وفق نظام المحاصصة الطائفية والسياسية الذي تحول الى واقع مخاصمة ومغاصصة وحوّل شعارات ودعاوى الشراكة الى شِراك لتجمع الديمقراطية الاميركية في العراق الاخوة الاعداء في خلطة هجينة انعكست على حكومات ما بعد عام 2003 التي أعاق بعض اجزائها عملها ووضعوا العصي في عجلتها واجتهدوا في تأويل مفرداتها الدستورية حكومات كان صعباً تشكيلها ودوامها وسهلاً تفكيكها والانسحاب منها ما ادى الى شلل في التنفيذ وتعثر في الاداء ساهم الفساد المالي والاداري في استمراره وتعميقه لينعكس على السياسة الخارجية للبلد التي غابت عنها الرؤية وانعدمت البوصلة.

الازمات والمشاكل الواقعية المستجدة لا يمكن قراءتها بمعزل عن الازمات والمشاكل التي رافقت المشهد العراقي وتعقيداتها المتلاحقة والمزمنة التي يئن منها العراق وتراكمها الكمي والنوعي ادى الى ما ادى اليه مؤخراً والمعالجة حتمية والا فالبلد مهدد بالتقسيم ما يستدعي الانطلاق من رؤية متكاملة تستند الى مراجعة شاملة لمسار العملية السياسية بإرادة وطنية حازمة تضع نقاط الحلول على حروف الازمات العراقية الامر الوحيد الذي قد يضع العراق على اعتاب مرحلة جديدة.