23 ديسمبر، 2024 4:01 م

العراق طارد للعقول…وشباب لقوا حتفهم غرقا…!

العراق طارد للعقول…وشباب لقوا حتفهم غرقا…!

معاناة يعيشها الشباب العراقي في مواجهة الفقر والارهاب والظلم وغيرها دون ان تظهر الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 2003  على معالجة ظاهرة الفقر والبطالة وتشغيل العاطلين.
تراكمات الفساد والطائفية التي تزكم الانوف جعلت العراق من اسوء بلدان العالم ففاحت رائحة الفساد وغمرت الشعب والوطن والعالم , وان ربع الشعب العراقي تحت مستوى خط الفقر وخيرة الشباب العراقي من الخريجين وحملة الشهادات يعانون البطالة والفقر والعوز تراهم يعملون عمالا للبناء واخرين يفترشون الارصفة لبيع ما يسد بعض رمق العيش الرغيد.
البطالة وانعدام حرية الراي والقوانين المجحفة الذي وفرتها المحاصصة الطائفية التي تميز بين الشباب الذي يصنع الامجاد والتقدم والرقي وهو ثروة البلاد البشرية التي تحرك “الثورة الصناعية ” في المصانع والمعامل والشركات التي هي اساس الصناعة الوطنية, واصبحت البيئة العراقية في وصفها الراهن طاردة للعقول…اذ ليس فيها اي تشجيع او دعم للشباب على ان يطوروا ويبتكروا.
الهجرة بمعناها المتداول هي الانتقال من دولة نامية ذات امكانات وفرص عمل ضعيفة الى دولة اخرى اكثر تطورا وانفتاحا وتتوافر فيها قدرات العمل لمستوى معيشي مرتفع يفتقدها الشباب المهاجر في بلده.
ان انعدام العدالة في توفير الفرص الشاغرة  في الدوائر والمؤسسات بسبب الانتماءات الدينية والطائفية والعرقية والاثنية والمحسوبية والمنسوبية, ونتيجة الظروف الاجتماعية المزرية وفرص العمل المعدومة وثقل مصاريف وتكلفة الزواج وارتفاع اسعار الايجارات التي تصل احيانا الى المليون دينار وبمجل تلك الظروف يستحيل تحقيق احلام هؤلاء الشباب في العراق .
ان زيادة معدلات الهجرة غير المشروعة وخاصة من الشباب كونها تؤثر على مستقبل البلاد, وعلى الحكومة العراقية والبرلمان ضرورة وضع الخطط الكفيلة باستقطاب الطاقات الشبابية وتوفير فرص العيش الكريم واعادة شركات ومعامل التصنيع العسكري وانشاء المصانع الثقيلة للحديد والصلب والسيارات وبناء المجمعات السكنية والاهتمام بقطاع الزراعة وتربية الاسماك والدواجن والعجول ومعامل التعليب والالبان  وغيرها…لاستقطاب هؤلاء الشباب لضمان المستقبل  في تطور البلاد, ولكن يجري العكس من ذلك في اهمال تلك الثروة البشرية الهائلة وتاخر البلاد , مما يدفع الشباب للمجازفة والمخاطرة في السفر عبر غابات وبحار مشيا وسباحة , مما يتعرض البعض منهم للغرق في بعض البحار وغرق بعض العبارات التي يستغلها المهربون بجشعهم وطمعهم على حساب قواعد الامان.
ويذكر ان سفن الاتحاد الاوربي في المتوسط تحتجز احيانا بعض السفن المستخدمة في تهريب المهاجرين غير الشرعيين عن طريق مصر او تركيا او ليبيا حيث تحول البحر المتوسط الى مقبرة للمهاجرين, وهناك سياسة جديدة لوقف الهجرة غير الشرعية الى اوربا هي الاستعانة بقراصنة لاغراق سفن المهاجرين او هي ما فيا بحرية جديدة تاخذ رسوم التهريب التي تصل احيانا الى 10000 عشرة الآف دولار وثم اغراقهم في البحر حتى لا يتم القاء القبض عليهم…فالمهربين قذرين لا دين ولا اخلاق لهم ,وتعتبر ايطاليا اكثر البلدان استقطابا للمهاجرين غير الشرعيين .
وقد التقيت بمجموعة من الشباب في منطقة شعبية اسمها” اقسراي ” في استمبول تشبه في طبيعتها الباب الشرقي وهم يستعدون للسفروانتظار المهرب عن طريق بحر مرمرة ثم تهريبهم الى بحر ايجة الذي يربط السواحل اليونانية بمضيق الدردنيل ووصولهم الى اليونان وتسليم انفسهم للشرطة وبعدها الافراج عنهم واعطائهم خريطة وتصريح بالسفر لباقي دول اوربا ,وقال لي شاب يافع يحمل شهادة البكالوريوس لغات باللهجة العراقية الدارجة (ملينه استاد من العراق وطائفيته خلي نغرق وخلي نموت احسن من الموت البطيء في العراق), هذه اجوبة الشباب العراقي المهاجر لها مرارة والم وحسرة في عراق لا يستطيع ايواء شبابه الشارد الهارب المهاجر .
وهناك تقرير لمنظمة الهجرة الدولية ان اكثر من 600 من العراقيين المهاجرين غير الشرعيين لقو حتفهم غرقا خلال تلك السنين المنصرمة, وكل هذه المخاطر والمجازفات لم يتوقف تدفق اللاجئين العراقيين بالطرق غير الشرعية بحثا عن كرامتهم وعيشهم الكريم رغم معرفتهم ان فرص الموت مثلا او حتى الاعتقال ليست بقليلة وربما تصل الى نسبة 90%.
وجدير بالذكر ان كثير من طالبي اللجوء الانساني ايام الحرب الطائفية في العراق والذين كانوا يقيمون في سوريا ولبنان ومصر والاردن قد اجروا مقابلات خاصة في منظمة الهجرة الدولية التي تتبع الى منظمة الامم المتحدة (UN) والتي تسمى  IOM)) ,وكانت الهجرة الى ثمانية دول اوربية بضمنها استراليا والاخرى الى الولايات المتحدة الامريكية.
وسؤالنا الى الحكومة العراقية ..هؤلاء الشباب العاطل المهاجرماهو ذنبهم..؟
لقد امضوا سني حياتهم في الدراسة والانهماك في نهل العلوم….وتحمل اباؤهم اكثر ما يمكن ان يتحملوه من النفقات والتضحيات في سبيل تعليمهم وتثقيفهم.
فاذا هم اليوم, وبعد ان غادروا معاهدهم وكلياتهم, يهيم معظمهم في الطرقات او يملأون المقاهي والساحات او يركضون ساعين من رصيف الى رصيف املا في الحصول على لقمة عيش او وظيفة فلا تلبث حتى يظفر بها احد الطائفيين من الاحزاب الحاكمة ومن الاخصاء, وحينئذ يتلاشى امامهم فيها كل امل او مجرد ضوء في نهاية النفق وكانها حلم من الاحلام…وبالتالي انهم في صراع الحياة نحو الحياة الى صراع الموت الاقرب الى ” جنة اوربا “…………….!!