17 نوفمبر، 2024 4:40 م
Search
Close this search box.

العراق ….ضياع التكليف بين المماطلة والتسويف

العراق ….ضياع التكليف بين المماطلة والتسويف

لقد كان لتكليف الدكتور محمد توفيق علاوي بتشكيل الوزارة العراقية من قبل الرئيس برهم صالح متوقعة ومحسومة لا لشخص علاوي الذي نكن له الاحترام والتقدير لقبوله المهمة المعقدة هذه ، انما لاي شخص اخر فيه من الشاكلة للهروب من الضغط الجماهيري ولبعده عن العملية السياسية كونه مستقل ولا يوجد من يقف الى جانبة وجعلتنا نشعر بأن الدوران في حلقة مفرغة مرسومة بالفعل ومقصودة وللتحسس اكثر بأننا لا نستطيع الخروج من عنق الزجاجة الا بفرض من تراه القوى السياسية مناسباً منهم وهي جزء من طبخة معدة بدقة لاستمرار قتل الوقت والعيش وسط الطلاطمات الممتدة من المناكفات والصراعات الحالية في العراق قد يصله ليصبح بلا هُويّة وطنيّة جامعة مُوحّدة، وإنّما فُسيفساء من الانتماءات الطائفيّة المُتناحرة، حيث الولاء المُطلق للاحزاب وللطّوائف وليس للوطن وتضاف لها فكرة الاقاليم التي تثار بين حين واخر كورقة ضاغطة ، الأمر الذي يلغي كُل مفاهيم السيادة والكرامة الوطنيّة وفتح الباب على مِصراعيه للانكسار والتأخر والانحلال وثم محو قدرة الدولة نهائياً ليسهل نهبها. بعد ان اصبح هدفاً مدمراً من قبل الاعداء نظراً لمكونه الثقافي والحضاري ولمكانته وطاقاته الهائلة المخزونة و جغرافيا هو مركز الشرق الأوسط . السيطرة عليه تعني السيطرة على قلب الشرق الأوسط ،” جغرافيا وعسكريا وحضاريا ” و تبين بسرعة أن امريكا والحركة الصهيونية غير معنيين بالديمقراطية ولا بهذا المجتمع انما يهمهما الان الاستيلاء على خيراته النفطية وضرب مقدراته العلمية وعقوله الواعية وإضعافه كفاعل في المنطقة، ولا علاقة لها بمصالح البلاد العليا ولا بهيبة الدولة أو الحكومة الحالية او مجلس النواب التي لا تحتكم في قراراته في مجملها القانون والدستور انما الاتفاقات البينية والمصالح الكتلوية والعراق الجريح منذ خمسينيات القرن الماضي و لا يزال ينزف دماً .

ويأتي نزيفه المذل الاعظم بعدعام 2003 وزوال اخردكتاتورية الى الديمقراطية ” المشلولة “هذه المرة والقضاء على احلامه بسبب بني جلدته والتقاتل بين ابنائه واللجوء الى اساليب الصراع المفتعل والمكشوف واللوم والاتهامات فيما بين والتسويف والمماطلة واخرها تكليف شخصية مناسبة لرئاسة مجلس الوزراء والتظاهر بصعوبة ايجاد الرجل المناسب لها التكليف كأنه خلا من العقول والكفاءات والقدرات التي تستطيع ادارة الحكومة وبالتي لا نعرف من هوالصالح ومن هو الطالح و الفاسد ومن هو السالم والنزيه ومن هو معه ومن هو ضده و يجعل كل من في العملية السياسية في دوامة الاتهام بكونه يتردد لتهدئة الشارع الملتهب بهذه الاساليب وان الاحتجاجات بمجملها سلباً وايجاباً وبعيداً عن ممارسات الصواب والخطاء فيها تجمع بين العقول ذات الايلوجيات والاهداف المختلفة والبطون الخاوية في آنٍ واحد على الرغم من ترجيح هذه الأخيرة التي تطالب بتعزيز المعيشة، وتوفير الخدمات، وإيجاد فرص العمل للمتظاهرين الشباب الذين ضحّوا بالغالي والنفيس لكن قِطاف ثورتهم قد تذهب إلى سلّة جهات اخرى لم يشتركوا في الثورات والاحتجاجات إلا بنسبٍ ضئيلة والنظر اليها من ثقب الباب ، ولاشك من ان العراق اليوم يحتاج اكثر من اي وقت مضى الى قلوب آمنت بوحدة المصير ، ووحدة الدم والهدف والآمال ، وحتى الآلام ، فما يصيب أيّ مكون او انسان في المجتمع تتداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى ، فوا أسفاه ، فقد آلت تلك الآمال إلى انحدار ، ولم تعد الوحدة غاية واصبحت بعيدة المنال ، والحكومة أصبحت مستحيلة الحدوث في الظروف الراهنة ، وبات الحد الأدنى الذي يتطلع إليه الشعب هو بقاء دولته وان لا يتفكك إلى كنتونات واقاليم قومية ومذهبية تحسبها دولاً وهي ليست إلا كثرة عددية لا تًسمن ولا تغني ، طالما بقيت الفرقة والتشرذم هو الحال الذي عليه .
وفي ظل مجريات هذه الأحداث التي تتطور بين يوم واخر تجعل معظم الأطراف مدعاة للتندر في ظل مسألة التأخير لتكليف شخص لرئاسة مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة خلال اشهر طويلة وتحويلها الى معضلة لا اول فيها ولا اخر مقصودة و كان يكفي بعض الضغوط البسيطة على قادة الاطراف المتنازعة لكي يضطروا للاتفاق والموافقة على تولد الحكومة المناسبة. لكنهم تنقصهم الحيادية والمصالح العليا للبلد وغياب من يلعب دور الاب الناصح الطيب الذي يمتلك سلطة حاسمة ازاء هذه الضغوط ومنها الاعتراف من البعض بانهم لم يأتوا لبناء الدولة انما العمل من اجل ان تبقى الامور مشلولة و لا يقوم للعراق واهلة القيام وان يدوم ضعف الدولة ويفقد العراقيين ثقتهم بنخبهم وقادتهم ويدعم شعورهم الطفولي بأنهم بحاجة للدور االخارجي الحامي “لأمن البلاد” و ما يغفل عنه المسؤولون أن الانتفاضة تزداد لهيباً يوما بعد يوم و ثورة الشعب ستتواصل وتتسع يوما بعد يوم حتى اذا لم يتم حل الامور وتحقيق المطالب وبشرط ابعادها عن الايدي الخفية العبثية التي تريد ركوب الموجة والمحافظة على السلمية ، وان تعثرت بعض الوقت ولكنها ستنتصر في أخر المطاف وسيقول الشعب كلمته بحق من سرق ثروته وسعادته ورخائه وأمنه بمشاركة كافة الشرائح والاطياف والنخب العراقية قولا وعملا وهي قابلة للتوسع وقد ينفرط العقد وتزداد الامور سوءاً و سوف تقع المسؤولية على كاهل ابنائه الشرفاء لدرء الخطر عنه بالخروج الى الشارع عن بكرة ابيهم لتغيير الوجوه العبثة بمصير الامة وإلأ كيف يا ترى يمكن بناء دولة يتم تدميرها بطريقة فوضوية مدروسة وعلى مراحل و من قبل بعض الجهات و كيف يمكن تسهيل إعادة بنائها في ظل صراع الإرادات العنيفة هذه وحتى اللامسؤولة والضغوطات الهائلة داخليا وإقليميا ودوليا؟ كيف يمكن محاربة الفساد والمفسدين وتعديل الدستور وإصلاح مؤسسات الدولة والمسؤول يخاف على نفسه ؟ ؟وكيف يمكن بناء اقتصاد مدمر وتقديم الخدمات لشعب يئن تحت سطوة واقع مرير ومخلفات حكومات متعاقبة لم ترحم الشعب بكل ما يعنيه من ظلم وما لهذه الكلمة من معنى وقبح؟ كيف يمكن ضمان أمن الناس وتخليص البلاد من المعاناة والضغوط النفسية ؟ ولا يزال المواطن يشعر بمزيد من الاستياء من استمرار الوجود الأميركي في البلاد وتدخله السافر في الشأن الداخلي في المطالبة بالاستجابة لانبعاث الحكومة ومحاولة فرض ارادتها في تنسيب من تريد لرئاسة الحكومة والتي بدونها لا يمكن التعجيل بإعادة اعمار البلاد ونهوضه وفي اعتماد القرار الوطني في تحقيق ذلك ؟ كيف يستطيع العراق مواجهة التحديات الإقليمية من كل جانب و من كل صوب وحدب طالما بقي البعض من السياسيين يتقاتلون ويتسابقون فيما بينهم لتقسيم المنافع والحفاظ على الكراسي بطرق ملتوية من الاساليب ولا يؤثر عليهم تضوع الشعب من الجوع والفقر والمعاناة .

أحدث المقالات